قمة العلا.. بيان وإعلان يرسمان خارطة لمستقبل الخليج
اختتمت القمة الخليجية 41 التي عقدت في العلا شمال غرب السعودية، بإصدار بيان ختامي مطول من 117 بندا، وإعلان حمل اسم "إعلان العلا".
وتضمن البيان الختامي المطول رؤية دول الخليج لتعزيز مسيرة التعاون في مختلف المجالات ومواقفهم من مختلف القضايا العربية والدولية.
فيما أكد "إعلان العلا" على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي والإسلامي وتعزيز وحدة الصف والتماسك بين دول مجلس التعاون وعودة العمل الخليجي المشترك إلى مساره الطبيعي، والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.
واشترك كل من الإعلان والبيان في بعض البنود الخاصة بتعزيز التعاون الخليجي في المجالات الأمنية والعسكرية والصحية، ليتكاملا معا في رسم خارطة طريق لمستقبل دول الخليج في مواجهة التحديات الجديدة مثل انتشار جائحة كورونا، أو القديمة مثل مكافحة الإرهاب والتدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة وتحقيق التنسيق والتكامل.
ويبقى الأهم أن عقد القمة في حد ذاته جاء بمثابة صفحة جديدة مشرقة في تاريخ دول المجلس والمنطقة، ولكن يبقى حسن التنفيذ والشفافية والالتزام بما تضمنته القمة هو الضمانة الحقيقية لطي صفحة الأزمة ورأب الصدع الخليجي بشكل كامل و تحقيق انطلاقة جديدة لمسيرة مجلس التعاون .
قمة السلطان قابوس والشيخ صباح
وصدر عن القمة الخليجية التي ترأسها ،الثلاثاء، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بيان ختامي مطول من 117 بندا تضمن مواقف دول الخليج من مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وتم إطلاق اسم "قمة السلطان قابوس والشيخ صباح " على القمة وفاء وتقديرا للزعيمين الراحلين سلطان عمان قابوس بن سعيد وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
وأشاد البيان بالجهود والمساعي الخيرة والمخلصة التي بذلها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير الكويت الراحل لرأب الصدع بين الدول الأعضاء، وعبر عن شكره وتقديره لجهود الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، أمير الكويت، وجهود الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة في هذا الشأن.
شكر للإمارات وإشادة بإنجازاتها
وعبّر البيان الختامي عن "بالغ التقدير والامتنان للجهود الكبيرة الصادقة والمخلصة، التي بذلها الشيخ خليفه بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات العربية المتحدة، وحكومته، خلال فترة رئاسة الإمارات للدورة الأربعين للمجلس الأعلى، وما تحقق من خطوات وإنجازات هامة".
وفي إشادة بإنجازات الإمارات، رحّب قادة الخليج "بإطلاق الإمارات لمسبار الأمل الذي سيصل للمريخ في فبراير/ شباط القادم وتشغيل محطة (براكة) ضمن البرنامج السلمي للطاقة النووية".
وأكدوا على "أهمية تبادل الخبرات والاطلاع على تجارب الدول الأعضاء في هذه المجالات".
في الشأن الخليجي، أكد قادة الخليج "الحرص على قوة وتماسك مجلس التعاون، ووحدة الصف، ووقوف دولهم صفاً واحداً في مواجهة أي تهديد تتعرض له أي من دول المجلس".
وأبدى قادة دول الخليج ارتياحهم لما تم إحرازه من تقدم في تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لتعزيز وتفعيل العمل الخليجي المشترك، التي أقرها المجلس الأعلى في دورته الـسادسة والثلاثين ديسمبر 2015.
ووجهوا "بمضاعفة الجهود لاستكمال ما تبقى من خطوات، وفق جدول زمني محدد".
واطلع قادة الخليج على ما وصلت إليه المشاورات بشأن تنفيذ مقترح العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، ووجهوا بالاستمرار في مواصلة الجهود للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد.
وفيما يتعلق بجهود مواجهة جائحة فيروس كورونا، أكد البيان " أهمية الاستجابة الجماعية، والتعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية والدول الشقيقة والصديقة لمواجهة هذه التحديات، والعمل على توفير اللقاح للوقاية من هذا الفيروس، والعلاج للمصابين".
التكامل الخليجي
وفيما يتعلق بالتكامل الاقتصادي، شدد البيان الختامي "على أهمية التركيز على المشاريع ذات البعد الاستراتيجي التكاملي في المجال الاقتصادي والتنموي، وأبرزها الانتهاء من متطلبات الاتحاد الجمركي، والانتهاء من تحقيق السوق الخليجية المشتركة، ومشروع سكة الحديد".
وبخصوص التعاون العسكري والأمني المشترك، وافق قادة دول الخليج على تعديل المادة السادسة في اتفاقية الدفاع المشترك، وذلك بتغيير مسمى قيادة "قوات درع الجزيرة المشتركة" إلى "القيادة العسكرية الموحدة لدول مجلس التعاون".
أكد قادة دول الخليج على مواقف وقرارات مجلس التعاون الثابتة تجاه الإرهاب والتطرف، أياً كان مصدره ونبذه لكافة أشكاله وصوره، ورفضه لدوافعه ومبرراته، والعمل على تجفيف مصادر تمويله.
وعبر قادة الخليج عن إدانتهم الشديدة لنشر أية رسوم مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، معتبرين ذلك إساءة لمشاعر المسلمين كافة وتعبيراً صارخاً عن الكراهية، وشكلاً من أشكال التمييز العنصري،
وأكد المجلس على أهمية تعزيز ثقافة التسامح والتعايش والحوار.
