انتخابات الجزائر.. بوتفليقة يتعهد بانتخابات استثنائية في نزاهتها
توجه الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، برسالة إلى الجزائريين حملت في مضمونها 3 تعهدات بشفافية الانتخابات
مع بدء العد التنازلي لانتخاب سادس برلمان تعددي في الجزائر يوم الرابع مايو/أيار المقبل، توجه الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، برسالة إلى الجزائريين حملت في مضمونها 3 تعهدات بشفافية الانتخابات.
وتتعلق رسالة بوتفليقة بدعوة القضاة وأعوان الإدارة "إلى التزام الحياد التام واحترام القانون"، واحترام خيار الناخبين مهما كان، وتأمين محكم للعملية الإنتخابية، معتبراً في القوت ذاته أن "تنظيم الانتخابات في موعدها دليل على أن الجزائر تتمتع بالاستقرار السياسي".
وقال الرئيس الجزائري في الرسالة التي نقتلها عنه وزيرة البريد وتكنولوجيات الاتصال، هدى فرعون، في اجتماع "ضخم" للمجتمع المدني بالجزائر العاصمة: "بصفتي رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء فإنني أدعو القضاة إلى الحرص على العالجة الفورية وعلى الصرامة لكل ما يحال إليهم من تجاوزات أو أفعال مخلة بمصداقية وشفافية الانتخابات"، مؤكداً في ذات السياق دعمه "للهية المستقلة لمراقبة الانتخابات في أداء مهامها المنصوص عليها في الدستور والمفصلة بنص القانون".
وعن التعهد باحترام خيار الناخبين، قال بوتفليقة: "إن اختياركم الذي سيحظى بالاحترام سيكون الاختيار الذي ترتضونه بأنفسكم وبحرية وفق قناعتكم السياسية"، مضيفاً أن مشاركة الجزائريين في هذا الاقتراع "ستكون إسهاماً شخصياً في استقرار البلاد وتقدم الديمقراطية".
بوتفليقة الذي اعتبر أن هذا الاستحقاق "يكتسي أهمية بالغة من حيث إنه يأتي في سياق تعديل دستوري عميق جرى العام الماضي"، اعترف في الوقت ذاته "أنه يتزامن مع وضع مالي واقتصادي ينطوي على تحديات ستواجه بلادنا".
وعن التأمين المحكم للتشريعيات، أكد الرئيس الجزائري أن "أمن الموعد الانتخابي سيكون مضموناً بفضل النجاحات المشهودة في استئصال الإرهاب التي حققها الجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن" وأن "مصالح الأمن اتخذت جميع التدابير لضمان سلامة الانتخابات لتأطير 65 ألف مركز اقتراع في 48 ولاية".
الانتخابات النيابية الجزائرية تشهد أيضاً مشاركة منظمات دولية بصفة مراقب، وعنها قال بوتفليقة، إن "الجزائر دعت بكل سيادة المنظمات الدولية التي تعتبر الجزائر عضواً فيها وتلك التي تجمعها بها شراكة، إلى إيفاد مراقبين من قبلها للشهادة على شفافية الانتخاب التشريعي ونزاهته".
وفي هذا الإطار، استقبل وزير الخارجية والتعاون الجزائري، رمطان لعمامرة، رؤساء بعثات الملاحظين الدوليين للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي، حيث أعربوا عن "ثقتهم بنجاح هذه الانتخابات وأنها ستجرى في ظروف جيدة".
أما رئيس بعثة الجامعة العربية، سعيد أبو علي، فقد أعرب عن أمل الجامعة في أن تكون هذه الانتخابات "فرصة حقيقية لتعزيز المسار الديمقراطي والتنموي في الجزائر"، مسجلا "احترام الإجراءات التي وضعت تحسبا لهذا الاقتراع".
أما رئيس بعثة الأمم المتحدة، ايسيكا سونا، فقد سجل "ارتياحه لتطور مختلف التشريعيات بشكل يأخذ في الحسبان مقاييس جديدة في تمثيل أكثر توازنا، ولكون معظم الدروس السابقة تم أخذها بعين الاعتبار".
وفي تعليقه على تعهدات الرئيس الجزائري، قال أستاذ العلوم السياسة، لزهر ماروك، في حديث مع بوابة "العين" الإخبارية "إنها تعبر عن جدية السلطات الجزائرية في تنظيم انتخابات استثنائية من حيث نزاهتها، وهي محاولة من بوتفليقة للتأكيد على أن عهد الانتخابات المحسومة مسبقا قد ولى".
