نجل الشيخ مصطفى إسماعيل يكشف "نقطة التحول" في مسيرته (حوار)
في شهر رمضان الكريم، ترتبط أذهان ووجدان المسلمين في كل أنحاء العالم الإسلامي بأصوات مشاهير القراء، خاصة من مصر.
وارتبط مستمعو الإذاعة المصرية وعشاق سماع القرآن الكريم بصوت الشيخ مصطفى إسماعيل، أحد عمالقة التلاوة القرآنية من الجيل الذهبي من القراء المصريين.
وبتلاوة عطرة بصوت ساحر قلما يتكرر، استأثرت حنجرته بتلاوة القرآن داخل الجامع الأزهر، واختاره الملك فاروق قارئًا للقصر الملكي وكرمه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وأخذه معه الرئيس محمد أنور السادات في زيارته للقدس، فلقب بـ"قارئ الملوك والرؤساء".
"العين الإخبارية" تواصلت مع علاء مصطفى إسماعيل، نجل القارئ المصري الراحل، ليكشف أبرز المحطات التي مر بها الشيخ في حياته منذ ميلاده حتى وفاته.. وإلى نص الحوار:
متى ولد الشيخ مصطفى إسماعيل؟
في 17 من يونيو/ حزيران عام 1905، وُلد عبقري التلاوة وفريد عصره الشيخ مصطفى إسماعيل، والذي تحسس أولى خطواته داخل قرية ميت غزال بمحافظة الغربية.
كيف حفظ الشيخ مصطفى إسماعيل القرآن الكريم كاملاً؟
التحق بكتاب القرية كحال غيره ممن هم في نفس عُمره، وتتلمذ الشيخ مصطفى على يد شيوخ كتاب القرية الذين قاموا بتعليمه القرآن حفظًا وتجويداً، وهم: الشيخ عبدالرحمن أبوالعينين، والشيخ شحاتة غنيم، والشيخ إدريس فاخر، ولأن قدراته بدت غير عادية منذ الصغر، أثبت جدارته داخل الكتّاب، وأتمم حفظه لكتاب الله كاملًا في سن الـ12 عاما.
هل مر الشيخ الراحل بموقف معين في حياته كان بمثابة نقطة تحول في مسيرته؟
نعم. يوجد أمر حفزه على التطوير من نفسه، ففي فترة اصطحبه جده الذي كان له كل الفضل فى تجهيزه والحفاظ على موهبته، إلى أحد مستشفيات مدينة طنطا لزيارة أحد أقاربه، وفي طريق العودة دخل به جده مرسي إسماعيل إلى مسجد عُطيفة بميدان الساعة بطنطا لصلاة العصر، وجعل مصطفى يتلو عشرا ما بين الأذان والإقامة، فانبهر به الحضور، فأسر سمعهم وأفئدتهم، واستفسر أحدهم من الجد عن هذا الموهوب، وأجابه الجد بأنه لا يفعل شيئا فى قريته، فاقترح عليه أن يُقدم له فى الأزهر ليكون عالماً في علوم الدين، وبدأت الشهرة في مدينة طنطا في رحاب السيد البدوي بقراءة سورة الكهف يوم الجمعة، فيومًا تلو الآخر يزداد حضوره وتتسع شعبيته، وبدأت أصداء صوته تتردد في أرجاء محافظة الغربية شمال البلاد.
حدثنا عن المحطات المهمة في حياة الشيخ مصطفى إسماعيل؟
عام 1927 تُوفي حسين باشا القصبي عضو البرلمان عن مديرية الغربية بعد رحلة علاج في تركيا، ودُعي للقراءة كبار المقرئين في ذلك الوقت، وفي اليوم الثاني دعي الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي، وفي اليوم الثالث الشيخ محمد رفعت.
توافدت الوفود للعزاء من كل أنحاء القطر المصري، ودُعي هذا القارئ الشاب مصطفى إسماعيل ذو الـ21 سنة، للتلاوة في الثلاثة أيام.. كل يوم مع باقة جديدة من المقرئين، فاستمعوا له وعلموا بأن نجما جديدا ظهر فى مصر، واستطاع بتواضعه وأخلاقه الراقية واحترامه للكبار وعدم منافستهم أن يحظى بالحب والاحترام وتقدير كل المقرئين له، ونال إعجاب أعظم مقرئي هذه الفترة، وتجاوب الحاضرون معه وأعجبوا به.
ما أهم ما يميز صوت الشيخ مصطفى إسماعيل؟
كان يملك صوتًا فذًا واسع المساحة كبير الحجم وكانت له حصيلة من العلم بالمقامات الموسيقية لا مثيل لها عند أحد من القراء، وكان يستخدم صوته وعلمه بالمقامات في إبراز جمال الآيات وإعجازها.
هل عانى الشيخ مصطفى إسماعيل ليصل إلى هذه الشهرة؟
لا. كان دائما يردد أن ما وصل إليه هو توفيق من الله، فقد وهبه الله ما لم ينعم به غيره، حضور طاغ، وصوت عذب، وقدرة على إتقان مختلف القراءات، حتى ذابت أمام "حنجرته الذهبية" شرائح مختلفة، وأصبح محط أنظار الجميع لما له من باع كبير في عالم التلاوة.
ما هي دعوته الثابتة التي كان يدعو بها باستمرار؟
كان يدعو الله دائما ألا يحرمه من صوته أبدا، وأن يمتد عطاؤه بعد وفاته، فاستجاب له ربه ووجدت تلاواته طريقها إلى قلوب محبيه، في قدرة نادرًا ما تمتع بها أي شخص لتصبح مكانته داخل دولة التلاوة مرموقة، وصعبة المنال على كثيرين.
ما أشهر الجوائز والتكريمات التي نالها الشيخ مصطفى إسماعيل؟
قُلد فضيلة الشيخ مصطفى إسماعيل عدة أوسمة من السعودية والكويت، ومن لبنان حصل على وسام الأرز برتبة ضابط، ووسام الأرز برتبة كوماندوز، وكذلك منحه ملك ماليزيا وسام عام 1967، ومنحه الرئيس جمال عبد الناصر أول وسام يُمنح لمقرئ في عيد العلم عام 1965، وبعد رحيله منحه الرئيس محمد حسني مبارك وسام الامتياز عام 1992.
حدثنا عن الفترة الأخيرة في حياة الشيخ الراحل؟
رحل الشيخ مصطفى إسماعيل الذين انتقل في 26 ديسمبر/ كانون الأول 1978 عن عمر يناهز 73 عاما، وأنعم الله عليه بالتلاوة حتى آخر أيامه، فكانت آخر قراءة له من سورة الكهف في صلاة الجمعة 22 ديسمبر 1978 بمسجد البحر بمدينة دمياط بحضور الرئيس محمد أنور السادات، والذى اصطحب الشيخ معه إلى المسجد الأقصى للتلاوة في صلاة عيد الأضحى المبارك في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1977.
aXA6IDMuMTIuMzQuMjA5IA== جزيرة ام اند امز