كما أشاد البيان الختامي بجهود التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في ملاحقة قيادات ما يُسمى بتنظيم داعش الإرهابي، وأشادوا بقرارات الدول التي صنفت حزب الله كمنظمة إرهابية.
تهنئة لبايدن وتحذير لإيران
وفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية، هنأ قادة دول الخليج، الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، بالفوز في الانتخابات الرئاسية، وأكدوا تطلعهم إلى تعزيز العلاقات التاريخية والاستراتيجية مع بلاده.
وأعرب البيان الختامي "عن الرفض التام لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة، وإدانته لجميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها إيران، وتغذيتها للنزاعات الطائفية والمذهبية".
ودعوها إلى "ضرورة الكف والامتناع عن دعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات، وإيقاف دعم وتمويل وتسليح المليشيات الطائفية والتنظيمات الإرهابية".
وأكد قادة دول الخليج "على ضرورة أن تشتمل أية عملية تفاوضية مع إيران معالجة سلوك إيران المزعزع لاستقرار المنطقة، وبرنامج الصواريخ الإيرانية بما في ذلك الصواريخ الباليستية والكروز والطائرات المسيرة، والبرنامج النووي الإيراني في سلة واحدة".
وأكد قادة دول الخليج على دعم كافة الإجراءات التي تتخذها دول مجلس التعاون للحفاظ على أمنها واستقرارها أمام التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية ودعمها للتطرف والإرهاب.
وأدان البيان الختامي الأعمال التي تستهدف أمن وسلامة الملاحة والمنشآت البحرية وإمدادات الطاقة وأنابيب النفط، والمنشآت النفطية في الخليج العربي والممرات المائية، بوصفها أعمالاً تهدد أمن دول المجلس والمنطقة، وحرية الملاحة الدولية، وتقوض الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
وأكد قادة دول الخليج "دعم حق السيادة للإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.
ودعوا إيران للاستجابة لمساعي الإمارات العربية المتحدة لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
القضايا العربية
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أكد البيان الختامي "مواقف دول المجلس الثابتة من القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، ودعمها للسيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حقوق اللاجئين، وفق مبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية وقرارات الشرعية الدولية".
وبشأن القضية اليمنية، أكد قادة دول الخليج "دعم الشرعية في اليمن ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، وحكومته، لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل إلى حل سياسي، وفقاً للمرجعيات المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216".
وأشاد البيان الختامي " بالجهود المخلصة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة التي أثـمرت عن التوقيع على آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي بتاريخ 29 يوليو 2020.
ورحب المجلس الأعلى بتنفيذ الأطراف اليمنية ممثلة بالحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي لاتفاق الرياض وتشكيل حكومة كفاءات سياسية تضم كامل مكونات الطيف اليمني".
وأعرب المجلس عن دعمه للجهود القائمة لحل قضية سد النهضة وبما يحقق المصالح المائية والاقتصادية للدول المعنية، مثمناً الجهود الدولية المبذولة في هذا الشأن.
وفي الشأن الليبي، أكد مجلس التعاون على مواقفه وقراراته الثابتة بشأن الأزمة الليبية، ودعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي.
كما رحب البيان برفع اسم السودان من قائمة الولايات المتحدة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، متطلعاً لانتقاله إلى مرحلة جديدة من التنمية والتقدم والازدهار.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع المغرب، أكد البيان الختامي أهمية الشراكة الاستراتيجية الخاصة بين مجلس التعاون والمملكة المغربية، ووجه قادة دول الخليج بتكثيف الجهود لتنفيذ خطط العمل المشترك التي تم الاتفاق عليها في إطار الشراكة الاستراتيجية بينهما.
وعبر البيان الختامي عن إدانته لما يتعرض له المسلمون الروهنجيا في ولاية راخين والأقليات الأخرى في ولاية كاتشين شان والمناطق الأخرى في ميانمار من اعتداءات وحشية وتهجير ممنهج، ودعا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته لوقف أعمال العنف والتهجير.
إعلان العلا
وإضافة إلى البيان الختامي، صدر عن القمة بيان حمل اسم "إعلان العلا" ، أكد على الأهداف السامية لمجلس التعاون، التي نص عليها النظام الأساسي، بتحقيق التعاون والترابط والتكامل بين دول المجلس في جميع المجالات، وصولاً إلى وحدتها، وتعزيز دورها الإقليمي والدولي.
وشدد الإعلان على أن توقيع مصر على بيان العُلا، يؤكد "توثيق العلاقات الأخوية التي تربط مصر الشقيقة بدول المجلس، انطلاقاً مما نص عليه النظام الأساسي بأن التنسيق والتعاون والتكامل بين دول المجلس إنما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية".
ودعا الإعلان إلى تعزيز العمل الخليجي المشترك داعيا إلى "استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، وتحقيق المواطنة الاقتصادية الكاملة، بما في ذلك منح مواطني دول المجلس الحرية في العمل والتنقل والاستثمار والمساواة في تلقي التعليم والرعاية الصحية، وبناء شبكة سكة الحديد الخليجية، ومنظومة الأمن الغذائي والمائي، وتشجيع المشاريع المشتركة، وتوطين الاستثمار الخليجي. "
دعا الإعلان أيضا إلى "تعزيز التكامل العسكري بين دول المجلس تحت إشراف مجلس الدفاع المشترك واللجنة العسكرية العليا والقيادة العسكرية الموحدة لمجلس التعاون، لمواجهة التحديات المستجدة، انطلاقاً من اتفاقية الدفاع المشترك، ومبدأ الأمن الجماعي لدول المجلس".
aXA6IDMuMTQ3LjYyLjUg جزيرة ام اند امز