المعارضة الجزائرية تستبدل خطاب مخاوف التزوير إلى التحذير من العزوف
قادة أحزاب المعارضة الجزائرية يتخوفون من العزوف الشعبي عن المشاركة في الانتخابات النيابية المقررة الخميس المقبل
مع دخول السلطة والأحزاب في الجزائر مرحلة الصمت الانتخابي عقب اغلاق بورصة الوعود الانتخابية يوم أمس استعدادا للانتخابات النيابية المقررة الخميس المقبل، لاحظ عدد من المتابعين للحملة الإنتخابية، أن خطاب قادة الأحزاب المعارضة المشاركة في هذا الموعد الانتخابي يختلف بشكل لافت عن الخطاب المستعمل في كل الانتخابات التي شهدتها الجزائر منذ إقرار التعددية الحزبية والسياسية في دستور 1989.
وإن كانت لغة الخوف والتخويف لازالت الورقة المفضلة لمختلف الأحزاب، إلا أن الخوف والتخويف هذه المرة في خطابات قادة الأحزاب المعارضة يكمن في تحذيرهم الجزائريين من خطورة عزوف انتخابي واسع، لدرجة بات الخطاب السابق المتعلق بالتزوير وحسم الانتخابات مسبقا غير موجود، ومنهم من ذهب إلى حد القول "إنه يملك ضمانات ومعلومات دقيقة على شفافية الاقتراع المقبل، وأن الانتخابات القادمة ستكون أول انتخابات نزيهة وشفافة في تاريخ البلاد".
أحزاب المعارضة ومنذ بدء الحملة الانتخابية ركزت جهودها على دعوة المواطنين لضرورة المشاركة بقوة، وأن فكرة تطليق صناديق الاقتراع والسياسة سيعود بنتائج وخيمة في المستقبل القريب، مركزين في ذات الوقت على الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الجزائر، من خلال إعطاء وعود بإيجاد حلول لها والمساهمة في بناء اقتصاد قوي.
غياب خطاب التزوير الذي كانت تحذر منه مختلف الأحزاب المعارضة لم يعد هاجس هذه الأحزاب أو على الأقل الهاجس الوحيد، فالتجمعات الانتخابية التي نشطتها كثير منها أكدت بما لا يدع مجالا لشكها أن المواطن الغائب عن سماع برامجها ووعودها سيكون غائبا كذلك عن صناديق الاقتراع وهو ما ترى فيه المعارضة وحتى الموالاة نكسة قد تعصف بمستقبلها السياسي.
وفي الأيام الأخيرة للحملة الانتخابية دعت هذه الأحزاب الجزائريين إلى التخلص من فكرة انتقاد السلطة دائما، حيث ركزت في هذه الفترة على اعتبار الموعد الانتخابي القادم "الفرصة السانحة والجيدة والتي قد لا تتكرر للبدء في تغيير جذري وسلمي على الطريقة الجزائرية"، مستبقة بذلك أسباب أي اخفاق لها في العزوف الانتخابي، و"محملة المسؤولية للجزائريين برفضهم التغيير المنشود".
استاذ العلوم السياسية، عادل زقار، اعتبر أن "انتقال أحزاب المعارضة من تنسيقية الانتقال الديمقراطي التي كانت تدعو إلى القطيعة مع السلطة إلى المشاركة في انتخابات ترعاها ذات السلطة أربك خطاب هذه الأحزاب".
وأضاف المحلل السياسي في حديث مع بوابة "العين" الإخبارية "أنه حتى وإن كانت هناك تأكيدات على تزوير وحسم الانتخابات القادمة فان هذه الأحزاب لا يمكنها هذه المرة اقناع الناخب بهذه الفكرة، لأنها حاولت في وقت من الأوقات الاستفادة من جو الربيع العربي فرفعت من سقف تحديها للسلطة ووصلت إلى حد التشكيك في شرعيتها"|.
واعتبر أن "تغير الخطاب من لغة التخويف من التزوير إلى التخويف من العزوف الانتخابي يعود بدرجة أخرى إلى عدم ثقة كثير من الجزائريين في أحزاب المعارضة التي ينتقل كثير منها من النقيض إلى النقيض في مواقفها، والتي عجزت بعض منها حتى على تبني خطاب متزن".
وأضاف أن "خطاب المعارضة والموالاة لم يحمل الجديد الذي يغير من يقين المقاطعين بأن كل مظاهر المشاركة السياسية لم تعد تحقق الأهداف المرجوة، والجزائري اليوم بات يهتم بشكل يدعو إلى الحيرة بالانتخابات الفرنسية وحتى الأمريكية والروسية والإيرانية، في وقت لا يعلم كثيرون حتى تاريخ إجراء الانتخابات في الجزائر".
لكن زغار لم يستبعد "أن تحمل الانتخابات المقبلة مفاجأة تغير المشهد السياسي في الجزائر، إذا ما التزمت الإدارة بالحياد التام كما دعا الرئيس بوتفليقة وكما وعدت الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات".
أما المحلل السياسي، ناصر جندلي، فقال لـ"بوابة العين" الإخبارية إن "خطاب قادة المعارضة منطقي جدا من الناحية السياسية، لأن على الأحزاب أن تُخرج الجزائريين من دائرة انتقاد السلطة إلى البحث عن التغيير الذي ينتظره الشعب منذ سنوات".
ويتفق المحلل السياسي مع خطاب المعارضة "في اعتبار الاقتراع القادم فرصة قد لا تعوض في إحداث التغيير، خاصة وأن الجزائريين ملوا من نفس الوجوه ومن نفس السياسات".
مضيفا أن "الضمانات التي قدمتها الحكومة الجزائرية وكذا المشاركة الواسعة لأحزاب المعارضة حتى تلك التي تعودت على المقاطعة كالأرسيدي، تؤكد إلى حد ما أن الموعد القادم قد يكون بداية مرحلة جديدة تتغير فيها موازين القوى في الساحة السياسية".