خبراء لـ"بوابة العين": سد النهضة مشروع سياسي تموله قطر وإسرائيل
تعثر المفاوضات بين مصر وإثيوبيا ونتائجه، والحلول المقترحة من الجانب المصري، والدور العربي الداعم لمصر في كل المحافل الدولية
يطرح ملف سد النهضة نفسه بقوة على الساحة المصرية، باعتباره القضية الأهم في الوقت الحالي، والتقت "بوابة العين" الإخبارية اثنين من أبرز خبراء المياه في مصر تحدثا في حديثين منفصلين عن تعثر المفاوضات بين مصر وإثيوبيا، والحلول المقترحة من الجانب المصري، والدور العربي الداعم لمصر في كل المحافل الدولية وخاصة من الإمارات.
معلومات مضللة
وأكد الدكتور محمود أبوزيد، رئيس المجلس العربي للمياه، ووزير الري الأسبق، أن إثيوبيا قدمت معلومات مضللة لمصر عن سد النهضة وتعمدت إخفاء معلومات هندسية مهمة، موضحًا أن الاتفاق الأول كان على سعة تخزين 14 مليار متر مكعب ولكن ما نفذته هو 74 مليار متر مكعب، ستؤثر حتمًا على نسبة مصر في مياه النيل إذا تم تخزينها دفعة واحدة، وأكد أن الرئيس السيسي والدبلوماسية المصرية قادران على حل الأزمة، موضحًا أن دور مصر في حل النزاعات بجنوب السودان سينعكس بشكل إيجابي على المفاوضات، وسيوفر موردا إضافيا للمياه من جنوب السودان يقدر بنحو 8 مليارات متر مكعب.
واتفق مع الدكتور عباس شراقي، رئيس قسم الموارد المائية بمعهد الدراسات الإفريقية، على أن هناك دولا تدفع مليارات لإلحاق الضرر بمصر، مؤكدين أنه حدث تدخل من بعض الدول مثل إسرائيل وقطر التي تعتبر الممول المهم والرئيسي للسد، والهدف من هذا الدعم وضع مصر تحت ضغط بشكل مستمر والتلاعب في حصة مصر من مياه النيل، والدليل على ذلك واضح عندما طار رئيس وزراء إثيوبيا إلى قطر عقب توقف المفاوضات مع مصر بساعات وحصل على دعم وتمويل، وأشاروا إلى أن إسرائيل لها دور في بناء سد النهضة، من خلال تحريض دول حوض النيل، كما أنها تسعى إلى بناء ممر موازٍ لقناة السويس من خلال إنشاء خط بين البحر الميت والبحر الأبيض وهي القناة الموازية لقناة السويس، وهذا سيسبب ضررا لمصر، وهو المشروع الذي تمت منه المرحلة الأولى، والتي تمثلت في توقيع اتفاقية نقل المياه من البحر الأحمر إلى خليج العقبة.
70% من عملية البناء انتهت
وقال أبوزيد إن إثيوبيا انتهت من بناء 70% من سد النهضة، وهو أمر سيكون له آثاره على مصر لا جدال في ذلك، والحديث عن أنه لا ضرر كما تردد إثيوبيا غير صحيح ولكن الأضرار منقسمة ما بين ضرر جسيم وضرر محتمل وهكذا، وإثيوبيا اعترفت أن هناك أضرارا ولكنهم يؤكدون أن تلك الأضرار بسيطة، أولها انخفاض منسوب المياه بشكل كبير في حال ملء الخزانات دفعه واحدة، وتوافق مع ذلك انخفاض الفيضان؛ لأنه لو جاء الفيضان كبيرا فلن تتأثر مصر تقريبًا، لكن الخطر الحقيقي هو انخفاض نسبة الفيضان مع ملء الخزانات، ما سيؤدي إلي انخفاض منسوب المياه التي تصل مصر، ومن ثم تقليل نسبة إنتاج الكهرباء، بالإضافة لمسألة خطيرة تتعلق بالعوامل الجغرافية الخاصة بالبناء والتي تهدد بانهيار السد مثل عدد كبير من السدود التي انهارت في إثيوبيا بسبب الانحدار الشديد إذا حدث فيضان شديد.
