أحمد الرميحي.. مهندس تدمير الرياضة الأمريكية لخدمة أجندة قطر
الرميحي مستثمر قطري اقترن اسمه بأكثر من قضية تشهدها المحاكم الأمريكية عادت صورته لتتصدر المشهد مع فتح ملف قضية جديدة قبل يومين.
الهروب من جريمة بارتكاب سلسلة جرائم أكبر نهج قطري بات واضحاً لجيران الدوحة، في محاولة منها لغسل أيديها من فضائح عملائها وسماسرتها، وآخرهم أحمد الرميحي.
والرميحي مستثمر قطري اقترن اسمه بأكثر من قضية تشهدها المحاكم الأمريكية، قبل أن يفر من الولايات المتحدة، ثم تعود صورته لتتصدر المشهد مع فتح ملف قضية جديدة قبل يومين استهدفت تدمير الرياضة الأمريكية.
بنظرة خاطفة على سجل الجرائم والفضائح التي تورط فيها الرميحي، يمكن اكتشاف أنه لم يكن مجرد سمسار لقطر فحسب، أو واجهة لأنشطتها غير المشروعة، بل شبكة فساد وإفساد وتخريب كبرى، استهدفت مجالات عدة في أمريكا بدءا من السياسة، مرورا بالاقتصاد، ولم تكن نهايتها عند بوابة الرياضة.
ظهر اسم الرميحي للمرة الأولى، على خلفية اتهامات برشوة كبار مساعدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عقب فوزه بالرئاسة نهاية عام 2016 كمحاولة للتأثير على قرارات البيت الأبيض.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2017 ويناير/كانون الثاني 2018، حضر المستثمر القطري حفلين رسميين للمنظمات الصهيونية بالولايات المتحدة، في إطار حملة متواصلة للدوحة للتقرب من المنظمات الداعمة لإسرائيل، من أجل المساعدة في تخفيف الضغوط عليها في ملف "تمويل الإرهاب".
وشهد أبريل/ نيسان 2018، رفع دعوى قضائية ضد الرميحي بقيمة 1.2 مليار دولار من قبل اتحاد كرة السلة الأمريكي (Big 3)، الذي أسسه الممثل والفنان آيس كيوب وشريكه جيف كواتينيتز يتهمه فيها بالتخلي عن التزاماته وعدم دفع أموال تعهد بها بموجب عقد شراكة، ضمن مؤامرة قطرية للسيطرة على الاتحاد.
وفي العام نفسه اتهمه رجل الأعمال الأمريكي، إليوت برويدي، أحد أبرز المسؤولين عن جمع التبرعات في حملة ترامب الانتخابية، بالمشاركة في قرصنة بريده الإلكتروني وتسريب رسائل منه وتزييفها وإخراجها من سياقها.
وعلى خلفية تلك الدعاوى القضائية، فر المستثمر القطري من أمريكا في مايو/أيار 2018، قبل أن تمنحه الدوحة حصانة دبلوماسية نهاية العام نفسه، لحمايته من المثول أمام المحاكم الأمريكية.
ومع تكشف معطيات جديدة في قضايا الرميحي القديمة، رفع اتحاد كرة السلة الأمريكي، قبل يومين، دعوى قضائية ضد مكتب محاماة أمريكي يعمل وكيلا للأسرة الحاكمة في قطر، بعد أن تبين له أنه كان شريكا في المؤامرة التي كانت تحاك ضده عام 2017.
رشوة الرميحي
وتعود بداية فضائح أحمد الرميحي في واشنطن إلى نهاية عام 2016، وذلك عقب الإعلان عن فوز دونالد ترامب؛ حيث أوكلت له قطر، مهمة رشوة مسؤولين في الإدارة الأمريكية الجديدة – آنذاك – لاستمالتها في صف الدوحة.
وكشف المحامي الأمريكي الشهير مايكل أفيناتي عن مقطع فيديو يؤكد تورط الرميحي في محاولة رشوة الإدارة الجديدة في ديسمبر/كانون الأول 2016.
المستثمر القطري نفسه اعترف أنه كان بالفعل موجودا في اجتماعات في مانهاتن في ديسمبر/كانون الأول 2016، بحسب شبكة سي إن إن الأمريكية.
