القارئ كامل البهتيمي.. عبقري الأربعينيات (بروفايل)
اشتهر عدد من قراء مصر العمالقة بحدة الطباع وفرط العصبية، وكان أشهرهم في هذه الصفات القارئ الشيخ كامل يوسف البهتيمي.
ووقفت صفات الشيخ البهتيمي حجر عثرة أمام الحفاظ على قراءاته الفريدة لآيات الذكر الحكيم، ويقول الكاتب المصري شكري القاضي في كتابه "عباقرة التلاوة في القرن العشرين" إنه كان يعرف بطباعه الحادة وتقلب مزاجه الشديد.
ومع ذلك، لا يختلف اثنان على مكانة الشيخ البهتيمي في عالم التلاوة، وكان من ألمع قراء عصره في فترة الأربعينيات، لكن حظه لم يسعفه لوصول تسجيلاته إلى الأجيال التالية، ولم تهيأ له الظروف للوجود على الساحة القرآنية وخريطة إذاعة القرآن الكريم.
القارئ كامل البهتيمي
ولد الشيخ محمد زكي يوسف، الشهير باسم الشيخ كامل يوسف البهتيمي، في بلدة بهتيم بمحافظة القليوبية شمال مصر عام 1922، وتوفي في 6 فبراير/شباط 1969 عن عمر ناهز 47 عاما، بعد إصابته بنزيف حاد في المخ.
أتم الشيخ البهتيمي حفظ القرآن الكريم في عمر العاشرة، وكان أصغر قارئ يرفع الأذان في مسجد قريته، وسرعان ما عيُن قارئًا للسورة في قريته، وذاع صيته في القليوبية والمحافظات المجاورة، وفي منتصف الأربعينيات سافر إلى فلسطين لإقامة ليال قرآنية في شهر رمضان الكريم.
وفي عام 1947، وصلت شهرة الشيخ البهتيمي إلى العالمية، ونقلت إذاعة الشرق الأدنى في فلسطين صوته إلى دول العالم الإسلامي من سوريا إلى الهند ودول أوروبا، قبل أن يشد الرحال إلى القاهرة في مطلع الخمسينيات، وينزل ضيفًا على الشيخ محمد الصيفي، وهناك بدأ بإقامة الليالي والمناسبات الدينية.
واقعة في فلسطين
وفي أثناء وجوده في فلسطين، تعرض البهتيمي لموقف لم ينسه طوال حياته، حين حاصره عدد من الجنود الإنجليز السكارى عام 1944، وطلبوا منه أن يغني لهم، ولم يجد الشيخ بدًا من الانصياع لأمر الجنود، وراح يغني لهم كرهًا نحو 15 دقيقة، وذكرت صحيفة "الجمهورية" هذه الواقعة في عدد 17 فبراير/شباط 1988.
وفي تلك الفترة، جمع الشيخ البهتيمي قدرًا وفيرًا من الشهرة والثروة وبات واحدًا من ألمع قراء جيله، وعيُن قارئا للسورة بمسجد عمر مكرم لمدة 15 عامًا، لكن القدر لم يسعفه لاستكمال مسيرته القرآنية، إذ أصيب بشلل نصفي عام 1967، وخاض رحلة علاج استمرت عامين قبل أن تفيض روحه إلى بارئها عام 1969.
وجاء في كتاب "عمالقة التلاوة في القرن العشرين"، أن القارئ الشيخ البهتيمي جمع في حياته بين البراعة في تلاوة القرآن الكريم والقدرة على حفظ الألحان لأئمة المنشدين، ومن أبرز "التواشيح" التي قدمها "بذكر محمد تحيا القلوب.. أهواك يا كعبة النور.. فؤادي من شدة الوجد.. يا رب بالمصطفى بلغ مقاصدنا".
التحاقه بالإذاعة
وقال أحد أبناء الشيخ البهتيمي إن والده مُنع من قراءة القرآن في الإذاعة المصرية لـ"أسباب سياسية"، لكن الكاتب المصري شكري القاضي ينفي هذا الادعاء، ويقول في كتابه: "ليس صحيحا ما ذكره أحد أبنائه من أن هناك سببا سياسيا وراء توقف الإذاعة المصرية عن إذاعة تسجيلاته أو تجاهلها وعدم تكريمه في حياته".
ووفقًا لـ"القاضي"، فقد تأثر الشيخ البهتيمى كثيرًا بقراءة كل من: محمد رفعت ومحمد سلامة ومصطفى إسماعيل، وكان صوته مزيجا من أصوات الثلاثة، رغم أنه لم يتلق أي قدر من التعليم ولم يلتحق بمعهد قراءات ولم يتعلم التلاوة وأحكامها إلا من خلال الاستماع إلى عمالقة التلاوة الذي تأثر كثيرًا بأصواتهم.
ويرى "القاضي" أن هذه الأسباب كانت على الأرجح سببًا في عدم التحاقه مبكرًا بالإذاعة المصرية، التي تعاقدت معه لأول مرة أواخر عام 1953، وكان أجره وقتها 4 جنيهات مقابل تسجيل 30 دقيقة على شريطين مستقلين مدة كل منهما 15 دقيقة، ولا يعرف على وجه التحديد التاريخ الدقيق لالتحاقه بالإذاعة المصرية.
وهناك روايتان في هذا الشأن، الأولى جاءت على لسان الصحفي المصري محمود السعدني ويقول إن صوت الشيخ البهتيمي انطلق عبر الأثير في أبريل/نيسان 1938، بينما يقول ابنه عصام البهتيمي إن والده لم يلتحق بالإذاعة قبل عام 1953، وهناك أسطوانات إذاعية لتسجيلات الشيخ للقرآن البهتيمي للقرآن المجود.
aXA6IDE4LjExOC4yNTUuNTEg
جزيرة ام اند امز