أمريكا وبريطانيا تتحديان كورونا وتدشنان محادثات التجارة
المحادثات ستجرى عن بعد على مدار الأسبوعين المقبلين وسيشارك فيها مسؤولون أمريكيون وبريطانيون في حوالي 30 مجموعة تفاوض مختلفة
أطلقت الولايات المتحدة وبريطانيا رسميا، الثلاثاء جولة أولى من المفاوضات التي تهدف للوصول إلى اتفاق للتجارة الحرة، وذلك رغم تعرض اقتصاد البلدين لاهتزاز كبير بسب تداعيات فيروس كورونا المستجد.
وتعهد البلدان الكبيران بالعمل بوتيرة سريعة للوصول إلى اتفاقية "تعزز بشكل كبير التجارة والاستثمار".
وقال قائدا المفاوضات من البلدين في بيان مشترك: إن المحادثات، التي ستجرى عن بعد، على مدار الأسبوعين المقبلين سيشارك فيها مسؤولون أمريكيون وبريطانيون في حوالي 30 مجموعة تفاوض مختلفة.
وأضافا أن البلدين يتعهدان بتقديم الموارد اللازمة للسير قدما في المفاوضات بوتيرة سريعة.
ويأمل كثيرون من أعضاء حكومة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون المحافظة بأن يتم التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة مع واشنطن، حيث يرون أنه من أهم فوائد مغادرة الاتحاد الأوروبي.
وقال مسؤولون إن الجولة الأولى من المحادثات ستتواصل لأسبوعين وتتطرّق إلى مسائل على غرار تجارة البضائع والخدمات والتجارة الرقمية والاستثمار، وكيفية دعم الأعمال التجارية الصغيرة.
وأفاد سفير الولايات المتحدة لدى بريطانيا وودي جونسون أن من شأن الاتفاق أن "يحرّك الاقتصاد بعد سيطرتنا على فيروس كورونا"، وهي رسالة كررها المسؤولون البريطانيون.
وقالت وزيرة التجارة الدولية البريطانية ليز تروس إن "الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري لنا ومن شأن زيادة التجارة عبر الأطلسي أن تساعد اقتصادينا على الانتعاش بعد التحدي الاقتصادي الذي مثّله فيروس كورونا".
وبلغ حجم التجارة المتبادلة بين الطرفين 220.9 مليار جنيه إسترليني (275 مليار دولار أو 252.6 مليار يورو) العام الماضي.
ومن شأن اتفاق للتجارة الحرة أن يضيف 15.3 مليار جنيه إسترليني إلى مستويات 2018 على الأمد الطويل، وفق الحكومة البريطانية.
ومن المتوقع أن تبدأ تروس والممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتهايزر المحادثات قبل أن يسلما الدفة للمسؤولين بينما يرجح أن تجري جولات أخرى كل 6 أسابيع.
وصوّتت بريطانيا في استفتاء في يونيو/حزيران 2016 لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وهو أمر تحقق أخيرا في 31 يناير/كانون الثاني الماضي بعد سنوات من السجالات السياسية.
وسمح الخروج لبريطانيا بدء محادثات تجارية مع دول أخرى، بينها الولايات المتحدة.
لكن بريطانيا لا تزال في المرحلة الانتقالية حتى 31 ديسمبر/كانون الأول المقبل والتي تبقي علاقاتها بالاتحاد الأوروبي على حالها تقريبا بينما يتوصل الطرفان لتحديد شكل علاقتهما الجديدة.
وحذّر كثيرون في الاتحاد الأوروبي من الصعوبات التي ستواجه التوصل إلى اتفاق تجاري مع بريطانيا بحلول نهاية العام.
وأثارت الفوضى التي رافقت تفشي فيروس كورونا المستجد دعوات من البعض في بريطانيا لتمديد الفترة الانتقالية.
لكن جونسون، الذي قاد الحملة الداعمة للانسحاب من التكتل في استفتاء 2016 وحقق فوزا كبيرا في انتخابات ديسمبر/كانون الأول الماضي بعد تعهّده لـ"إنجاز بريكست"، رفض ذلك حتى الآن.
وانتهت آخر جولة محادثات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في 24 أبريل/نيسان بتقدم لا يذكر، إذ اختلف الطرفان على مسائل أساسية، على غرار حقوق الصيد وكيفية المحافظة على معايير مشتركة ودور القضاة الأوروبيين.
وفي مارس/آذار الماضي، أعربت حكومة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عن رفضها تقديم أي تنازلات في القضايا ذات الحساسية السياسية مثل أسعار الأدوية وحقوق الحيوان في مفاوضاتها التجارية مع الولايات المتحدة.
ونشرت إدارة التجارة الدولية في الحكومة البريطانية حينها أهداف المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة، التي تمثل أولوية لجونسون، بعد أن قاد بريطانيا إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي من أجل الوصول إلى اتفاقيات تجارية ثنائية مع دول العالم، حيث يعتبر عقد اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة جائزة الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء الأمريكية، أن المفاوضات التجارية تأتي في لحظة حساسة لما تسمى العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة وبريطانيا.
وتعاني العلاقات بين الحليفين القديمين من مصاعب بالنسبة للعديد من الموضوعات؛ أخطرها رفض جونسون طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منع مشاركة شركة هواوي تكنولوجيز الصينية للإلكترونيات ومعدات الاتصالات في تطوير شبكة الجيل الخامس للاتصالات.
وبحسب خطة المفاوضات البريطانية المنشورة الجمعة، فإن لندن تدعو واشنطن إلى إلغاء الرسوم المفروضة على صادرات الصلب البريطاني.
كما تدعو لندن لإلغاء الرسوم العقابية المفروضة على بعض المنتجات مثل الويسكي الاسكتلندي بعد قرار منظمة التجارة العالمية منح الولايات المتحدة حق فرض رسوم عقابية على منتجات أوروبية، بسبب الدعم الحكومي لشركة صناعة الطيران الأوروبية إيرباص.
كما تضمنت خطة المفاوضات البريطانية عدة خطوط حمراء تعكس المخاوف البريطانية بشأن الاتفاق مع إدارة الرئيس ترامب؛ حيث قالت الحكومة البريطانية إنها غير مستعدة لطرح موضوع الهيئة الوطنية للصحة في بريطانيا والأسعار التي تدفعها للأدوية على مائدة التفاوض مع الجانب الأمريكي.
وأشارت الخطة البريطانية إلى رفض تقديم أي تنازلات بشأن المعايير العالية لسلامة الغذاء وحقوق الحيوان في بريطانيا، استجابة لأي مطالب أمريكية.