وزعم أن تواجده في هذه الاجتماعات جاء بصفته مديرا لاستثمارات قطر عبر الصندوق السيادي الخاص بها، وهو منصب ظل يشغله حتى مارس/أذار 2017، لمرافقة وفد الدوحة الذي كان بصدد لقاء بعض المسؤولين في المرحلة الانتقالية لترامب.
وفي هذا السياق، كشف مصدر مقرب من الرميحي، في تصريحات لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية أن الاجتماع خصص بالفعل لمحاولة رشوة الإدارة الجديدة عبر ضخ استثمارات قطرية في مشاريع وشركات مرتبطة بها.
مؤامرة مزدوجة
وعقب ذلك تم الكشف عن مؤامرة قطرية جديدة ضد كرة السلة اللعبة الأشهر في الولايات المتحدة، بعدما رفع اتحاد اللعبة دعوى قضائية ضد الرميحي عام 2018، بسبب أموال لم يدفعها ضمن عقد للشراكة.
قصة الرميحي مع (Big 3) كانت معقدة وتحمل أكثر من هدف، ففي الرياضة كانت الدوحة تعتزم ضخ أموال في دوري كرة السلة، من أجل زيادة نفوذها السياسي في الولايات المتحدة، وتعزيز قوتها الناعمة في تلك الدولة.
وحاولت لتحقيق هذا الهدف الاستيلاء على Big 3 تحديدا، لهدفين، أولها أن السلة الأمريكية تحظى بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة، والهدف الثاني أن جيف كواتينيتز أحد مؤسسي الاتحاد هو صديق لستيف بانون، أحد كبار مستشاري الرئيس ترامب آنذاك، وكان فرصة لاستغلال هذا الأمر.
ونشرت وكالة "بلومبرج" الأمريكية لقاء صحفيا مع ستيف بانون، كبير مستشاري ترامب للشؤون الاستراتيجية سابقا، والذي فضح فيه محاولات الاستمالة تلك.
وقال بانون، في مقابلة أجريت معه إن "قطر بذلت جهودا كبيرة للاجتماع معي في عام 2017، ضمن حملة أوسع تشنها للتأثير على الإدارة الأمريكية".
وأوضح المسؤول الأمريكي السابق، أن صديقه جيف كواتينيتز، الرئيس التنفيذي السابق لرابطة كرة السلة (BIG 3)، كان وسيطا مع المستثمر القطري أحمد الرميحي، الذي طلب المساعدة في عقد اجتماع بين بانون وحكومة الدوحة.
وتابع: "كانوا يتطلعون للجلوس معي، لكني رفضت تلك المقابلة، ولم أقابل أي منهم أبدا".
وفيما يرتبط بالجانب الرياضي أيضاً، كشف النجم الأمريكي آيس كيوب أن قطر كانت تحاول السيطرة على اتحاد BIG3 عبر الحصول على حصة أكبر من المتفق عليها في عقد الشراكة، وعندما رفض الاتحاد تخلوا عن تسديد باقي التزاماتهم بموجب العقد.
وبعد أن فشلت الدوحة في السيطرة على اللعبة الأشهر في أمريكا، عن طريق إغداق اتحادها بملايين الدولارات، بدأت مسلسل تدمير اللعبة، عبر محاولة تأسيس دوري منافس لـBig3.
وفي 2018، رفعت الشركة دعوى قضائية تتهم فيها "المستثمرين" بدفع نصف الأموال المتفق عليها فقط، وعدم الالتزام بسداد باقي المستحقات وتضمنت الدعوى أيضا تهم التشهير والقذف.
كما جرى في وقت لاحق تقديم دعوى جديدة تتهم "العملاء القطريين بمحاولة تأسيس دوري منافس لـBig3".
وقتها قرر المستثمر القطري أحمد الرميحي الفرار هاربا من الولايات المتحدة إلى الدوحة، قبل أن تمنحه قطر الحصانة الدبلوماسية وذلك في محاولة لحمايته من المثول أمام القضاء الأمريكي، بتهم متعلقة بأنشطته المشبوهة في هذا الصدد.
فضائح جديدة
ومع ظهور معلومات جديدة في القضية، تلقت المحكمة العليا لولاية نيوريورك، دعوى جديدة الخميس الماضي، تتهم قطر صراحة وبشكل مباشر، عبر مكتب محاماة كوين إيمانويل أوركهارت آند سوليفان، بخدمة مصالحها والعائلة الحاكمة على حساب اللعبة.