واتفق الطرفان أيضًا أن الحل مع إثيوبيا في المفاوضات والتعاون بين الطرفين، ويمكن أن يتم تصعيد المفاوضات على مستويات أعلى خلال الأيام المقبلة وبالضرورة سيحدث لقاء بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الإثيوبي خلال أيام للتشاور حول الموضوع والوصول إلى حل، والحقيقة أن الدبلوماسية المصرية ممثلة في وزراء الخارجية والرئاسة المصرية والجهد المبذول كبير جدًا وله تأثير إيجابي، الحل العسكري مستبعد تمامًا ومستحيل، الأزمة سيتم حلها بالمفاوضات، قولًا واحدًا، والرئيس السيسي أكد أن أمن مصر المائي خط أحمر ولا يمكن التلاعب به.
تقدير لجهود دول الخليج
ومن جانبه، توجه رئيس المجلس العربي للمياه، بالشكر للدول العربية التي تدعم موقف مصر في المحافل الدولية وفي مقدمتها دولة الإمارات، مؤكدًا أن الإمارات يمكنها مساعدة مصر في هذا الملف، خاصة أن لديها نفوذا اقتصاديا وكلمتها مسموعة في إثيوبيا.
على الجانب الآخر تطرق «شراقي» أثناء حديثه إلى نقطة مهمة أثرت سلبًا على مسار المفاوضات بين مصر وإثيوبيا؛ حيث أكد أن الفضيحة التي تسببت فيها جماعة الإخوان بإذاعة جلسة المناقشات مع القوى السياسية حول السد والتي أدت إلى غضب الجانب الإثيوبي بشكل كبير وفشل المفاوضات في مهدها، موضحًا أن ثورة 30 يونيو أنقذت المصريين، وجعلت الحكومة قادرة على فتح مفاوضات جديدة مع الجانب الإثيوبي وتبرير ما حدث على أنه سقطة من نظام أسقطه المصريون بثورة شعبية.
واختلف الخبيران حول احتمالات انهيار السد؛ حيث أكد شراقي أن هناك احتمالات كبيرة للانهيار لأن الطبيعة الجيولوجية لإثيوبيا لا تناسب المشروعات المائية الضخمة، نتيجة أن التربة تتكون من طبقات بازلتية تراكمت على مدار السنين نتيجة البراكين، ومن ثم تكون بينها فواصل وشقوق، بينما رفض أبوزيد هذا الرأي مؤكدًا أن الجانب الإثيوبي درس الموضوع بشكل جيد وأخذ في الاعتبار طبيعة الأرض وإمكانية البناء عليها.
ويعقد المجلس العربي لشؤون المياه مؤتمرا صحفيا، يوم الخميس المقبل، للإعلان عن تفاصيل المنتدى العربي الرابع يوم الأحد 26 نوفمبر/تشرين الثاني، بمشاركة عدد كبير من الدول العربية منها السعودية والإمارات والبحرين والكويت ودول إفريقية وممثلون عن الاتحاد الإفريقي، ويحضر المؤتمر عدد من الشخصيات العربية منهم الدكتور أحمد أبوالغيط أمين عام جامعة الدول العربية، الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، وهو رئيس شرفي للمجلس العربي للمياه، والصادق المهدي زعيم حزب الأمة بالسودان ويتناول المؤتمر جلسات عدة لمناقشة حول الأمن المائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وعلاقة المياه بتحقيق التنمية المستدامة، والمنتدى يعقد كل 3 سنوات ويتم صياغة تقارير في نهايته ترفع إلى المنتدي العالمي الثامن للمياه.