شافية بوذراع.. أم الجزائريين تعاصر كل ألوان السينما
"زلزال بقوة شافية بوذراع" يضرب الساحة الفنية الجزائرية "في مقتل"، ويسقط دموع من لقبوها بـ"أم الجزائريين".
واهتزت الساحة الفنية الجزائرية، مساء الأحد، على خبر وفاة أيقونة السينما الجزائرية وأحد أكبر وأقدم أعمدتها الفنانة شافية بوذراع، عن عمر ناهز 92 عاماً، بعد صراع طويل جدا مع المرض.
- وفاة أيقونة السينما الجزائرية شافية بوذراع عن عمر 92 سنة
- أحمد بن عيسى.. رحيل أسطورة الفن الجزائري في "كان"
وذكرت مصادر إعلامية محلية، بأن جنازة الفنانة الراحلة ستقام بعد صلاة المغرب بالتوقيت المحلي الجزائري.
سيرة دولة
عند الحديث عن المشوار الفني للفنانة الراحلة شافية بوذراع، فإن ذلك يقود إلى سرد سيرة بلد بأكمله، فهي الفنانة التي عاصرت جميع رؤساء الجزائر، بل عاصرت فترة الاحتلال الفرنسي، وكانت من الشهود على ما اقترفه ضد هذا الشعب العربي، وجسدته في بعض أعمالها السينمائية والمسرحية.
الراحلة شافية بوذراع، عاصرت أيضا كبار الفنانين والمخرجين الجزائريين الذين صنعت معهم مجد السينما الجزائرية، وباتت تلقب أيضا بـ"أسطورة السينما الجزائرية".
الفنانة الجزائرية شافية بوذراع ممثلة سينمائية ومسرحية، أصلها من محافظة قسنطينة الواقعة شرقي الجزائر، ولدت بها في 22 أبريل/نيسان عام 1930.
عرفها الجمهور الجزائري ببساطتها وتواضعها حنانها، من خلال الأدوار التي أدتها والتي يؤكد العارفون بها بأنها "إسقاط تام لشخصيتها الطيبة".
شافية بوذراع حياتها لم تكن سهلة كما اعتقد البعض، فقد عاشت حياة صعبة جدا بعد رحيل زوجها الذي استشهد في الثورة التحريرية الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، وتكبدت معها معاناة المرأة، وكابدت معها حياة تربية أبنائها وأن تكون لهم "الأب والأم معا".
كان لذلك الأثر البالغ في مشوارها المهني وفي الأدوار التي أدتها، خصوصا دور "لالا عيني" في مسلسل الحريق للمخرج الراحل مصطفى بديع عام 1974.
ومن يقول شافية بوذراع يتذكر مباشرة دور "لالا عيني" الذي كان من أشهر أدوارها، وهو الفيلم الذي تناول مراحل الاحتلال الفرنسي للجزائر قبل الحرب العالمية الثانية، وكانت شافية بوذراع "الممثلة الوحيدة بين جميع الطاقم التمثيلي"، كون بقية الممثلين تم اختيارهم من قبل المخرج من الهواة.
في هذا العمل الدرامي، جسدت الراحلة "الصورة النموذجية للمرأة الجزائرية في كفاحها ونضالها ضد الحرمات والجهل والفقر، وتعذيب الاستعمار الفرنسي، وهو ما قارب ما عاشته في حياتها بعد وفاة زوجها.
وعرف عنها خفة دمها أثناء كواليس التصوير رغم الصرامة التي كانت تبدو على وجهها خلال أدوارها السينمائية.
ويؤكد العارفون بمسارها الفني، بأن الفنانة الراحلة شافية بوذراع شقت طريق نجوميتها بصعوبة كبيرة جدا، في الوقت الذي كان "فيه صوت المرأة عورة ودخول السينما مرادفاً للفسق" وفق النقاد.
وعلى مدار 47 عاماً، تقمصت شافية بوذراع الكثير من الأدوار التي تنقلت من خلالها بين السينما والتلفزيون والمسرح، والذي بدأته من المسرح الجهوي لمحافظة قسنطينة، كما قدمت بإذاعة قسنطينة مسلسلا إذاعياً بعوان "الهزي" في ستينيات القرن الماضي.
أما أول عمل لها فكان شخصية "حرية" للمخرج مهداوي في الستينيات أيضا، أما انطلاقتها في المسرح فكانت على يد المخرج مصطفى كاتب في عدة أدوار بينها مسرحية "دائرة الطباشير القوقازي" و"المرأة المتمردة".
"ومن بين أشهر أعمالها السينمائية يوجد فيلم "كحلة وبيضاء" للمخرج عبد الرحمن بوقمروح عام 1981، و"مال وطني" للمخرجة فاطمة بلحاج، و"شاي بالنعناع" لعبد الكريم بهلول.
أما آخر أعمالها فكان "الخارجون عن القانون" عام 2010 للمخرج العالمي رشيد بوشارب رشح لنيل جائزة الأوسكار وشارك في مهرجان "كان".
وفي 2018، خضعت الفنانة شافية بوذراع لعملية جراحية دقيقة بعد سقوطها خلال تكريمها بسلطنة عمان وإصابتها بكسر على مستوى الفخذ.