سلاح مليشيات العراق.. هل يغادر السوداني مربع التصريحات؟
شكك مراقبون في الشأن السياسي العراقي في قدرة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على التحرك نحو نزع سلاح المليشيات.
ويمثل الوجود المليشياوي للفصائل المسلحة في العراق أحد أهم التحديات التي تواجه الحكومات المتعاقبة على البلاد ما بعد 2003، والتي تركت آثارها السلبية الكبيرة على الاستقرار الأمني والسياسي والصورة الإقليمية لبغداد.
وغالبية المليشيات ترتبط بإيران، التي أمدتها بالمال والسلاح ووفرت أسباب تعزيز نفوذها في البلد الجار.
وأمس الأحد، قال السوداني في تصريح صحفي إن بلاده "ستصل قريبا لمرحلة نزع السلاح من كل القوى، ولن يكون هناك سلاح خارج سيطرة الدولة".
ويأتي ذلك التصريح بعد ساعات على استقباله الأمين اللعام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني بمبنى القصر الحكومي في العاصمة بغداد.
وخلال ذلك اللقاء شدد السوداني على أن "العراق لن يكون ساحة للجماعات المسلحة ولن تكون البلاد منطلقاً لتهديد أمن دول الجوار".
وينحدر السوداني من مظلة "الإطار التنسيقي"، التي تضم قوى وفصائل مسلحة مقربة من إيران والتي غالباً ما تضطلع بعمليات مهاجمة المصالح الأمريكية في العراق.
وكان السوداني تعهد خلال منهاجه الحكومي الذي حظى بثقة البرلمان عقب التصويت عليه، بجملة من القضايا بينها تحقيق الإصلاح الاقتصادي والسيطرة على السلاح الذي يتحرك خارج إطار الدولة.
ويرى مراقبون أن مساعي السوداني الأخيرة بكبح جماح السلاح المليشياوي أمراً في غاية الصعوبة وأن جزءاً من ذلك الخطاب يأتي انسجاماً مع التطورات الإقليمية الأخيرة التي أفضت إلى اتفاق طهران والرياض.
الأكاديمي والمحلل السياسي منقذ داغر، وخلال حديث لـ"العين الإخبارية"، قال إن "الإطار التنسيقي ومنذ وصول السوداني إلى السلطة يحاول أن يعيد التموضع وانتاج خطاب مغاير في مسعى لتقديم صورة مختلفة أمام الغرب ولكن الأمر ليس بالأقوال وإنما الأفعال من تثبت صدق ذلك".
وأضاف داغر، أن "السوداني قد يتحرك لنزع أسلحة فصائل ومجاميع مسلحة صغيرة ليس لها ذلك النفوذ والامتداد حتى يكتسب الثقة ولكن لن يستطيع الاقتراب من المليشيات الرئيسية والتي لها أغطيتها السياسية".
ويلفت داغر إلى أن ذلك النوع من الخطاب ليس ببعيد عن التوافق الذي توصلت إليه طهران والرياض برعاية صينية لذا تحاول إيران اثبات حسن نواياها بعد أن تم اعطاءها مهلة تصل لنحو شهرين حتى تبين صدق التزامها باتفاقها المبرم مع الرياض، ما يعني السوداني قد يحقق مكاسب في هذا الإطار ولكن تحت السقف الممكن".
ويشدد داغر على أن "إيران لا يمكن لها أن تخسر الورقة العراقية والنفوذ المتحقق في هذه البقعة وخصوصاً أن الأذرع المسلحة باتت ورقة ضغط تعتمدها في علاقتها مع الولايات المتحدة إزاء مصالحها في المنطقة".
من جانبه، قال الخبير الأمني والضابط المتقاعد، أحمد الشريفي، إن "رئيس الوزراء قد أغرق الشارع بالوعود والعهود والتي لاتتعد عن كونها نوايا فقط دون القدرة على تحويلها إلى واقع عملي ".
وأشار الشريفي، إلى أنه "من ضمن الوعود التي قطعها السوداني على نفسه أمام الإطار مقابل تسنم رئاسة الوزراء ألايقترب من موضوعين رئيسيين وهما السلاح المنفلت غير الخاضع للوائح والقوانين الأمنية وثانياً الفساد وخصوصاً في المنافذ والمعابر غير الشرعية".
ويعطف بالقول: "الفصائل المسلحة أصبحت تمتلك القوة والنفوذ الكبيرين وخصوصاً عصائب أهل الحق والكتائب، حتى أنهما نجحا في انتزاع مسافة لا بأس بها عن طهران".
فضلاً عن ذلك كما رأى الشريفي لـ"العين الإخبارية"، أن "القرار الإيراني منقسم ما بين الباسيج الذي يضطلع بمهمة إدارة الدولة والحرس الثوري الذي يتحكم في تلك المليشيات وبالتالي فإن ما يتبناه الأول من مواقف دولية وخارجية ليس بالضرورة أن يلتزم ويركن إليه الطرف الثاني".
وأكد الشريفي: "ستحاول المليشيات المسلحة أن تصنف أسلحتها خارج ذلك الوصف بالانتساب إلى الحشد الشعبي باعتباره إحدى التشكيلات الأمنية وهي المظلة التي دائماً ما كانت تحتمي تحت ظلها".
aXA6IDE4LjE5MS4xNTQuMTMyIA== جزيرة ام اند امز