العمالة الأمريكية تواجه تحدي الروبوت وكبار السن
إحلال الروبوت مكان البشر قد يكون أمرًا مخيفًا، لكن المخيف أكثر هو التأثير الاجتماعي المتمثل في ازدياد أعداد كبار السن بأماكن العمل.
أثارت وكالة "بلومبيرج" للأنباء منذ عام مضى سؤالًا يقول "هل أنت على وشك أن يحل الروبوت مكانك؟"، وبعد ذلك تحول السؤال إلى خبر يؤكد أن "الروبوتات ستشغل 800 مليون وظيفة بمختلف أنحاء العالم".
وقد يكون إحلال الروبوتات مكان البشر أمرًا مخيفًا، لكن المخيف بدرجة أكبر هو التأثير الاجتماعي القادم، والمتمثل في تزايد أعداد كبار السن بأماكن العمل.
مزيد من كبار السن سيجبرون الكثيرين على مواجهة أسلوب تفكيرهم ومخاوفهم، مما سيؤدي في النهاية إلى نشوب صراع ثقافي معهم يفوق في حجمه الصراع مع الماكينات.
ومهما تنصلت من قضية التمييز الواضحة بسبب السن، فإن الكثير من الشركات تحاول تصوير نفسها على أنها مكان رائع لعمل جيل الشباب. وهذه الشركات مهتمة بالفعل بتوظيف الشباب، حيث يتراوح متوسط السن في شركات التكنولوجيا ما بين 27 و31 ، و38 عامًا بشركة "آي بي إم"، على سبيل المثال.
وليس من قبيل المفاجأة أنه يتعين على شركات التكنولوجيا تشغيل كثير من العمال من صغار السن، لأن تلك الفئة العمرية أكثر اتصالا بالتكنولوجيا الحديثة المتطورة في مجال متغير وبالغ السرعة مثل البرمجة وصناعة التطبيقات، كذلك فإن جيل الشباب يبدو أكثر حماسًا لقضاء ساعات عمل كثيرة في الشركات الناشئة بسبب ارتفاع الدخل فيها.
وتستطيع ملاحظة الحساسية المفرطة في التعامل مع كبار السن في الإعلانات أيضًا، وإن كانت منتجات ما بعد التقاعد تعد استثناء. لكن كثيرا من الإعلانات تستخدم الممثلين الشباب بسبب حرصها على الصورة وعلى المظهر. لكن إجمالًا، فإن هذا يعد شكلًا ضارًا من أشكال التمييز العمري، ويعد هذا التحيز للشباب مشكلة كبيرة في الولايات المتحدة التي طالما تفاخرت بأنها ثقافة شابة ديناميكية دائما ما تركب موجة التغيير الجديد.
وهناك أيضا ممارسة من الصعب إهمالها حتى في أماكن العمل الراقية، وهي مكافأة كبار السن أكثر من غيرهم استنادًا إلى تقدمهم في السن فقط، لكن على المدى البعيد، يتسبب ذلك في جعل تلك الفئة من العاملين من كبار السن أكثر عرضة للاستغناء عند التفكير في توفير النفقات حتى وإن كان أداؤهم جيدًا.
المفاجأة الكبرى، بحسب "بلومبيرج"، هي أن كبار السن الآن أصبحوا أكثر إقبالا على العمل في أمريكا مقارنة بالأجيال السابقة. وعلى عكس كثير من التوقعات، فإن معدل مشاركة الأمريكيين من كبار السن في سوق العمل بدأ في الارتفاع منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. على سبيل المثال، فإن نسبة مشاركة الرجال من الفئة العمرية من 65 إلى 69 كانت 25% عام 1985، لكن النسبة ارتفعت إلى 37% عام 2016. وبحلول عام 2020، أصبح أكثر من ربع قوة العمل فوق سن 55 عامًا.
لذلك، تكون القدرة على تحديد وحشد واستخدام العمال من كبار السن هي الميزة التنافسية الكبرى القادمة في الولايات المتحدة. والحقيقة الجلية هي أنه يتعين على كثير من الشركات إعادة ترتيب أساليب عملها لتتناسب مع أصحاب الخبرات والعقليات الحكيمة التي غالبًا ما يتمتع بها كبار السن.
ويتطلب ذلك أيضا تغيير فكر تفضيل الشباب والنظر بعين الاعتبار إلى كبار السن. وكذلك يتعين على إدارات الموارد البشرية العمل بجد لمساعدة الكبار على استخدام التكنولوجيا الحديثة.
قد لا يرتقي هذا المقترح لشغل عناوين الصحف كما هو الحال بالنسبة لإحلال الروبوتات محل البشر، لكن قصة النجاح الاقتصادي هذه المرة لا تتضمن سوى تغييرات بسيطة. والحل يكمن في تشغيل الكبار.
بالطبع، هناك بعض القطاعات التي رحبت بكبار السن. فمثلا في السلك الجامعي، جرى استبدال القانون الذي يجبر على التقاعد عند سن الـ70 بقانون آخر يجيز العمل الدائم بدون تحديد للسن.
لقد حدث ذلك دون الحاجة إلى حادثة معينة، رغم المشكلات المالية التي قد تطرأ بسبب استمرارهم في العمل إلى ما بعد سن الـ80. لكن في الجانب الإيجابي، قد يستتبع ذلك تعديل إيجابي لنظام شغل الوظائف ليحدث المزيد من المرونة في عقود العمل.
aXA6IDE4LjExOS4xMTMuNzkg
جزيرة ام اند امز