أمريكا على خط «التصعيد» بين إيران وباكستان.. رسائل للطرفين
مع تفاقم الأزمة بين إيران وباكستان، إثر هجمات عسكرية متبادلة، دخلت الولايات المتحدة على الخط برسائل وجهتها للطرفين، خوفًا من إشعال فتيل التوترات الإقليمية.
وكانت باكستان قالت إنها استخدمت صواريخ وطائرات مسيرة لمهاجمة مسلحين انفصاليين من البلوخ داخل إيران اليوم الخميس بعد يومين من إعلان طهران أنها هاجمت قواعد لجماعة أخرى داخل الأراضي الباكستانية.
وشدد متحدث باسم البيت الابيض الخميس على أن الولايات المتحدة «لا تريد تصعيدا في جنوب آسيا وآسيا الوسطى»، ردا على سؤال عن الضربات المتبادلة بين إيران وباكستان في الأيام الأخيرة.
وتزيد الضربات العسكرية المتبادلة بين البلدين المخاوف بشأن عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط واتساع نطاق الحرب التي بدأت بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
هجوم خطير
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي إن الإدارة الأمريكية «تتابع عن كثب» التوترات بين البلدين، مضيفا أن باكستان «تعرضت أولا لضربة من جانب إيران، الأمر الذي كان هجوما جديدا خطيرا، ومثالا جديدا على دور إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة».
وحثت وزارة الخارجية الأمريكية اليوم الخميس جميع أطراف التوتر القائم بين إيران وباكستان على ضبط النفس.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إن تصريحات باكستان عن أهمية العلاقات القائمة على التعاون مع دول الجوار بناءة ومفيدة.
في السياق نفسه، اعتبر الرئيس الأمريكي جو بايدن الخميس، أن تصاعد التوتر بين باكستان وإيران يظهر أن طهران «ليست محل تقدير» في المنطقة.
وردا على سؤال لصحافيين في البيت الأبيض عن الضربات المتبادلة بين البلدين في الأيام الأخيرة، قال بايدن إن «إيران ليست محل تقدير في المنطقة»، مضيفا: «لا أعلم إلى أين سيؤدي هذا الأمر».
وقالت وسائل إعلام إيرانية إن عدة صواريخ أصابت قرية في إقليم سستان وبلوخستان المتاخم لباكستان، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن تسعة منهم أربعة أطفال.
وشهدت العلاقات بين باكستان وإيران توترا في الماضي لكن الضربات هي أكبر عملية توغل عبر الحدود في السنوات القليلة الماضية.
وفي بيان صادر عنها، قالت وزارة الخارجية الباكستانية إن «عددا من الإرهابيين قُتلوا خلال العملية المستندة إلى معلومات استخباراتية». ووصفت العملية بأنها «سلسلة من الضربات العسكرية المنسقة للغاية والموجهة بشكل محدد ضد مخابئ الإرهابيين»، مضيفة: «الهدف الوحيد من تحرك اليوم كان السعي لتحقيق أمن باكستان ومصالحها الوطنية، وهو أمر بالغ الأهمية ولا يمكن المساس به».
تأهب قصوى
وقال مسؤول أمني باكستاني كبير لرويترز إن الجيش في حالة تأهب قصوى وسيواجه أي «مغامرة غير محسوبة» من الجانب الإيراني بقوة.
ونددت طهران بشدة بالهجمات، قائلة إن مدنيين قُتلوا، واستدعت القائم بالأعمال الباكستاني وهو أكبر دبلوماسيي إسلام أباد داخل إيران، ليقدم تفسيرا.
وقال أحمد وحيدي وزير الداخلية الإيراني للتلفزيون الرسمي: «المعلومات التي تلقيناها تشير إلى أن أربعة أطفال وثلاث نساء ورجلين، وهم مواطنون أجانب، قُتلوا في الانفجار الذي وقع في قرية».
وفي باكستان، ذكر متحدث باسم وزارة الخارجية اليوم الخميس أن رئيس الوزراء المؤقت أنوار الحق كاكار سيقطع زيارته للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
وورد في بيان للجيش الباكستاني: «نُفذت الضربات الدقيقة باستخدام طائرات مسيرة فتاكة وصواريخ وذخائر متسكعة وأسلحة تطلق من مسافات بعيدة». وذكر أن الأهداف كانت قواعد تستخدمها جبهة تحرير بلوخستان وجيش تحرير بلوخستان المرتبط بها.
وأعلنت إيران يوم الثلاثاء أنها استهدفت قواعد تقول إنها تابعة لجيش العدل داخل باكستان. وتنتمي كل المجموعات المستهدفة إلى البلوخ، لكن من غير الواضح إذا كانت هناك صلات لجيش العدل بالمجموعتين الأخريين.
إلا أن باكستان قالت إن مدنيين أصيبوا وإن طفلين قُتلا، محذرة من أنه ستكون هناك عواقب تتحمل طهران المسؤولية عنها.
وسحبت إسلام اباد سفيرها من إيران أمس الأربعاء احتجاجا على ما قالت إنه «انتهاك صارخ» لسيادتها.
مخاوف من التصعيد
وشنت طهران ضربات على سوريا ضد ما قالت إنها مواقع لتنظيم «داعش»، وفي العراق ضد ما قالت إنه مركز تجسس إسرائيلي. وسحبت بغداد أيضا سفيرها من طهران.
وبدا أن البلدين يعملان على تحسين العلاقات، إذ التقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مع نظيره الباكستاني في دافوس هذا الأسبوع قبل الضربات الإيرانية على باكستان.
وتشير تعليقات باكستان بعد ضرباتها الانتقامية إلى الرغبة في إبقاء الخلاف تحت السيطرة، لكن محللين حذروا من أنه قد يخرج عن السيطرة.
وقال إسفنديار مير الخبير البارز في أمن منطقة جنوب آسيا بالمعهد الأمريكي للسلام لـ«رويترز»، إن دوافع إيران لمهاجمة باكستان لا تزال غامضة، لكن يمكن أن تتصاعد الأمور في ضوء التصرفات الإيرانية في المنطقة.
وأضاف: «ما سيقلق طهران هو أن باكستان تجاوزت خطا بضربها داخل الأراضي الإيرانية، وهو خط حرصت حتى الولايات المتحدة وإسرائيل على عدم تجاوزه».
خلافات غير دبلوماسية
ودعت وزارة الخارجية الروسية يوم الخميس إيران وباكستان إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس وحل خلافاتهما عبر الدبلوماسية.
وبعد التحدث مع نظيريه من البلدين، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن الطرفين لا يريدان تصعيد التوتر.
وأظهرت بيانات من موقع «تريدويب» الإلكتروني أن السندات الدولية الصادرة عن باكستان هبطت 1.3 سنت في عمليات التداول المبكرة قبل أن تعوض خسائرها أو تبددها.
وتعمل الجماعتان المسلحتان في منطقة تشمل إقليم بلوخستان جنوب غرب باكستان وإقليم سستان وبلوخستان جنوب شرق إيران. وتشهد المنطقتان اضطرابات، وتعانيان من الفقر إلى حد كبير على الرغم من أنهما تزخران بالمعادن.
وتشن جبهة تحرير بلوخستان، التي استهدفتها إسلام أباد داخل إيران، تمردا مسلحا ضد الدولة الباكستانية. وقامت في إطار ذلك التمرد باستهداف مواطنين صينيين واستثمارات صينية في بلوخستان.
aXA6IDMuMTQ5LjI0LjE5MiA= جزيرة ام اند امز