الجزائريون ينتخبون برلمانا جديدا وسط عزوف الناخبين وغياب الرئيس
حشد حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر أنصاره، في مطلع الأسبوع، في واحد من التجمعات الأخيرة قبيل الانتخابات البرلمانية.
في ساحة رياضية مزينة بالأعلام الوطنية، حشد حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر أنصاره، في مطلع الأسبوع، في واحد من التجمعات الأخيرة قبيل الانتخابات البرلمانية التي تجري، الخميس المقبل، وراح يذيع أغنيات تعود لحقبة التحرير وخطابات قديمة لزعيمه المخضرم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.
ولم يظهر بوتفليقة (80 عاما) في العلن إلا نادرا منذ إصابته بجلطة في 2013، لكن الرسالة كانت واضحة للغاية؛ التصويت لحزب جبهة التحرير الوطني هو تصويت للاستقرار الذي يقول أنصاره إنه حققه للجزائر منذ خروجه من أتون حرب أهلية في تسعينيات القرن الماضي.
وقال موظف حكومي شارك في التجمع: "حزب جبهة التحرير الوطني هو حزب بوتفليقة ومعه ننعم بالأمن".
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يفوز حزب جبهة التحرير الوطني، الذي يهيمن على الجزائر منذ نيلها الاستقلال عن فرنسا عام 1962، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي بالانتخابات في مواجهة معارضة منقسمة تضم يساريين ويمينيين.
لكن التحدي الذي يواجه جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي هو حالة العزوف بين الناخبين الذين يرون المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) مجلسا يقر تلقائيا قرارات الرئيس والحكومة ويفتقر إلى الرغبة والقدرة على تقديم أي تغيير حقيقي.
وفي آخر انتخابات عقدت في 2012، فاز حزب جبهة التحرير الوطني بما بلغ 221 مقعدا وحصد حزب التجمع الوطني الديمقراطي 70 في المجلس البالغ عدد مقاعده 462 باللعب بورقة الاستقرار في أعقاب انتفاضات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا. لكن الإقبال لم يتجاوز 43 في المئة.
وقال طالب في الجزائر العاصمة يدعى سفيان (30 عاما): "لن أصوت.. أنا على يقين أني لن أصوت. أعرف أن أحدا منهم لن يأتي بتغيير أو أي شيء جديد. يقدمون وعودا كثيرة لكن مهمتهم سن القوانين لا توزيع الهدايا".
مع كون نحو 70 في المئة من الجزائريين دون سن الثلاثين فإن بوتفليقة، الممسك بزمام السلطة منذ 1999، هو الزعيم الوحيد الذي يعرفه الكثيرون لكنه لا يظهر في العلن إلا فيما ندر.
وألغى في فبراير/شباط زيارة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مما جدد التكهنات بشأن حالته الصحية ونقل محتمل للسلطة قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2019. ولم يظهر خليفة محتمل له.
وتأتي الانتخابات البرلمانية في وقت تحاول فيه الجزائر، العضو بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والمورد الكبير للغاز لأوروبا، إجراء إصلاحات حساسة لنظامها الضخم للرعاية الاجتماعية وزيادة أسعار الوقود المدعوم وخفض الإنفاق في أعقاب تراجع حاد في أسعار النفط العالمية قلص إيراداتها من تصدير الخام.
ولا توجد استطلاعات للرأي ذات مصداقية في الجزائر، لكن حزب جبهة التحرير الوطني وحلفاءه، لا يزال يحدوهم الأمل في تعزيز أغلبيتهم البرلمانية.
وسيساعد ضعف الإقبال على الأرجح جبهة التحرير مجددا. فتصويت أنصاره التقليديين، وهم المسنون وأفراد الجيش والموظفون الحكوميون، أكثر ترجيحا من غيرهم وشبكة الحزب المحلية قوية أيضا في المناطق الريفية.
وسيكون للنواب بموجب الدستور الجديد رأي في تعيين رئيس الوزراء لكن صلاحياتهم لا تزال محدودة في بلد لا تزال ذكريات حرب التسعينيات مع المسلحين تلقي بظلالها عليه.
والمسؤولون الحكوميون مشغولون في العمل على إلهاب حماس الناخبين؛ حيث راحوا يحثون الأئمة على الترويج للانتخابات ويربطون مجددا بين التصويت والأمن بالإشارة إلى التهديدات المحتملة التي يشكلها الإرهابيون أو دول مجاورة غير مستقرة مثل ليبيا.
وقالت جميلة خيار مرشحة حزب الحركة الشعبية الجزائرية الموالي للحكومة بينما كانت تجوب الشارع الرئيسي في الجزائر الذي تتراص على جانبيه المباني البيضاء التي تعود للحقبة الاستعمارية في إطار حملتها الانتخابية: "لا سبيل آخر لديكم لكي تُسمع أصواتكم بشأن حقوقكم وبلادكم سوى التصويت".
وقرر بعض أحزاب المعارضة مقاطعة انتخابات الخميس، في حين توحدت الأحزاب الإسلامية في تحالفات.
وفي حي تقطنه الطبقة العاملة في العاصمة الجزائرية، أشار صديق شهيب، مرشح حزب التجمع الوطني الديمقراطي، إلى المخاوف المتعلقة بالتضخم وتراجع أسعار النفط والحاجة للإصلاحات خلال محاولته استمالة الناخبين على مقهى.
وحياه متقاعدون في الشارع خارج المقهى، لكن الزبائن لم يحركوا ساكنا في الأغلب.
وقال أحد مرتادي المقهى ويدعى موسى: "ماذا تعني زيارته؟ لم أصوت منذ 12 عاما. لن يغير هذا أي شيء".
aXA6IDE4LjIyNC41OS4xMDcg جزيرة ام اند امز