فرنسا.. أولويات على طاولة سيدة قصر "ماتينيون" الجديدة
بعد 30 عاما، تطرق امرأة مجددا أبواب قصر "ماتينيون" في باريس لتمسك بزمام الحكومة، محملة بتحديات ثقيلة تشكل السمة الأبرز لمشهد متوتر.
والإثنين، اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزيرة العمل إليزابيث بورن رئيسة للوزراء لتكون أول امرأة على رأس حكومة فرنسية منذ 30 عاما.
وبتعيينها، ستعود إلى بورن مهمة تشكيل حكومة ستكون على موعد مع ملفات شائكة يتصدرها رهان حسم غمار الانتخابات التشريعية المقررة في يونيو/ حزيران المقبل لصالح ماكرون.
وحتى الآن كانت إديث كريسون المرأة الوحيدة التي ترأست حكومة فرنسية، وتولت مهامها من مايو/ أيار 1991 لغاية أبريل/ نيسان 1992 أي في عهد الرئيس الراحل فرانسوا ميتران.
سر الاختيار
خبيرة بالقضايا البيئية وتتمتع بالقدرة على تنفيذ إصلاحات اجتماعية متفجرة والأهم أنها فائقة الولاء، فماكرون يرى أن إليزابيث بورن لديها كل الصفات اللازمة لإطلاق المشاريع الأولى من ولايته الممتدة على خمس سنوات، وفي مقدمتها القوة الشرائية والبيئة ومعاشات التقاعد والتعليم.
فبعد ثلاثة أسابيع من إعادة انتخابه، بدأت، الإثنين، الولاية الثانية لماكرون بتعيين بورن رئيسة للوزراء، هذه المرأة التي رأى ماكرون أنها تجسد صورة المرشح المثالي بالنسبة له، أي "شخص مرتبط بالمسألة الاجتماعية والبيئية والإنتاجية"، كمل يقول.
كما سرب الإليزيه أن ماكرون أراد تعيين امرأة. للمرة الثانية في تاريخ الجمهورية الخامسة، بعد ثلاثين عامًا من إديث كريسون التي تقلدت المنصب في عهد فرانسوا ميتران.
أولويات
ستكون أولوية بورن الأولى الاستجابة لمخاوف الفرنسيين بشأن قوتهم الشرائية، في بلد لا يزال يتعافى من وباء كورونا المستجد، ويواجه ارتفاعا تاريخيا في التضخم جراء الحرب في أوكرانيا.
أولوية ستضع بعين الاعتبار مشروع قانون يتألف من سلسلة كاملة من التدابير ينتظر بالفعل على الرفوف، وفيه بنود تشمل تمديد التعريفة الجمركية لأسعار الغاز والكهرباء، وإعادة تقييم المعاشات التقاعدية والمزايا الاجتماعية، وقسائم الطعام الأكثر تواضعًا، أو إلغاء رسوم الترخيص السمعي البصري.
أيضا، على طاولة بورن رهان حسم غمار الانتخابات التشريعية المقررة في يونيو/ حزيران المقبل لصالح ماكرون، علاوة على إطلاق مشروع التخطيط البيئي، أحد أبرز الوعود الانتخابية لماكرون، والعمل على تغيير سياسات الحكومة في علاقة بتعاملها مع الاحتجاجات، والتي باتت موصومة إلى حد ما بالقمع.
دقة التفاصيل
ما يحسب لرئيسة الحكومة الفرنسية هو خبرتها في مجالات تركيز ماكرون بولايته الثانية، فلقد تقلدت منصب وزيرة للعمل والتوظيف والاندماج الاقتصادي في حكومة رئيس الوزراء جان كاستكس خلفًا لموريل بينيكود، واستمرت بالمنصب لنحو عامين.
وقبلها، وتحديدا في 2019، تقلدت مهام وزيرة للبيئة والتنمية المستدامة والطاقة، وفي 2017، تولت حقيبة النقل في حكومة رئيس الوزراء إدوار فيليب الأولى (15 مايو/أيار 2017 ـ 19 يونيو/حزيران 2017)، وحكومة فيليب الثانية (21 يونيو/حزيران 2017 ـ 3 يوليو/تموز 2020).
وفي عام 2017 أيضا، صوّتت لصالح ماكرون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية وانضمت لاحقًا إلى حزبه "الجمهورية إلى الأمام"، لتتقاطع عندها جميع المعايير التي يبحث عنها الرئيس الفرنسي في رئيس حكومته، حتى أنه غالبا ما يطلق عليها في الإعلام الفرنسي "وزيرة ماكرون".
وبجملة تلك الخصائص، تتقلد بورن اليوم منصبها محاطة بدعم الرئيس، وخبرتها وقدرتها على الدخول السريع في التفاصيل، وهي المعروفة بأنها تعمل بشكل مباشر منذ أن كانت في قلب الإصلاحات الاجتماعية والبيئية.
ومع أنها أمضت الجزء الأول من حياتها المهنية في ظل السياسة، من حكومة ليونيل جوسبان في التعليم في أوائل التسعينيات إلى حكومة سيجولين رويال في علم البيئة العام 2014، إلا أنها تقفز اليوم إلى الواجهة، حاملة على عاتقها آمال ماكرون بإنجاح ولايته الثانية والأخيرة.
فهل تفلح بورن في تحقيق خماسية يستهدفها الرئيس الفرنسي منذ صعوده إلى الحكم في 2017؛ وهي حسم غمار الانتخابات المقبلة لصالحه، وتمرير قانون المعاشات المثير للجدل، علاوة على إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية ورفع القدرة الشرائية للفرنسيين، وإطلاق مشروع التخطيط البيئي، والأهم تغيير منهج سياسات الحكومة في التعامل مع غضب الشارع؟
aXA6IDMuMTMzLjE1Mi4xODkg جزيرة ام اند امز