إسرائيل اعتادت العربدة السياسية وتجاوز الحدود في محيطها، لكن أن تمتد يدها إلى الدوحة فهذا سلوكٌ يرقى إلى مستوى الجنون السياسي.
الضربة التي طالت العاصمة القطرية لم تكن مجرد استهداف لمجموعة من القيادات، بل كانت غدرًا لسيادة دولة خليجية عُرفت بوساطتها ومساعيها لتهدئة النزاعات.
الدوحة لم تتأخر يومًا عن خدمة "القضية" في لحظات التعقيد الكبرى؛ فمن مفاوضات تبادل الأسرى، إلى وقف إطلاق النار في حروب غزة، إلى الوساطات المتكررة برعاية واشنطن والقاهرة، كانت قطر دائمًا قادرة على فتح أبواب مغلقة. ليس بحثًا عن مجد سياسي، بل حسّ أخلاقي وإنساني، وإيمانها بأن أمن المنطقة لا يتحقق إلا بوجود وسطاء يضعون مصلحة الشعوب فوق أي حسابات.
اليوم، ومع هذا الاعتداء، برز موقف الإمارات واضحًا وصريحًا، حيث أكدت وزارة خارجيتها تضامنها الكامل مع قطر، معتبرة ما جرى خرقًا فاضحًا لسيادة دولة شقيقة. والمواقف الخليجية جاءت متناغمة، من السعودية والإمارات والكويت وعُمان والبحرين، كلها ترفع الصوت ذاته: أمن الخليج كلٌّ لا يتجزأ، وأي استهداف لعاصمة خليجية هو استهداف للجميع.
هذه الإدانات المتشابهة في جوهرها تؤكد حقيقة لا تقبل المساومة: الخليج في المُلِمّات جبهة واحدة، يردّ بصوت واحد، ويقف في مواجهة أي تهديد يطول استقراره.
العدوان على الدوحة لن يكون امتدادًا لعربدة نتنياهو في المنطقة. هنا، المعادلة مختلفة، والسيادة ليست ورقة تفاوض، بل جدار صلب يعرف الجميع حدوده.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة