مع التطورات التي لا تعرف التوقف في منطقة الشرق الأوسط، توجهت أنظار العالم كله هذا الأسبوع إلى الدوحة، بعد قيام إسرائيل بعملية استهدفت مقر حركة حماس.
العملية كانت نوعية وغير مسبوقة، إلا أنها أثارت تساؤلات عدة عن مدى فائدتها، إضافة إلى ماهية الدور الأمريكي المتوقع مستقبلًا بعد هذا الهجوم، الذي وصفه رئيس الوزراء القطري بأنه «إرهاب دولة».
لا شك أن دول المنطقة متمسكة بأمريكا؛ نظرًا إلى معايير قوتها وشدة تأثيرها في النظام الدولي، كما لا يمكن تجاهلها عند الحديث عن الأمن المستدام لدول مجلس التعاون الخليجي.
لكن الهجوم الإسرائيلي على دولة قطر، وقبله الإيراني الذي تسببت به إسرائيل أيضًا، جعل المنطقة تتساءل عن الدور الأمريكي في مثل هذه الحالات.
فالمراهنة الخليجية على العلاقات الوطيدة والمتجذرة مع الولايات المتحدة تتطلب أن يتخذ البيت الأبيض موقفًا جادًّا وحازمًا تجاه سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأن يُترجم هذا الموقف في ردع أي سياسات وتحركات عشوائية تعبث بأمن المنطقة.
فدول الخليج العربية تُعد منارة في منطقة الشرق الأوسط، ومفهومًا للاستقرار والتنمية اللذين لطالما جذبا رؤوس الأموال من كل حدب وصوب.
لذا فإن القناعة الإقليمية والدولية جاءت في مصلحة الصف الخليجي وأمنه، وقد ظهرت في المواقف الرسمية المباشرة بعد الهجوم؛ إذ لا يخفى أن دور الوساطة الخليجية الإيجابي، المتوافق مع القانون الدولي والهادف إلى إرساء السلام والاستقرار في الساحة الدولية عمومًا، وفي الملف الفلسطيني بصورة خاصة عبر الوساطة القطرية، إضافة إلى المساعدات الإنسانية الضخمة من دولة الإمارات العربية المتحدة، كان وما زال دورًا يحظى باحترام وتقدير المجتمع الدولي.
أما تحركات إسرائيل بين الفينة والأخرى عبر الاستهدافات العسكرية غير المحسوبة، وتحركاتها المتطرفة سواء في حرب غزة أو في سياساتها بالضفة الغربية، فهي تعمل على تقويض النظرة الأمريكية التي تسعى إلى إنهاء الحرب وإطلاق الأسرى الإسرائيليين.
والسؤال الذي لابد أن توجهه واشنطن إلى تل أبيب هو: ما هي الحسابات السياسية لقرار هذا الهجوم؟ هل يُتوقع أن تنصاع حماس عبر استهداف قياداتها؟ ألم يُوضع في الحسبان أن هناك قيادات صف ثانٍ وثالث قد تكون أكثر تشددًا وتتصدر المشهد؟ ماذا بعد ذلك؟
إن المقاربة المستقبلية المتوقعة من الجانب الأمريكي ستكون مبنية على زيادة الضمانات لدول الخليج العربية، وذلك من مبدأ الثقة المتبادلة التي جرى بناؤها طوال العقود الماضية.
فالاستقرار الخليجي يعني استقرار الاقتصاد العالمي، وهو المفتاح الوحيد لاستقرار منطقة الشرق الأوسط المفعمة بالتوترات والأزمات؛ لذلك فإن التكامل الخليجي الأمريكي في هذه الظروف مطلوب وبقوة.
ولابد للأطراف الأخرى التي لم تدرك بعد مدى أهمية دول الخليج أن تعي أن مصلحة المنطقة كلها مرتبطة بهذه الدول الست التي كانت وما زالت حريصة على إرساء السلام والاستقرار، لا في المنطقة فحسب، بل في العالم أجمع.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة