سيد النقشبندي.. قيثارة السماء وإمام المداحين (بروفايل)
كأيقونة خالدة ومدرسة تفرز المنشدين وحبيب الفقراء والرؤساء، تربع المنشد المصري سيد النقشبندي على عرش الإنشاد الديني بمصر والعالم العربي.
رغم وفاته في فبراير/شباط 1976، نال النقشبندي عدة ألقاب لم يستطع أحد أن ينازعه عليها وهي كروان الإنشاد الديني وقيثارة السماء وإمام المداحين وغيرها.
مولده ونشأته
ولد الشيخ سيد النقشبندي في 7 يناير/كانون الثاني 1920 في قرية بسيطة بمحافظة الدقهلية شمال شرق القاهرة، وعند بلوغه سن العاشرة من عمره انتقل صحبة أبيه إلى محافظة سوهاج بصعيد مصر، وتعلم فيها القرآن الكريم، كما تربى على قواعد وأصول الإنشاد الديني، على يد والده الذي كان أحد أبرز شيوخ الطريقة الصوفية في ذلك التوقيت.
ويبدو أن "النقشبندي" الصغير تفوق على أبيه، فبات واحداً ممن يهفو إليهم المستعمون، ويتتبعون أثره في جميع الموالد التي كان يتنقل فيها في صعيد مصر في الأقصر وقنا رغم صغر سنه.
الإذاعة والشهرة
منذ أن وطئت قدما الشيخ سيد النقشبندي أرض القاهرة، كان محط اهتمام محبي الابتهالات الإسلامية، وكان النقشبندي ينجح في انتزاع صيحات الإعجاب في كل ابتهال ردده، حتى جمعته الصدفة في أثناء إنشاده بمسجد الحسين بمنطقة الأزهر بالقاهرة، بالإذاعي أحمد فراج وسجل معه "فراج" في برنامج "في رحاب الله"، لتنشأ بينهما روابط الصداقة التي أثمرت اتساع شهرة الشيخ بعدما نشر العديد من الأدعية والابتهالات الرائعة في الإذاعة.
وعلى مدار سنوات قدم الشيخ سيد النقشبندي ما يزيد على 40 ابتهالاً، أشهرها كان ابتهال مولاي الذي لا يزال أيقونة تتردد في عالمنا إلى الآن، وخلال رحلة العطاء تعاون النقشبندي في ابتهالاته مع عمالقة الموسيقى في ذلك الوقت ومنهم محمود الشريف وسيد مكاوي وبليغ حمدي وحلمي أمين وأحمد صدقي.
ابتهال بأمر رئاسي
للشيخ سيد النقشبندي رواية معروفة حول ابتهال مولاي الذي يعتبر أشهر ابتهالاته، والذي تم تنفيذه بأمر من الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات حيث كان من أشد المعجبين بالشيخ النقشبندي.
ابتهال "مولاي" من أعظم الابتهالات التي قدّمها النقشبندي، وتقول كلماته: "مولاي إني بابك قد بسطت يدي، من لي ألوذ به إلاك يا سندي.. أقوم بالليل والأسحار ساهية، أدعو وهمس دعائي بالدموع ندي، بنور وجهك إني عائد وجل".
وبحسب ما هو منشور في أكثر من وسيلة إعلامية فإن النقشبندي كان مدعواً لحفل خطوبة إحدى بنات الرئيس السادات، في الوقت الذي كان فيه الموسيقار بليغ حمدي أحد الحضور ولهذا قرر الرئيس السادات أن يجمع بينهما في عمل واحد.
وقتها اندهش النقشبندي وأبدى استغرابه، بينما شعر بليغ بسعادة فهو من عشاق صوته.
استشعر النقشبندي الحرج وحاول التنصل من التكليف الرئاسي مستعينا بصديقه الإذاعي الكبير وجدي الحكيم للخلاص من هذا المأزق، إلا أن الأخير أبلغه بأن تعاونه مع بليغ أمر رئاسي وفي حال عدم التنفيذ فسيتم اعتقاله.
وذهب النقشبندي مع وجدي الحكيم لمنزل بليغ حمدي، ومعهما الكلمات التي كتبها عبدالفتاح مصطفى، وعندما سمع النقشبندي اللحن خلع العمامة والجلباب من فرط الإعجاب باللحن ووصف "بليغ" بالجن.
وفاته
رغم أن النقشبندي كان قد ذاع صيته في مصر والدول العربية والإسلامية بشكل كبير، إلا أنه كان له وصية خطها بخط يده كشف عنها ذووه بعد وفاته وهو أن يدفن مع والدته في مقابر الخلوتية بحي البساتين بالقاهرة، وألا يقام له مأتم وأن يُكتفى بالعزاء والنعي في الجرائد.