سفير القاهرة في الرباط: العلاقات المصرية المغربية تاريخية
السفير أشرف إبراهيم، سفير جمهورية مصر العربية لدى المغرب، يقول إن الجانب الثقافي يشكل جزءا رئيسيا في العلاقات بين البلدين
أكد السفير أشرف إبراهيم، سفير مصر في الرباط، أن العلاقات المصرية المغربية لها جذور تاريخية، وأن الفترة المقبلة ستشهد تحديثا لكل الاتفاقيات التي تم توقيعها بين البلدين، موضحا أن حجم التعاون الاقتصادي لم يصل إلى المستوى المأمول ويسعى لزيادته.
وقال السفير المصري بالرباط، في حواره مع "العين الإخبارية" بمقر السفارة المصرية بالمغرب، إن الجانب الثقافي يشكل جزءا رئيسيا في العلاقات المصرية المغربية، مشيرا إلى أنه يحرص على حضور أغلب الفعاليات الثقافية المغربية قدر ما يستطيع.
كيف ترى العلاقات المصرية المغربية في الوقت الحالي، بصفتك سفير مصر في الرباط؟
العلاقات المصرية المغربية بصفة عامة تاريخية ولها جذور طويلة، وبدأت منذ توجه المغاربة للحج مرورا بمصر، وهناك عائلات مغربية كثيرة استقرت في مصر في طريق الذهاب أو في طريق العودة.
والعلاقات تعود أيضا إلى وجود بعثات مغربية تذهب إلى مصر للتعلم في الأزهر، أضف إليها بعثات أقطاب الصوفيين في المغرب، ومنهم القطب الصوفي أبوالحسن الشاذلي وغيره كثيرون.
كما أن مصر كان لها دور في دعم حركة الاستقلال المغربية في عهد الملك محمد الخامس، وكان للحركة مكتب في حي الزمالك بالقاهرة ثم أصبح حاليا مقر سفارة المغرب.
بشكل عام، العلاقات المصرية المغربية قديمة ولها تشابكات كثيرة، وهذا ما خلق نوعا من الخصوصية في العلاقة بين الشعبين المصري والمغربي، وعلى المستوى الرسمي فإن العلاقات بين البلدين مثل أي دولتين، أحيانا بها صعود وهبوط، لكن حاليا هناك تواصل مستمر في جميع المجالات، وتنسيق تام على جميع المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية.
هناك مصالح اقتصادية وتجارية بين البلدين نسعى لتطويرها، خاصة أن مصر والمغرب لهما نفس الظروف المتشابهة في مستوى النمو والتصنيع، وبالتالي نسعى لحدوث نوع من التكامل وزيادة التبادل التجاري والاستثمارات من الجانبين، وهناك استثمارات مصرية في المغرب والعكس أيضا، وآخر هذه الاستثمارات صفقة استحواذ "التجاري وفا بنك" على "بنك باركليز" في مصر، وقدرت بنحو 500 مليون دولار، وهذا مبلغ ليس قليلا على مستوى الاستثمار، ووجود "التجاري وفا بنك" في مصر أعتقد أنه مفيد جدا، خاصة أن له فروعا كثيرة في أفريقيا، ووجود البنك سيساعد رجال الأعمال المصريين على إبرام صفقات في الدول الأفريقية.
هل حجم التعاون الاقتصادي بين مصر والمغرب وصل إلى المستوى المأمول؟
بالتأكيد ليس على المستوى المأمول، عملت في ملف العلاقات الاقتصادية والتجارية مع دول المغرب العربي منذ أكثر من 20 سنة، ووقت أن كان هناك تفاوض على اتفاق المشاركة المصرية الأوروبية، كان أحد الأهداف الرئيسية لهذا الاتفاق هو تعميق العلاقة التجارية والاقتصادية والصناعية مع دول المغرب العربي وبعض دول الشرق الأوسط، وكان أملنا كبير في أن يتم ذلك، وبعد 20 سنة لم نصل للمستوى المطلوب، ربما المشكلات السياسية والاقتصادية التي مرت بها المنطقة العربية في السنوات الـ10 الماضية أثرت بشدة على هذا التعاون.
