الشارقة يتوج بلقب دوري الخليج العربي بعد غياب 23 عاماً في قصة كفاح تستحق أن تروى.. تعرف على التفاصيل.
يقولون عن الأسد ملك الغابة، لكنه عندما ينهزم يُغادر ويُنفى كراهيةً، ويبتعد إلى زوال غير عائد أبداً.. لكن الملك الشرجاوي لديه قصة أخرى تختلف عن الليث الذي فقد مملكته وقَبِل الهزيمة في هدوء.
أزيح "الملك" من على عرشه منذ أكثر من 20 عاماً، وظن الجميع أنه رحل إلى غير رجعة، بيد أنه عاد عودةً تليق بالملوك العظام، ليتربع على عرش الكرة الإماراتية كلها من جديد.
فريق الشارقة استعاد دماءه الملكية الذهبية، وشحن طاقاته، وبدأ مسيرته الحافلة في دوري الخليج العربي لموسم 2018-2019، ماراً بكل الذين تسببوا في تعطيل عودته للعرش المفقود، موزعاً الهزائم بعدل بينهم، دون أن يسقط أو يتذوق طعم الهزيمة في أي مرة.
الملك هو البطل الأول والأخير للإمارات، هو الذي أنار الطريق نحو منصات التتويج في أول مواسم الدوري الإماراتي موسم 1973-1974، وهو الذي حقق اللقب في الموسم الحالي للمرة السادسة في مسيرته.
عبد العزيز العنبري كان دليل الملك في رحلة العودة المنتظرة منذ 23 عاماً، قاد قافلة الشارقة في طريق معتم في بدايته، ونجح في الوصول به إلى نقطة النور في النهاية.
الشارقة غاب عن التتويج باللقب الأكبر في الإمارات منذ موسم 1995-1996، وبعدها خاض بأجياله المتعاقبة 22 محاولة باءت كلها بالفشل، وفي نفس الفترة كان القائد العنبري في طور التحضير، ليجود به الزمان ويهديه للملك العائد.
رجال العنبري حققوا ما لم يحققه فريق آخر قبلهم في دوري المحترفين، وهو التتويج باللقب دون قبول أي هزيمة على الإطلاق، فلم يجرؤ أحد على ترك ندبة على جسد الملك المتوج، وكل من حاول أو فكر عوقب على الفور.
في بداية الرحلة، وضعت إدارة الملك هدفاً لفريقها، وهو إنهاء الموسم في مركز مؤهل لمغامرة آسيوية جديدة، لكن العنبري كان له رأي آخر، مضى في طريقه وتخطى العقبات واحدة تلو الأخرى، حتى استحوذ على القمة بلا منافس قريب.
كأس دوري الخليج العربي هي الفريسة التي طالما ترقبها الملك.. انتظر حتى برزت أنيابه واحتدت مخالبه، ليصبح مستعدا للإجهاز عليها بنجاح، تماماً مثل الأسد العائد لمملكته المفقودة، وربما بات هذا سبباً إضافياً لاستحقاقه لقب "الملك".
وخلال أكثر من 20 عاماً من التخبط والابتعاد عن الزعامة، حاول الشارقة إيجاد الحلول ليمسي على الطريق الصحيح استعداداً لبزوغ الشمس التي يلمع بها تاج العلاء المخصص للملك.
الاستعانة بمحسن مصبح على رأس الإدارة كان لها عامل سحري، فالشارقة الآن لديه واحد من نجومه وأساطيره، يعرف جيداً كيف يمهد الطريق للاعبين ومدربهم، ولديه ما يكفي من الخبرة ليحميهم في رحلتهم الذهبية المهددة دائماً بالمخاطر.
الأمر لم يكن سهلاً على الإطلاق لكتيبة العنبري، ففي نصف الموسم الأول كان فريق العين حامل اللقب منافساً فوق العادة للشارقة على القمة، لكن بعد خوض كأس العالم للأندية، التي وصل فيها "الزعيم" إلى قمة المجد باقتناص فضية المونديال، عاد الفريق بدون مدربه زوران، ودون حسين الشحات أحد أهم نجومه.
وكان هذا ما ينتظره الملك.. ليستغل لحظات الضعف التي عانى منها منافسه بالشكل الأمثل، حيث وسّع الفارق، وأزاح حامل اللقب من السباق تماماً، ليظهر له بعدها على الطريق منافس جديد لم يكن متوقعاً.
في الأمتار الأخيرة للسباق، حاول الجزيرة أن يدخل حلبة المنافسة على اللقب، لكنه تلقى عدة ضربات عطلته كثيراً، إحداها كانت من الشارقة نفسه الذي هزمه بثلاثة أهداف مقابل هدفين، بعد أيام قليلة من تلقيه الخبر الصادم بإصابة لاعبه الأوزبكي شوكوروف وانتهاء موسمه مبكرا.
ثم تقدم شباب الأهلي للوصافة في محاولة تكاد تكون مستحيلة للحاق بالملك، لكن المسيرة الكبيرة التي قطعها الشارقة منذ البداية جعلت الفارق مريحاً بما يكفي حتى يصل أولاً إلى منصة التتويج.
وفي فترة ازدهار المنافسين الجدد على اللقب، كان الملك يسير بنهج الأسود.. قام بتوفير طاقته قدر المستطاع، وخاض عدة جولات بمجهود أقل.. تعطل قليلاً، لكنه عرف جيداً كيف وأين يعود بكل قوته وطاقته لحسم اللقب.
الملك الشرجاوي حسم لقبه الأول في عهد الاحتراف، وأرسل إنذارا للجميع بأنه عاد إلى عرشه، ولن يتنازل عنه مجددا بسهولة، متسلحا بكتيبة مميزة من اللاعبين، ومدرب شاب يعرف من أين تؤكل الكتف، وكيف يمكن حسم الألقاب، فهنيئا للمسابقة بعودة بطلها الأول.