أدانت، أمس الأول، دولة الإمارات العملية الإرهابية التي وقعت بالقرب من القدس وأدت إلى مقتل وإصابة عدد من الأشخاص.
وبينت دولة الإمارات أن موقفها الدائم هو رفضها لجميع أشكال العنف والإرهاب وكانت دولة الإمارات قد حذرت الحكومة الإسرائيلية من تمادي سياساتها التوسعية قبل أسبوع تقريباً.
عملياً، يمكننا فهم موقف دولة الإمارات في إدانتها لكل أشكال العنف من منطلق القاعدة التقليدية المعروفة أن العنف لا يولد إلا العنف، هكذا كل تجارب التاريخ تعلمنا.
لنكن متفقين أن سياسات حكومة الرئيس بنيامين نتنياهو اليمينية تعمل منذ فترة على تقويض كل فرص التقدم نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة من خلال افتعال حروب رغم وجود مسارات دبلوماسية.
ولنتفق أيضاً، على أن نتنياهو يعمل على استفزاز المواطنين الفلسطينيين من خلال رفض مبدأ الدولتين باعتباره الحل الحقيقي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي المتفق عليه دولياً بل ويهدد باحتلال أراض من الضفة، اعتقاداً منه تراجع أو اختفاء المهددات ضد دولة إسرائيل.
إن هذا الاعتقاد الإسرائيلي، إذا كان صحيحاً، قاصر ويشوبه شيء من الخطأ في التقييم الاستراتيجي خاصة لو وسعنا دائرة النظر إلى المتغيرات الحاصلة في هذه القضية سياسياً التي بدأت تشكل رأياً عالمياً تجاهها وبدأت تتواجد في البرلمانات الأوروبية.
وقاصر أيضاً لأن نتنياهو سبب حرجاً أخلاقياً ضد حكومات العالم لدرجة أنها أعلنت عن نيتها في الاعتراف بدولة فلسطيني خلال شهر سبتمبر/أيلول الجاري وعلى رأس هذه الدول فرنسا الدولة التي يبدو أنها تشكل القرار الأوروبي في وقتنا الحاضر، وبالتالي فالمنتظر أن يخفف من عنفه العسكري والسياسي وفتح الباب للتفاهم الدبلوماسي.
وإذا كانت الرسالة التي يريد نتنياهو أن يبعثها إلى العالم بأن بلاده لا تُقهر وذلك من خلال ممارسة القوة العنيفة وبالتالي لا يهمه شي، ويُصعد إعلاميا كل من يحاول أن ينتقد ممارساته ويقف في وجه مغامراته العسكرية سواءً بالتهديد بالمزيد من التوغل في باقي الأراضي الفلسطينية كما فعل قبل يومين مع مصر فعليه أن يدرك أنه المسؤول الأول لما حدث أمس الأول في القدس وبالتالي فتدخل عقلاء الدولة الإسرائيلية بات مطلباً.
إن التعنت السياسي لحكومة نتنياهو ورفض كل المحاولات الدبلوماسية التي تبذلها الدول المحبة للسلام والاستقرار لن يؤدي إلا للعنف وإن نجحت سياسة التعنت لبعض الوقت فإنها بالتأكيد لن تدوم طويلاً وربما رأي العالم أمس النتيجة.
يبدو أن نتنياهو وحكومته فقدوا السيطرة على أنفسهم بسبب القلق من العواقب السياسية التي تنتظرهم سواءً في الداخل من خلال المظاهرات المطالبة بإسقاط حكومته ومحاكمته قضائياً، أو خارجياً نتيجة لقرار بعض الدول الأوروبية بالاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر.
وأصبحوا عاجزين عن ضبط النفس بشأن إشعال الحروب في المنطقة لذا الرهان العالمي على موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الساعي لجائزة نوبل للسلام أن يضع نهاية لتلك الغطرسة الإسرائيلية.
إن التركيز على استخدام القوة المفرطة في معالجة أزمة هو دليل على حالة التوتر والقلق الذي يُصاب به القائد، فهو كحالة الملاكم غير الواثق من قدراته، حيث يتحسس عضلاته بين الفترة والأخرى ليتأكد من إمكانية الفوز والانتصار على الخصم ومع ذلك يهزم.
حيث إن نتنياهو في تقديري يدرك حجم التغيرات الحاصلة في الإقليم وفي النظام الدولي ضد ما تمارسه حكومته من غطرسة لذلك يحاول أن يستعيض بقوته العسكرية لتخويف من يحاول أن يوقفه أو يعارض ما يفعله من سياسات ولكن هذه السياسة قد تضر بالدولة الإسرائيلية كاملة.
أدخل نتنياهو الدولة الإسرائيلية والإسرائيليين مرحلة جديدة من التعقيد بسبب سياسات الأمر الواقع التي تتبعها حكومته وبدلاً من أن يستوعبوا التغيرات العالمية والإقليمية لإصلاح العلاقة مع الفلسطينيين ودول المنطقة، كما فعلت حكومة دي كليرك عام 1994 فهو ينمي غضب الرأي العام العالمي، فهل يدرك ما تفعله سياساته؟!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة