مصر.. 3 أسباب وراء تعثر مفاوضات سد النهضة.. بينها قطر
رغم تشكيل لجان مختلفة من الخبراء لعملية دراسة الآثار السلبية لبناء السد، إلا أنه لم يتم التوافق بعد بين الدول الثلاث.
على مدار 6 سنوات دارت عدة مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان حول إنشاء سد النهضة، ورغم تشكيل لجان مختلفة من الخبراء لعملية دراسة الآثار السلبية لبناء السد، وفحص الدراسات الإثيوبية الهندسية المتعلقة بمواصفات السد، إلا أنه لم يتم التوافق بعد بين الدول الثلاث.
وخلال اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بسد النهضة التي عقدت خلال يومي 11 و12 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أعلن الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الموار المائية والري المصري، عدم التوصل لاتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالدراسات والمقدم من الشركة الاستشارية المنوطة بإنهاء دراسات آثار بناء السد على دولتي المصب.
وأشار تصريح الوزير المصري إلى موافقة مصر المبدئية على التقرير الاستهلالي المتوافق مع مراجع الإسناد الخاصة بالدراسات، بينما طالب طرفا اللجنة بإدخال تعديلات على التقرير تتجاوز جميع مراجع الإسناد المتفق عليها من قبل.
تعثر المفاوضات
وقال السفير عزمي خليفة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن نقطة الخلاف الأساسية بين أطراف اللجنة الثلاثية تتمثل في التقرير الاستهلالي المتعلق بالدراسات وطبيعة التقرير المعد من قبل الهيئة الفرنسية الاستشارية حول مواصفات السد.
كما أوضح السفير خليفة في تصريحاته لـ"بوابة العين" الإخبارية، أن الفترة الزمنية المتوقع أن يستغرقها سد إثيوبيا للامتلاء بالماء نقطة خلاف، خاصة أن مصر تقدر الفترة بنحو من 7- 10 سنوات، بينما تتحدث إثيوبيا عن أن أقصى حد لملء السد 3 سنوات فقط.
ومرت المفاوضات بمراحل عديدة بين الموافقة على انعقاد لجان دولية ثلاثية لمناقشة تداعيات بناء السد، وفي سبتمبر/ أيلول 2011، شكلت أولى لجنة عقب إطلاق إشارة البدء في بناء السد، كما توالى انعقاد اللجان المكونة من الخبراء المصريين والإثيوبيين والسودانيين لمهمة فحص ومراجعة الدراسات الهندسية الإثيوبية خلال الفترة من مارس/ آذار 2012 وحتى يونيو/ حزيران 2013.
واستؤنفت المفاوضات من جديد في منتصف 2014 خلال قمة الاتحاد الإفريقي في غينيا، وبدأت اللجنة الثلاثية في تشكيل مكاتب وهيئات استشارية للدراسة الفنية لسد النهضة، واتفق رؤساء الدول الثلاث بعد عودة المناقشات من جديد على وثيقة " إعلان مبادئ سد النهضة"
ولكن انسحاب المكتب الهولندي من الهيئة الاستشارية لغياب الضمانات لإتمام الدراسات بشكل حيادي، أثر بالسلب على عمل اللجنة الفنية ما أدي لتراجع المفاوضات خلال عام 2015.
ومجددًا شهدت المفاوضات ثمة تطور بتويع ممثلي الدول الثلاث على عقود دراسات سد النهضة خلال العام الماضي، وانطلقت بعدها المحادثات بشأن التقرير الاستهلالي للمكتب الاستشاري الفرنسي، بينما حملت الموافقة المصرية على التقرير بشكل مبدئي دون طرفي اللجنة ملامح تعثر للمسار الفني للمفاوضات.
أسباب التعثر
وأرجع خليفة سبب تعثر المفاوضات إلى 3 أسباب، قائلًا: "السبب الرئيسي يعود إلى ترحيل المفاوضات من مرحلة لأخرى وتراجع المراحل في بعض الأوقات نظرًا لاختلافات فنية بين اللجان المشتركة في المتابعة والفحص".
كما رجح أن إسناد مهمة التفاوض لفرق مختلفة طوال الـ6 سنوات الماضية أدى لغياب الدبلوماسية والحنكة في المفاوضات، خاصة مع ظهور بعض المواقف الصارمة من الجاب الإثيوبي، مؤكدا ضرورة وجود بدائل للخروج من المأزق بتوضيح الأضرار الواقعة على الجانب المصري جراء بناء السد وملء الخزان بالمياه في غضون 3 سنوات.
وفي الوقت نفسه، ذكر السفير عزمي، السبب الثالث هو أن التعنت من الجانب الإثيوبي له تأثير سلبي على مسار المفاوضات، رغم تشكيل لجان فنية عديدة، مشيرًا إلى استغلال الجانب الإثيوبي الأزمة الحالية بين الدول العربية الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب ودولة قطر، إضافة إلى تشابك المصالح والسياسات بالمنطقة.
وبعد يومين من تعثر المفاوضات، توجه رئيس وزراء إثيوبيا هايلي ماريام ديسالين، إلى قطر، في زيارة رسمية دون الإعلان عن السبب الحقيقي وراء الزيارة ومقابلة الشيح تميم بن حمد آل ثان أمير قطر.
بدائل وحلول
وأكد السفير خليفة ضرورة إيجاد أنماط جديدة من التفاوض، وأن يتم التعامل مع الملف بشكل قوي وحازم، خاصة أنه يتعلق بالأمن القومي المصري، قائلًا: "المسألة تتطلب مفاوضات أكثر عدلًا".
وشدد على ضرورة تولي فريق دبلوماسي أمر المفاوضات بجانب المتابعة اليومية من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، نظرًا لأن الملف شائك ومتعلق بعلاقات خارجية وأمن قومي.
ولخص مساعد وزير الخارجية الأسبق، الدبلوماسية في إعداد مؤتمرات بالقاهرة وشرم الشيخ حول التنمية الشاملة في إثيوبيا، بحيث تصبح القضايا الرئيسية في المؤتمرات سبل تطوير الاستثمار في إثيوبيا ومناقشة أمر سد النهضة.
وفي الوقت نفسه، استشهد بالنموذج الروسي في سوريا واتباعه المفاوضات عن طريق أستانة بجانب جلسات جنيف مع دول الجوار، الأمر الذي أدى لتوافق رؤى بعض الأطراف المتنازعة في سوريا.
وتابع بقوله: "عقد جلسات تفاوض بين مصر وإثيوبيا والسودان بجانب دعوة دول حوض النيل ودول الحكماء من جنوب إفريقيا والمغرب والجزائر سيؤثر بشكل إيجابي على مسار المحادثات بين الدول الثلاث".
كما أشار إلى أن الدبلوماسية الشاملة نمط آخر يلائم المشهد الحالي في مفاوضات سد النهضة، بدعوة جميع الهيئات بالمفاوضات من رجال أعمال وبنوك دولية وخبراء قانوني دولي، موكدا أن باب المفاوضات لم يغلق بعد نظرا لوجود فرص لإعادة التفاوض من جديد.
وأكد الدكتور حسام الإمام، المتحدث الرسمي لوزارة الري، في تصريحات إعلامية، تمسك مصر بموقفها بشأن ضرورة التوافق بين الدول الثلاث قبل ملء أو تشغيل سد النهضة، بما لا يسبب ضررا ملموسا لدول المصب، مشيرا إلى استمرار التفاوض بهدف الوصول لوجهة نظر مشتركة تحقيق للجميع طموحاته.
aXA6IDE4LjIyMS42OC4xOTYg جزيرة ام اند امز