بالصور.. شابة فلسطينية تتحدى صعوبات العيش بالرسم على الزجاج
الفنانة الفلسطينية أماني أبونعمة تحكي لـ"العين الإخبارية" عن تجربتها وبدايتها والصعوبات التي تواجهها، وسبلها لثقل موهبتها.
الشابة أماني أبونعمة، فنانة تشكيلية فلسطينية لم تستسلم للواقع المجبول بالقهر والجوع والحصار المقيت في قطاع غزة، بل قبل تخرجها استثمرت موهبتها في الرسم، وأبدعت ونجحت في ربط دراستها بالحياة العملية؛ لتحظى بركن مخصص لها في معرض كبير للتحف والهدايا في المدينة.
الفنانة الفلسطينية تحكي لـ"العين الإخبارية" عن تجربتها، وبدايتها والصعوبات التي تواجهها، وسبلها لثقل موهبتها، والأحلام التي تسعى لتحقيقها.
البدايات قبل الدراسة
تقول أماني أبونعمة، 25 سنة: "بدأت هواية الرسم عندي منذ صغري، وعندما دخلت الجامعة اخترت من أجلها تخصص الفنون الجميلة، وزامنت بين دراستي وموهبتي، حتى تطورت الغاية، وفي السنة الثالثة بدأت أنفذ ما أتعلمه أكاديمياً، فأرسم على الزجاج، وأحفر على الخشب، وأخطط على الأقمشة، ونال ما أنجزته رضا وقبول الكثيرين".
وتضيف: "هذا شجعني لأخوض غمار الحياة بإصرار وثقة، رغم ما يعانيه قطاع غزة من بطالة، ولم أسترح من عبق الألوان والريشة الحرير، وهي تلد زخارفي وكلماتي على الزجاج، حتى قادتني الصدفة إلى أحد رجال الأعمال الكبار في مدينة غزة، ورأى ما أُنتج فأعجب وشجع، وعرض عليّ عملاً في متجره الشهير بالمدينة، مخصصاً لي ركناً مستقلاً لكي أبدع وأنتج تحفا ورسومات".
مرحلة الاحتراف
شاركت الشابة أماني، خريجة عام 2015، في أكثر من معرض متخصص في الفن التشكيلي والتحف في مدينة غزة، عرضت خلالها أعمالها المتميزة، وأصبح لها زبائن معتمدون يطلبون منها ما يرغبون كهدايا وتحف منزلية.
وتقول أماني، لـ"العين الإخبارية: "بعد 5 سنوات من العمل وتحويل موهبتي إلى حرفة، نجحت في إقناع الناس بما أنتج، فأصبح لي زبائن يطلبون مني ما يرغبون، إضافة إلى ركني الخاص في المتجر بالقرب من ممره؛ ليشاهد الزوار ما أنتج بشكل مباشر، مستعرضة بعض التحف والأواني الزجاجية التي انتهيت من الرسم عليها، وهذه الخطوة جعلتني وجهاً لوجه مع الناس".
وتتابع: "لا أخفي أنها كانت فكرة مرفوضة في البداية كوني فتاة، لكنني تقبلتها بعد أيام من تنفيذها، ووجدت أنها مثمرة للغاية، وزاد الطلب على ما أعمل".
إثراء التجربة
توضح أماني أبو نعمة: "عندما وجدت في نفسي القدرة على العطاء، قررت تطوير حرفتي في الانخراط بعدد من الدورات المتلاحقة، التي من شأنها تفتيح مخيلة الإبداع لدي، وكلما قرأت عن دورة في هذا المجال تعجلت إليها، وحصلت على شهادتها، مستفيدة من عامل الوقت والتوفيق بين الدراسة، والعمل في متجر الهدايا".
وتضيف: "قادني شغفي في الرسم إلى ابتكارات كثيرة، منها الرسم بحرق الخشب، والنقش على الزجاج، وتوسيع ثقافتي ومطالعة الآداب الإنسانية خاصة الشعر، لكي أختار الجمل المعبرة، التي تجذب الزبائن، كما حصلت على دورات مكثفة ومتخصصة بالخط العربي، منها الرقعي والجرافيتي والديواني، وبعد أن تخرجت في الجامعة وحصلت على درجة البكالوريوس بدرجة امتياز، لم أتأخر في تقديم أوراقي ثانية للجامعة وحجز مكاني في الدراسات العليا، فالحياة كفاح والعمر كالسيف لا مهادنة معه".
من متدربة لمدربة
تحكي أماني أبونعمة عن إرادتها في تحدي الواقع: "لم أكتفِ بالعمل وطلب العلم، بل دخلت ميدان التدريب، وخصصت وقتاً وقاعة في مركز مهتم بالفنون الجميلة، لكي أعطي دروساً للفتيات والفتيان في الرسم على الزجاج، وهذا ما عزز لدي رغبة أخرى بأن الواقع مهما كان قاسياً فالإرادة تخترقه، وتقلب قسوته إلى سهل ممكن التعايش معه".
وتضيف: "لا أخفي أن الأجور ومقياس المال بالتعب فيه ظلم كبير لي، لكنني أعوض ذلك بالنجاح والتميز ورضا الناس عن موهبتي، وهذا ما أوصلني إلى وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا)، لأعمل لديها معلمة فنون جميلة بعقد مؤقت، وكان تعليمي موجها للأطفال في المخيمات الصيفية، ما أكسبني تجربة أحترمها جداً اليوم، زادتني يقيناً أن الصعاب أمام الإرادة ليس لها اعتبار".
مواجهة الصعوبات
تقول الفنانة التشكيلية: "في قطاع غزة الناس يتفهمون عمل الفتاة، وبدأوا يتقبلون الفنون ويولونها اهتماما، وأصحاب الفنون خاصة التشكيلية منها بات لهم مقام مرموق، وهذا ما نلمسه في شوارع غزة التي احتضنت جدرانها كبرى الجداريات المعبرة عن هموم الشعب الفلسطيني، ومنها من يزين جدران معرض سيارته بالرسوم المبدعة، وآخرون يعتمدون واجهات منازلهم بالرسم والنحت البديع، حتى سيدات البيوت أصبحن أكثر إقبالاً على التحف المنقوش عليها بالكلمات والرسومات".
وتضيف: "كل هذا مشجع لي لكي أستمر، رغم أن العقبات لا تكاد تنقطع عن حرفتي، وعلى سبيل الذكر فقدان أدوات الرسم والحفر، خاصة آلة الحرق على الخشب الممنوع دخولها إلى قطاع غزة، إضافة إلى ارتفاع أسعار الألوان وخامات الرسم، مضافاً إليها الأوضاع الاقتصادية الصعبة، والمعيشية المتردية، وانقطاع الكهرباء الذي شكل أرقاً حقيقياً لكل مناحي الحياة في غزة".
وتنهي حديثها: "أحلم بأن يكون لدي مرسم خاص، ومتجر تحف كبير، وأطلق عليه اسم (أرجوان)، وأفتح مركزاً متخصصا بالرسم على الزجاج، والأشغال الفنية والورود، كما أطمح إلى فتح مدرسة للطلاب الموهبين في قطاع غزة، وأدعم أصحاب الهمم ممن يملكون موهبة الرسم، والحفر على الخشب، والنقش على الزجاج".
aXA6IDMuMTQ3Ljc2LjE4MyA= جزيرة ام اند امز