مضيفاً "كما تمثل المشاركة في الانتخابات سلوكاً حضارياً، فإن المقاطعة هي أيضاً سلوك حضاري سلمي"، وفي هذا الشأن قال المحلل السياسي، إن "الرئيس الجزائري دخل على خط الاستنفار الرسمي الذي فرضته المخاوف من مقاطعة كبيرة لهذه الانتخابات، وكلام بوتفليقة فيه تحذير للإدارة وتطمين للشعب، وقد تكون فرصة حقيقية لإحداث التغيير الجذري والسلمي وبأقل الأضرار".
كما لفت إلى "أنه ليس من مصلحة أي كان حدوث شلل في المؤسسات الدستورية، والظروف الحالية التي تمر بها الجزائر تستدعي مشاركة قوية في الانتخابات في مقابل أن يكون البرلمان المقبل صوتاً حقيقياً للشعب ولمشاكله وليس لرفع الأيادي وللثراء".
عضو المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم)، صادق بوقطاية، اعتبر في اتصال مع بوابة "العين" الإخبارية أن رسالة بوتفليقة "هي دليل على أن الجزائر بإمكانها أن تكون نموذجاً ديمقراطياً ناجحاً يحتذى به، وهي ليست بحاجة إلى استيراد أي نموذج".
وتابع قائلا "إن الرسالة جاءت في وقتها، لأنها تحمل تطمينات بضمان نزاهة الانتخابات، ومن ناحية أخرى فهي رد على المتأثرين بالنموذج الأردوغاني في الجزائر، بأن الجزائر تضمن لهم نموذجا جزائريا ديمقراطيا، وعليهم احترامه" على حد وصفه.
في حين، يرى رئيس الجبهة الجزائرية للتنمية والعدالة، الطيب ينون، في اتصال مع بوابة "العين" الإخبارية "أن الرسالة تحمل تطمينات أيضاً للأحزاب التي تسمى في الجزائر بالمجهرية، وتعطيها أملاً في دخول البرلمان المقبل".
مضيفاً أن "المقاطعين الذي لا يثقون في الأحزاب التي أثبتت فشلها سابقا أمامهم فرصة إحداث التغيير وإعطاء الفرصة لأحزاب أخرى تعلمت من أخطاء الأحزاب الأخرى، وتعتمد على العنصر الشبابي في نضالها وأفكارها".
أما المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية، عبد العالي رزاقي، فقد اعتبر أن انتخابات هذا العام "تختلف عن سابقاتها من حيث الثقة"، قائلاً "إن انعدام ثقة الجزائريين ليست في السلطة ونزاهة الانتخابات بقدر ما هي منعدمة في مختلف الأحزاب الموالية وحتى المعارضة".
واضاف رزاقي أن البرلمان السابق كان برلماناً استفزازياً للجزائريين، ولم يكن صوت الشعب، بل كان ضد إرادة الشعب، وهي النقطة التي قسمت ظهر الثقة المتبقية بين الجزائريين والطبقة السياسية برمتها"، معتبراً أن "الجزائريين ملوا من الوجوه الحاضرة في المشهد السياسي، وبالتالي فإن الأمر أكبر من أي ضمانات أو تعهدات.
لكن المحلل السياسي توقع "نزاهة الانتخابات المقبلة مقارنة بسابقاتها؛ لأن الأجهزة التي كانت تشرف على التزوير أحيلت على التقاعد" على حد تعبيره.
بدوره، يرى المحلل السياسي، إسماعيل معراف، أن تطمينات وتعهدات الرئيس بوتفليقة تبقى "غير كافية" بالنظر إلى عجز السلطة عن تحقيق التنمية المرجوة من قبل الجزائريين".
وأضاف معراف أن "السلطات الجزائرية تعيش حالة من التناقض في خطاباتها، وتصريحات عدد من المسؤوليين الرسميين أو الحزبيين ساهمت بشكل كبير في قرار مقاطعة الانتخابات لأنها حملت تخويناً لكل المقاطعين واتهاما لهم بعدم الوطنية".
كما يرى "أن ورقة تخويف الجزائريين بالسيناريو الليبي أو السوري لن تكون مجدية، لأن كثيراً من الجزائريين لم يستقيلوا من الحياة السياسية بل يعبرون عن رأيهم بمقاطعة الانتخابات وهو عقاب للسلطة وانتقام من الأحزاب الموجودة".
يذكر أن الانتخابات النيابية ستجرى يوم الخميس المقبل لاختيار 462 نائباً من بين ألف قائمة بين حزبية ومستقلة، وبمشاركة أكثر من 300 ملاحظ دولي من مختلف المنظمات الدولية والإقليمية.
aXA6IDMuMTM1LjIyMC4yMTkg جزيرة ام اند امز