لدينا اتفاقية أغادير، المعنية بالتكامل الصناعي بين الدول ولم تتم الاستفادة بها بشكل كامل، ولدينا اتفاقية التجارة العربية الحرة الكبرى ولم تتم الاستفادة منها بشكل كامل، وحاليا هناك تواصل منذ سنوات للاستفادة من كل المزايا المتاحة في كل الاتفاقيات، وحجم التجارة في تزايد لأن هناك طلبا من الجانبين، سواء السلع المصرية في المغرب أو السلع المغربية في مصر، ونواجه مشكلات على الجانبين ونسعى لحلها.
وما أبرز المشكلات التي تواجه حركة التجارة بين البلدين؟
التجارة دائما فيها مشكلات، فلو كان هناك مستورد مصري يستورد من دولة أخرى، فإنه سيحاول إعاقة ما يأتي من المغرب، والعكس صحيح أيضا، فأي مستورد مغربي إذا كان يستورد من إسبانيا أو غيرها سيسعى لعرقلة الاستيراد من مصر، ونحن نعمل على حل مثل هذه المشكلات وغالبا ننجح في ذلك بسرعة، ودائما هناك تفهم للمسؤولين من الجانبين ورغبة في حل المشكلات التجارية.
هل العلاقات الثقافية تسهم في توطيد العلاقات المصرية المغربية؟
في تقديري أن الجانب الثقافي يشكل جزءا رئيسيا في العلاقات المصرية المغربية؛ فالثقافة المصرية شكلت جزءا من الثقافة المغربية والعربية بصفة عامة، سواء عن طريق الكتاب أو الأفلام أو المسلسلات أو الأغاني، وبالتالي هي جزء مهم جدا، ولا بد أن نستفيد مما نسميه "القوة الناعمة" لتعميق العلاقة والتواصل مع الشعوب، وربما مع ظهور الفضائيات بدأنا نفقد -بعض الشيء- جزءا من هذه القوة الناعمة، خاصة في ظل المشكلات التي شهدتها المنطقة في الفترة الأخيرة.
هناك جهود من جانب الحكومة المصرية والفاعلين في هذا المجال لتوطيد العلاقات الثقافية بين البلدين، وأخرص على التركيز على هذا الجانب، فالجانب الثقافي يصل من القلب للقلب وبشكل مباشر بينما السياسة جامدة، وأحاول أن يكون هناك وجود مصري في مختلف التظاهرات الثقافية في المغرب، كما أحرص على حضور مثل هذه الفعاليات قدر ما أستطيع.
وماذا عن اتفاقية التبادل الثقافي بين البلدين؟
الاتفاقية موجودة ونشطة جدا، ونحن حاليا بصدد تحديث جميع الاتفاقيات الرسمية التي تربطنا بالمغرب على المستويات كافة، لأن هناك لجنة عليا مشتركة تعقد على مستوى القمة بين الرئيس المصري وملك المغرب، ولم تعقد منذ سنة 2006، ومن المفترض أن تعقد مرة أخرى، وكانت هناك ترتيبات لعقدها قبل نحو عامين، حيث كان الملك محمد السادس سيزور مصر في مايو/أيار 2017، وتم تأجيل الزيارة بسبب ارتباطات الجانبين حينئذ.
نحن نسعى لعقد القمة، ووزير الخارجية المغربي زار مصر في يناير/كانون الثاني، ويوليو/تموز الماضيين وتم الاتفاق على عقد القمة نهاية هذا العام أو بداية العام المقبل، وبالتالي سيتم تحديث جميع الاتفاقيات ومن ضمنها اتفاقيات التبادل الثقافي لاستغلالها بشكل جيد، وهناك حركة ذهاب وإياب شديدة بين البلدين، فالمغرب يشارك في كل التظاهرات الثقافية التي تعقد في مصر، والعكس صحيح، والمشاركة فعّالة من الجانبين.
وما أحلامك بالنسبة للعلاقات المصرية المغربية؟
ما أتمناه أن تكون العلاقات المصرية المغربية دائما في أحسن حال، وأن يكون هناك تنسيق على جميع المستويات، وأن نصل لمرحلة تكون فيها المواقف واحدة، والمواقف حاليا متقاربة جدا، وأحد الأشياء التي لم تنفذ حتى الآن وأتمنى تنفيذها تتعلق برفع التأشيرات بين البلدين، إضافة إلى تسهيل حركة التجارة.