الشيخ منصور بدار.. قارئ السلطنة والثورة (بروفايل)
كما تتلمذ عملاق التلاوة محمد رفعت على يد أستاذه أحمد ندا، تتلمذ القارئ الفذ مصطفى إسماعيل على يد القارئ العبقري منصور بدار.
وكان الشيخ منصور بدار المنبع الذي نهل منه مصطفى إسماعيل وسار على دربه حتى تكوّنت شخصيته القرآنية الفريدة وتفوق التلميذ على أستاذه.
ويقول الكاتب المصري شكري القاضي في كتابه "عباقرة التلاوة في القرن العشرين" إن الشيخ منصور بدار اعتزل في سن مبكرة واقتصرت تلاوته على مسجدين فقط.
ويرى "القاضي" أن عزلة الشيخ بدار واعتزاله المبكر كانا وراء تفوق تلميذه عليه، فضلا عن التحاق الشيخ إسماعيل بالإذاعة، بينما كان الشيخ بدار ينفر منها لسبب غير معلوم.
ومن عادات الشيخ بدار التي حافظ عليها طوال حياته قراءة الجمعة اليتيمة من شهر رمضان، في مسجد الشعنة أو مسجد الشيخ حجاج العزب بقريته مجول في محافظة القليوبية شمال مصر.
وأجمع محبو الشيخ على أن تلاوته لسور "الحاقة وق والرعد والنجم والقمر" كانت من أجمل ما سمعته الآذان من آيات الذكر الحكيم، وكان شديد الحرص على قراءة ما تيسر من سورتي الحاقة والنجم في جميع المناسبات.
منصور بدار.. قارئ السلطان
ولد الشيخ منصور محمد منصور بدار في قرية مجول التابعة لمدينة بنها عام 1884 وتوفي فيها بتاريخ 9 أغسطس/آب 1967 عن عمر ناهز 83 عاما، وأتم حفظ كتاب الله في كتاب القرية قبل التحاقه بالأزهر الشريف.
وقطع الشيخ بدار شوطا كبيرا في مراحل التعليم الأزهري، وكان يحرص على إحياء المناسبات الدينية والقراءة في جامع الأزهر بالتوازي مع دراسته.
وكان الشيخ بدار طالبا بالأزهر عندما زار السلطان العثماني عبدالحميد الثاني مصر، وسمع صوت ابن قرية مجول وانبهر بتلاوته، وقرر أن يستأثر بصوته، فانتقل القارئ الشاب إلى إسطنبول وعين قارئا خصوصيا للسلطان.
وظل الشيخ بدار قارئا للسلطان العثماني 14 عاما حتى عاد إلى مصر عام 1909، وأفاض الله عليه بكثير من النعم وفسحة في الرزق، حتى إن والده لم يتعرف عليه لدى نزوله من القطار في موقف بنها إذ بدت عليه علامات الثراء.
وبعد عودته من إسطنبول، انخرط الشيخ منصور بدار في مجالس الساسة وكبار رجال الدولة والمجتمع، وصار نجما في دولة التلاوة، لكنه لم يهتم وقتها بتسجيل القرآن الكريم بصوته على إسطوانات مثل أبناء جيله من قراء عصره.
قارئ الثورة
وعندما اندلعت ثورة المصريين عام 1919، كان الشيخ بدار يواظب على القراءة في الجامع الأزهر مساء كل يوم، كما شارك القراء أحمد ندا وعلي محمود ومحمد رفعت ومحمد مجد قراءة ما تيسر من القرآن في مأتم الزعيم المصري سعد زغلول عام 1927.
كما قرأ الشيخ منصور بدار في مأتم سلطان مصر الملك فؤاد الأول في 28 أبريل/نيسان 1936، وبعده اعتزل القراءة في المآتم والمناسبات الدينية، واقتصرت قراءاته على مسجدين في مسقط رأسه بقرية مجول حتى بلغ الشيخ أرذل العمر حتى فاضت روحه إلى بارئها.
وعلى مدار 10 سنوات منذ إطلاق شرارة ثورة 1919 استغل الشيخ بدار قراءته في الجامع الأزهر مساء كل يوم لجذب آلاف المصلين وتوزيع المنشورات الوطنية المنددة بالاستعمار الإنجليزي على الشعب، وصار يعرف بـ"قارى الثورة" فضلا عن لقب "قارئ السلطنة".
ويقال إن صداقة وطيدة جمعت الشيخ بدار والزعيم سعد زغلول، ويقول شكري القاضي في كتابه: "كان من الطبيعي أن يقرأ القرآن في مأتمه لمدة أسبوع كامل، كما حرص على القراءة في ذكراه السنوية ببيت الأمة، كما توطدت صداقته بالزعيم مصطفى النحاس وبوزير الحربية حيدر باشا".
ويقول "القاضي" إن تسجيلات الشيخ منصور بدار للقرآن موجودة على أسطوانات لدى عائلة حيدر باشا، ولكنها ممنوعة من الاقتناء أو التداول أو حتى السمع بزعم تنفيذ وصية الشيخ بدار، ويضيف: "إن كان هناك وصية بالفعل بدفن تسجيلات الشيخ بدار في قصر حيدر باشا فإنها تعد وقفية باطلة لا يقرها الشرع ولا الدين".
aXA6IDE4LjIyNC4zMC4xMTMg
جزيرة ام اند امز