أمل دنقل.. سر الابتسامة الغائبة عن «الجنوبي» (بروفايل)
في مثل هذا اليوم 23 يونيو/ حزيران نحتفل بذكرى ميلاد الشاعر المصري الراحل أمل دنقل، الذي وُلد في عام 1940.
ولد أمل دنقل في قرية القلعة بمركز قفط بمحافظة قنا، وتركت بيئة الصعيد بصمتها على شخصيته، حيث اكتسب منها بشرة سمراء وطباعًا حادة، ما منحه لقب "الجنوبي".
كان والد أمل دنقل من علماء الأزهر، وعندما حصل على "إجازة العالمية" في نفس عام مولده، أطلق عليه اسم "أمل" تيمناً بالنجاح الذي حققه.
وفي سن العاشرة، توفي والده، مما جعل أمل يتحمل مسؤولية أمه وشقيقيه في سن مبكرة.
تروي والدته في مقطع فيديو نُشر بعد وفاته: "كان أمل منذ طفولته يظهر نضوجاً غير عادي. في المدرسة، كان متفوقاً ويقرأ كتب والده وكتب الكبار، حتى أنه قرأ الشعر والقصص الدينية كالقرآن والإنجيل والتوراة وهو لا يزال في الابتدائية. الجميع كانوا يشعرون بأنه سيصبح شاعراً، ولم يتراجع رغم وفاة والده، بل استمر في الاطلاع والتعلم".
أمل دنقل كان يصعد المنبر ليخطب الجمعة في قريته، ويشارك في الأفراح والتعازي، ليصبح كبير العائلة وهو لا يزال في سن مبكرة.
بعد أن أنهى دراسته الثانوية في قنا، انتقل إلى القاهرة والتحق بكلية الآداب، لكنه لم يلتزم بالدراسة، فعاد مرة أخرى إلى قنا ليعمل في المحكمة مع صديقه الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي، ولم يستمر أي منهما في الوظيفة، حيث غادرا مجددًا إلى القاهرة بحثًا عن الشهرة وإثبات الذات.
رجولة مبكرة
يحكي أمل أن والده كان يعزله عن اللعب مع أقرانه لأنه كان الابن الأكبر، مما دفعه نحو القراءة.
يضيف: "رؤيتي للعالم تشكلت من خلال الكتب، أمي كانت تعاملني كطفل، ووالدي كان يعاملني كرجل عندما كان عمري 10 سنوات".
أرملته، عبلة الرويني، أكدت هذا المعنى بقولها: "علمه اليتم الألم والمرارة، والظلم أن يصبح رجلاً صغيراً منذ طفولته.
لم يعرف كيف كان يلعب الأطفال في شوارع القرية، وظل لسنوات طويلة يرفض أكل الحلوى لأنها في نظره لا ترتبط بالرجولة.
وقد اشتهر بين رفاق الصبا بأنه الشخص الذي لا يعرف الابتسامة.
الانطلاقة الشعرية
كانت بداية أمل الحقيقية مع الشعر في عام 1969 عندما كتب "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة"، وهو الديوان الذي جسد فيه الشعور العربي المحتقن والمحبط عقب نكسة 1967.
وكان "أوراق الغرفة 8" آخر دواوينه، حيث كتبه وهو يصارع مرض السرطان، ونُشر بعد وفاته.
تميزت قصائد الديوان بحس فلسفي وسياسي، وعبر فيها عن معاناته مع المرض وتصوراته عن الحياة ولحظات ما قبل الموت.
الحياة الشخصية
تزوج أمل من الكاتبة الصحفية عبلة الرويني، وكانت بداية تعارفهما حوارًا صحفيًا أجرته معه لصحيفة "الأخبار".
لكن بعد تسعة أشهر من زواجهما، اكتشف إصابته بالسرطان، وعانى لفترة طويلة وسط تجاهل من الدولة وعدم توفر المال الكافي للعلاج.
ارتبط أمل دنقل بعلاقات صداقة قوية مع عدد من الشعراء مثل نجيب سرور، عبد الرحمن الأبنودي، يحيى الطاهر عبد الله، ومحمود درويش.
في 21 مايو/ أيار 1983، توفي أمل دنقل بعد معاناة طويلة مع السرطان في الغرفة رقم 8 بمعهد الأورام بالقاهرة.
aXA6IDMuMTcuMTgxLjEyMiA= جزيرة ام اند امز