مقتل فلويد.. صرخة بوجه العنصرية "صكّت مسامع" العالم
"لا أستطيع التنفس"، الجملة التي يتذكرها الكثيرون.. آخر مناشدات الأمريكي جورج فلويد للشرطي الذي ضغط بقوة على رقبته، وتسببت في مقتله.
وبعد يومين يمر عام على مقتل الرجل الأمريكي الأسود؛ الذي توفي تحت ركبة شرطي أبيض، في حادثة عنصرية هزت الولايات المتحدة.
ويحيي أقارب جورج فلويد يوم 25 أيار/مايو 2020 الجاري ذكرى وفاته، التي فتحت أعين العالم على معاناة الأمريكيين السود، بحسب مناصري القضية.
الموجة المناهضة للعنصرية في الشوارع ووسائل الإعلام والساحة السياسية أو القانونية في الولايات المتحدة، لم تهدأ منذ مقتل فلويد، الذي أصبح أيقونة للدفاع عن الحريات والتمييز العرقي حول العالم.
تفاصيل القصة
في ذلك المساء من عطلة نهاية أسبوع طويلة، جاء جورج فلويد (46 عاما) لشراء السجائر من محل "كاب فودز" في مينيابوليس المدينة الكبرى في شمال البلاد؛ لكن العملة بدت مزورة واتصل موظف بالشرطة.
بعدما كانوا غير قادرين على إدخال هذا الرجل الضخم البالغ طوله نحو مترين في سيارتهم، قام عناصر الشرطة بتثبيته على الأرض مكبل اليدين.
ركع الشرطي ديريك شوفين على رقبته وبقي على هذه الحال لمدة عشر دقائق غير مبال بمعاناة الرجل الذي كرر القول: "لا أستطيع التنفس" قبل أن يفقد وعيه.
حاول المارة بذهول التدخل لكن بدون جدوى؛ تشجعت فتاة في الـ17 من العمر على تصوير كل الأحداث بهاتفها الخلوية، ثم نشرت الفيديو على الانترنت، لينتشر في لحظات بكل أنحاء العالم.
الغضب ينتشر
خرج الأمريكيون الغاضبون إلى الشوارع للمطالبة بوضع حد للعنصرية وعنف الشرطة، بعدما كانوا عالقين في منازلهم منذ أسابيع بسبب وباء كورونا، نزل المتظاهرون في مواكب غير مسبوقة منذ حركة الحقوق المدنية في الستينيات.
في المدن الكبرى، انفجر الغضب وتم نهب متاجر وإحراق مركز للشرطة في مينيابوليس، في مختلف أنحاء البلاد، تم تخريب تماثيل شخصيات مرتبطة بالعبودية فيما دخلت الولايات المتحدة في مرحلة مراجعة نقدية للذات حول ماضيها.
انتنشر الحرس الوطني وتم حظر التجول، لكن إصدار لائحة اتهام للشرطة أعادت الهدوء، رغم استمرار التوتر طوال الصيف في بورتلاند.
في باريس، لندن، لشبونة، سيدني أو سيول نزلت حشود إلى الشوارع تضامنا مع الأمريكيين من أصل أفريقي، أو للتنديد بأعمال العنف التي تقوم بها قوات الأمن.
بايدن الرابح الأكبر
المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية جو بايدن الذي يحظى بشعبية في صفوف الأمريكيين السود منذ أن كان نائبا للرئيس في عهد باراك أوباما، أعلن فورا وقوفه إلى جانب الضحايا.
وشارك بايدن عبر الفيديو في مراسم دفن جورج فلويد، وتفقد رجلا أصيب برصاص الشرطة خلال الصيف ووعد بمعالجة "العنصرية المنهجية" في المجتمع الأمريكي.
في المقابل، قدم الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الذي يطرح نفسه مرشح "القانون والنظام"، دعما ثابتا للشرطة منددا بدون توقف بالعنف الذي يقوم به ناشطون من اليسار المتشدد.
في 3 تشرين الثاني/نوفمبر رجح الناخبون السود الكفة لصالح بايدن، في خطاب قبوله الفوز، وجه تحية لهم بالقول: "إنهم يدعمونني دوما، كما أنا أدعمهم"، واعدا "باستعادة روح أمريكا".
تودد للسود وإجراءات معطلة
حتى قبل تنصيبه رئيسا، عيّن بايدن للمرة الأولى أمريكيين من أصل أفريقي في منصبي نائبة الرئيس أو البنتاجون، وبعد ستة أيام من دخوله البيت الأبيض وقع أول المراسيم لتحسين "العدالة العنصرية".
لكن إجراءات بايدن بقيت محدودة الأبعاد، وعلى الرغم من أنه طالب مجلس الشيوخ بأن يعتمد إصلاحا واسعا للشرطة في الذكرى الأولى لوفاة جورج فلويد، إلا أن الجمهوريين يعرقلون ذلك ويرفضون المساس بالحصانة الكبرى التي تحظى بها قوات الأمن.
ولا تزال الإصلاحات العميقة بعيدة المنال، ويبقى عدد ضحايا الشرطة على حاله مع حوالي ألف وفاة في الأشهر الـ12 الماضية، وربعهم على الأقل أمريكيون من أصل أفريقي، فيما هم لا يمثلون إلا 13% من السكان.
وإن كان من تغيير لافت، فهو أن وسائل الإعلام تبدي اهتماما متزايدا في هذه القضايا، وباتت أسماء رايشار بروكس وأندريه هيل وداونت رايت وجميعهم قتلوا على أيدي ضباط الشرطة، مألوفة لدى الأمريكيين.
حبس الأنفاس قبل الإدانة
غرقت أمريكا مجددا في المأساة في نهاية آذار/مارس مع محاكمة الشرطي ديريك شوفين بتهمة القتل، وعرضت أشرطة فيديو صادمة وإفادات مؤثرة: الجلسات التي خرجت عن الإطار المعتاد حبست أنفاس الولايات المتحدة طوال ثلاثة أسابيع.
انتهى "هذا الاستفتاء حول الطريق الذي قطعته" الولايات المتحدة بحسب تعبير بن كرامب محامي عائلة فلويد في 20 نيسان/إبريل بحكم إدانة.
وهنا تنفست البلاد الصعداء بعدما كانت تخشى موجة عنف جديدة في حال تبرئة الشرطي، الذي تسبب في قتل فلويد.
سواء كان من قبيل الصدفة أم لا، تم اتهام شرطيين اثنين بتهمة القتل وأدين ثالث من هيئة محلفين في ألاباما بتهمة قتل رجل انتحاري.
فقبل قضية فلويد، كان الشرطيون يفلتون تقريبا من الإدانة.
وفيما لم يكفٍ عام كامل لاندمال جرح السود الأمريكيين، لم تطوَ فصول قضية فلويد، فأقارب الرجل الأسود ينتظرون تحديد عقوبة ديريك شوفين في 25 حزيران/يونيو، وثلاثة من زملائه السابقين حوكموا معه بتهمة التواطؤ في آذار/مارس، وهناك محاكمة أخرى، أمام القضاء الفيدرالي، تنتظرهم.
aXA6IDEzLjU5LjczLjI0OCA= جزيرة ام اند امز