خبراء: تنسيق الجزائر وتونس يكبل أطماع أردوغان بليبيا
خبراء يكشفون لـ"العين الإخبارية" أهمية التنسيق الجزائري التونسي لحل أزمة ليبيا وكيف عملا على تقليص أطماع ونفوذ تركيا في المنطقة.
أكد خبراء بأن تحرك الدبلوماسيتين الجزائرية والتونسية لإيجاد مخرج سلمي لأزمة جارتهما المشتركة ليبيا خلط أوراق أجندة النظام التركي وحد من أطماعه في المنطقة، وعلى أهمية وضع مصر خطا أحمر لها.
وشدد خبراء جزائريون وتونسيون في تصريحات متفرقة لـ"العين الإخبارية" على أن حديث البلدين عن "تنسيق مصيري مشترك" بينهما يعكس فهم البلدين لخطورة ما يحاك ضد ليبيا وكل المنطقة من قبل تركيا والإخوان.
وأوضحوا أن مواقف البلدين "المتطابقة" في رفض التدخلات العسكرية الأجنبية ورفضهما الانسياق وراء مغامرات أردوغان "كبلت أطماعه" وزادت من عزلته إقليمياً ودولياً.
- تنسيق جزائري تونسي "مصيري" لإنهاء التدخلات بليبيا
- تبون: "الوفاق" لم تعد تمثل الليبيين ويجب انتخاب مجلس رئاسي جديد
واتفقت الجزائر وتونس على طرح مبادرة سلام بين الفرقاء الليبيين يتم خلالها إشراك جميع الأطراف دون الكشف عن تفاصيلها.
وكانت عدة نقاط محط توافق بينهما عقب تنشيط محور تونس – الجزائر بزيارات رفيعة المستوى، كان خلالها ملف الأزمة الليبية على رأس أجندتها.
تهديد تركي مباشر
الكاتب والباحث التونسي رياض الصيداوي اعتبر في تصريح لـ"العين الإخبارية" بأن ما يحدث في ليبيا ينعكس مباشرة على الأمن الداخلي التونسي والجزائري، مشيراً في السياق إلى أنهما "ينظران بعين الريبة للتدخل العسكري التركي في ليبيا".
وأضاف بأن "ما نلاحظه أن هناك توافقاً تاماً بين الرئيسين عبد المجيد تبون وقيس سعيد، أي حل ليبي – ليبي دون تدخلات خارجية، وأكبر تدخل عسكري خارجي الآن هو التركي، ثم حل سياسي دائم يجمع بين كل الفرقاء الليبيين"، مشددا على أن التدخل التركي غير شرعي "ولم يمر عبر مجلس الأمن والفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة".
وتابع: "هناك حشداً كبيرة حول سرت، وإذا ما اندلعت معركة هناك ستصبح حرباً إقليمية كبرى بإمكانها أن تهدد أمن تونس والجزائر وكل دول المنطقة خاصة أن الأتراك جلبوا معهم أكثر من 16 ألف مرتزق وداعشي ".
أطماع النفط تهدد السلام
واعتبر صيداوي، وهو مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية في جنيف، أن "أردوغان لا يريد أن ينشر الحرية والديمقراطية في ليبيا، بل كل ما يريده هو النفط وأغلبية ثرواته النفطية التي تقع ما بعد سرت في شرق البلاد وتحت سيطرة الجيش الوطني الليبي، وهناك مخاوف جدية من أن أردوغان يريد هذه الحرب بأي شيء كان لأنه لم يحصل على ما يرغب فيه وهو الوصول إلى مصادر الطاقة في ليبيا".
ويرى الباحث التونسي أن "الحل السحري قد يكون في المبادرة الجزائرية التونسية لجمع الفرقاء الليبيين، لكن حسب رأيي لن تنجح هذه المبادرة إلا بعد أن يتخلص فايز السراج من التأثير والتواجد التركي، كما الأتراك لن يقبلوا الآن بحل سلمي دائم، لأنهم لم يصلوا بعد إلى هدفهم وهو النفط".
واعتبر بأن أكبر عائق أمام المبادرة الجزائرية التونسية لحل الأزمة الليبية "اصطدامها بأطماع أردوغان البترولية"، ونوه في المقابل بأن تلك المبادرة "تبقى فرضة ثمينة جداً لليبيين ليخرجوا من دوامة الحرب وأن يتجنبوا معركة سرت، والتي تخفي حرب استنزاف طويلة المدى".
تكبيل أطماع أردوغان
أشار مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية في جنيف إلى الدور الذي لعبته الجزائر وتونس في "تكبيل أطماع أردوغان بالمنطقة".
ولخصها في رفض البلدين إقامة قواعد عسكرية تركية على أراضيها أو تقديمها أي نوع من أنواع الدعم العسكري لتركيا في ليبيا وإصرارهما على الحل السياسي ورفض العسكري، وهو ما دفع "التنظيم العالمي للإخوان المرتبط بأنقرة لشن هجوم شرس على الرئيسين الجزائري والتونسي".
مرجعاً ذلك إلى "خيبة الأمل التي أصيب بها أردوغان نتيجة موقف الجزائر وتونس بعد أن كان يعول كثيراً على انسياقهما وراء أطماعه، ورفضا تلبية رغبته في أن يصبح سلطاناً في منطقة المغرب العربي".
خط مصر الأحمر.. طوق نجاة
في المقابل، شدد الخبير الأمني الجزائري أحمد كروش على أهمية الدور الذي تعلبه مصر لإنقاذ ليبيا "من براثن الاستعمار التركي الإخواني".
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" على أنه "لولا التدخل المصري ووضع الرئيس عبد الفتاح السيسي لخط أحمر داخل ليبيا وهو خط الجفرة – سرت لمنع تقدم القوات التركية لما أصبحت كل الدول الفاعلة تتحدث عن حلول للأزمة الليبية".
واستطرد قائلاً: "هذا التدخل والموقف المصري الحازم أدى إلى خلق توازن القوى داخل ليبيا الذي يدفع الأطراف إلى التفاوض، ولا أحد يدرك عاقبة مصير الدخول في حرب شاملة".
مضيفاً أن "مصر تملك عدة امتيازات استراتيجية لهذا شاهدنا كيف لجمت تركيا قواتها ومرتزقتها، ولو وقعت حرب على أرض ليبيا فإن ارتداداتها ستكون على كل دول المنطقة".
وأشار إلى أن دولة مالي هي "اليوم بمثابة النموذج الواضح في تأثير الأزمة الليبية على المنطقة والتي تضررت مباشرة بعد سقوط نظام معمر القذافي".
قنابل موقوتة
شدد الخبير الأمني الجزائري على أن الخطر الأكبر هو "المجموعات الإرهابية متعددة الجنسيات التي جاءت بها تركيا من شمال سوريا، ونعرف أن العنصر التونسي الذي كان منتمياً لتنظيميات القاعدة والنصرة وداعش الإرهابيين في سوريا والعراق هو الأكبر عدداً بين كل الجنسيات العربية، وإذا ما تم جمع هذا العنصر في ليبيا ستكون الكارثة أكبر على تونس وعلى كل المنطقة".