وقبل يومين، كشف موقع above the law المختص بالشؤون القانونية في الولايات المتحدة، أن شركة "كوين إيمانويل" للمحاماة متهمة بالعمل كجاسوس لصالح قطر.
الموقع الأمريكي أعد تقريرا شاملا بخصوص الدعوى القضائية، التي تضمنت اتهاما لقطر لمحاولة إنشاء اتحاد مواز لـ Big3 في محاولة لتدمير اللعبة، عبر لاعب كرة السلة روجر ميسون جونيور.
جونيور كان مفوضا لاتحاد كرة السلة خلال وقت سابق، قبل طرده بسبب استغلاله من جانب العملاء القطريين في محاولة تدمير اللعبة، بعد فشل محاولات السيطرة عليها في السنوات الماضية، بحسب الموقع.
ووفقاً لما ذكره اتحاد كرة السلة الأمريكي، فإن العلاقة بين محاميه ومكتب كوين إيمانويل، سمحت للأخير بالتسلل إلى فريقه القانوني لتشتيت تركيزهم بعيدا عن العلاقة التي تربط بين الحكومة القطرية وميسون جونيور.
اتحاد كرة السلة قدم العديد من الاتهامات لمكتب المحاماة الشهير على هامش تعامله مع عدد من المستثمرين القطريين في الآونة الأخيرة، بجانب محاولة تدمير اللعبة.
وتضمنت الاتهامات أيضا، تقديم قطر عشرات الملايين من الدولارات للمكتب سنويا، تتضمن أعمالا مرتبطة بتنظيم الدوحة لمنافسات كأس العالم بعد عامين من الآن.
كما تلقى كوين إيمانويل اتهاما صريحا من جانب اتحاد السلة بأنه "جاسوس وعميل وخائن وكشف كافة أسرار اتحاد كرة السلة لقطر وساعدها بمعلومات استخباراتية".
وجاء في نص الدعوى في هذا الصدد أن: "كوين سيصبح جاسوسا لصالح قطر، المعروف عنها دعمها للإرهاب والتحالف مع إيران".
أيضا ظهر اسم الرميحي بفضيحة تورط قطر في حملة هدفها جلب دعم اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، من أجل المساعدة في تخفيف الضغوط عليها في ملف "تمويل الإرهاب".
وكشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، في مايو/ آيار 2018، أن الرميحي، قد حضر حفلين رسميين للمنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 ويناير/كانون الثاني 2018، في إطار حملة متواصلة للدوحة للتقرب من المنظمات الداعمة لإسرائيل، من أجل المساعدة في تخفيف الضغوط عليها في ملف "تمويل الإرهاب".
وكان الرميحي قد حضر الاحتفال السنوي للمنظمة الصهيونية الأمريكية في الشهرين المذكورين أيضاً، كما حضر مناسبة رسمية في لوس أنجلوس لمنظمة آيباك، أكبر لوبي يهودي في الولايات المتحدة.
مشروع تخريبي
ولعل هذا السجل المخزي لأحد عملاء الدوحة يكشف ملامح السياسة القطرية القائمة على التأثير على الإدارات الغربية، عبر دفع رشى بمليارات الدولارات على شكل استثمارات كمحاولة للتغاضي عن مشروع الدوحة التخريبي في المنطقة.
وكانت الرياضة أحد الضحايا المباشرة لتلك السياسة، ليس بما حدث في كرة السلة الأمريكية فحسب، بل يعد مونديال 2022، أكبر شاهد على ذلك.
فقد ظلت اتهامات الرشى تحاصر قطر على مدار السنوات الماضية، من كافة المسؤولين السابقين والحاليين أيضا في اتحادات كرة القدم قاريا ودوليا.
الفرنسي ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم السابق، كان آخر المطالبين بسحب تنظيم كأس العالم 2022 من قطر بسبب الفساد والرشاوي.
ورغم أن بلاتيني اعترف بنفسه مرارًا وتكرارًا علنًا أنه صوت لصالح قطر في سباق تنظيم كأس العالم 2022،عاد وغيّر موقفه ودعا لسحبه من الدوحة بسبب الأدلة الجديدة التي وجدتها جهات التحقيق الأمريكية، وتؤكد استخدام قطر للرشاوي نظير الظفر بتنظيم المونديال.
aXA6IDE4LjIyNC43MC4xMSA= جزيرة ام اند امز