إذا كانت استراتيجية حركة الشباب قد اقتصرت في السابق على نشر الرعب في الصومال، فإن دعايتها تكشف لنا عن نواياها في التغيير.
حذّر الرئيس السابق للمخابرات الصومالية، عبد الله محمد علي "سنبلشة"، من احتمال أن تكون جماعة الشباب الإرهابية "القاعدة" تتآمر للتأثير على الانتخابات المقبلة في الصومال. وبعد إجراء تحليل للدعاية الإعلامية الصادرة عن المجموعة، نلمس ما ذهب إليه سنبلشة.
وإذا كانت استراتيجية حركة الشباب قد اقتصرت في السابق على نشر الرعب في الصومال، فإن دعايتها تكشف لنا عن نواياها في التغيير نحو مرحلة جديدة. إن أبرز ملامح هذا التغيير هو تبنّيها الخطاب العاطفي، حيث ترغب في أن تظهر الحركة نفسها وكأنها تقف إلى جانب الشعب الصومالي، وأنها جزء من حل مشاكل البلاد.
هناك خوف عام من الترشح للانتخابات نتيجة عنف حركة الشباب، والتي من ناحية أخرى، حضّرت بالفعل العديد من الممثلين "معظمهم مجبرين" للزج بهم في سباق الانتخابات، خاصة في المناطق الريفية. واعتبارا من 20 نوفمبر/ كانون الثاني، وهو التاريخ الذي تنتهي فيه عهدة الحكومة الحالية، يتعيّن على الصومال أن تبدأ الإجراءات الخاصة بالفترة الانتخابية التي يبدو أن الجماعة الإرهابية تستعد لها بالفعل.
لا يخفى على أحد أن حركة الشباب تتسلل إلى المؤسسات الصومالية، بما في ذلك جهاز المخابرات الصومالي "نيسا". وبما أن قطر تتمتع بنفوذ كبير في الحكومة وتحافظ على علاقات قوية مع القاعدة، فإنها لن تمانع في مساعدة حركة الشباب على تحقيق هدفها، لأن كلاهما عبارة عن وجهان لعملة واحدة.
وبعد تحليل دعاية الجماعة الإرهابية الصومالية لشهر أغسطس/ آب 2020، نجد أنها نشرت 57 مقالاً. وقبل ثلاث سنوات من الآن، كانت إصدارات الحركة تركز على إظهار هجماتها أو تشويه سمعة الحكومة الصومالية أو بقية الدول باستثناء تركيا وقطر. وفي الشهر الماضي، مثلاً، وجهّت حركة الشباب دعايتها للحديث عن نفسها 11 مرة فقط، أي ما يعادل 20٪ من إجمالي الدعاية المنشورة. وفي نفس الإصدارات، بلغت نسبة المواضيع ذات الصلة بالصومال 18٪، حيث تُقدّم الحركة نفسها دائماً كجهة وبديل شرعي. ومما لا شك فيه أن قيادة الجماعة قد غيّرت استراتيجيتها لمحاولة الوصول إلى السلطة في البلاد.
وإذا كانت القاعدة في الصومال قد تناولت البلد في 38٪ فقط من دعايتها، فعن مَن تحدّثت في النسبة المتبقية؟ إنها نقطة انطلاق ممتازة لاكتشاف نواياها. ووجّهت الحركة ما نسبته 20٪ للحديث عن بلد قريب مثل السودان، أي النسبة ذاتها التي تحدثت فيها عن نفسها. وإذا استمر الحال على ما هو عليه، فإن الحركة تُشير إلى السودان باعتباره الهدف التالي للقاعدة. ولا تبدو كينيا بعيدة عن نوايا الجماعة، حيث خصصت لها نسبة 16٪ من دعايتها لهذا الشهر.
إلى ذلك، خصصت الحركة ما نسبته 9٪ من الدعاية لإثيوبيا، وهو بلد يدخل ضمن منطق تفكيرها، بينما يبرز معطى غريب وهو ذكر إسرائيل الذي ارتفع إلى 5٪. واستمرارا في مناورتها لنشر خطابها الأبوي، فقد خصصت 1٪ لأوغندا، وهو نفس الرقم المخصص لتنزانيا وبوروندي، وهو ما يكشف عن نوايا الحركة في المنطقة.
ومن الواضح أن حركة الشباب تحاول تغيير سرديتها من خلال تقديم نفسها كبديل، لكنها تتناسى جميع الأيتام الذين خلّفتهم في البلاد. يتظاهرون بالحزن على موت مئات الجمال في كينيا، لكنهم ينسون مئات الآلاف من النازحين في ظروف بائسة والذين كانوا هم السبب المباشر في معاناتهم. لا شك أن للدعاية الإعلامية قيمة كبيرة، لكنها للأسف هذه المرة توجد في أيدي قلة من البائسين الذين لن يدّخروا جهداً في تصدير نموذج النشر هذا إلى مناطق أخرى من إفريقيا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة