«حزب ماسك».. حين تتحوّل السياسة إلى علامة تجارية

حين أعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك تأسيس «حزب أمريكا»، بدا الأمر أقل شبهًا بمبادرة سياسية منه بمشروع ريادي جديد يُضاف إلى سلسلة ممتلكاته المتعددة، من «تسلا» إلى «إكس» فـ«سبيس إكس» وثارت تساؤلات حول مدى نجاح الحزب وهل هو مجرد تسليع جديد للسياسة.
السياسة كمنتج
ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، لم تكن مفاجأة أن يطلق ماسك الحزب من منصته الخاصة «إكس»، أو أن يضطر لإضافة الحرف «X» إلى اسم حساب الحزب بعد أن وجد الاسم الأصلي محجوزًا.
هذه التفاصيل، وإن بدت فنية، تكشف عن منطقٍ تجاري تسويقي، يرى السياسة امتدادًا لعلامة شخصية، وليست مؤسسة تُبنى على تراكم فكري وبرامجي.
فحزب «أمريكا»، كما قُدّم حتى الآن، لا يحمل برنامجًا انتخابيًا واضحًا، ولا رؤية اجتماعية أو اقتصادية متماسكة، باستثناء معارضة فضفاضة لتضخم الدين العام، وتصريحات متكررة عن «استعادة الحرية». كأننا أمام منتج تجريبي لم يخضع بعد لاختبار السوق الحقيقي.
شخصية لا مؤسسات
اللافت أن الحزب، بحسب ما كُشف، لا يضم شخصيات سياسية بارزة، ولا كوادر تنظيمية معروفة. حتى المرشحين المرتقبين – الذين يتراوح عددهم بين 3 في مجلس الشيوخ و10 في مجلس النواب – لم تُعلن أسماؤهم، وكأن الحزب يتغذى بالكامل على كاريزما المؤسس.
وهو منطق يخالف تقاليد العمل الحزبي الأمريكي، الذي يعتمد على القاعدة المحلية، والتنظيم القاعدي، والخطاب المؤطر ضمن أيديولوجيا واضحة. أما هنا، فالصورة تنقلب: من حزب له قائد، إلى قائد قرر أن يكون له حزب.
ما يفعله ماسك ليس معزولًا عن ظاهرة أوسع: صعود الشخصيات العامة – من نجوم التلفزيون إلى أصحاب شركات التكنولوجيا – كمنافسين للقوى السياسية التقليدية، في نظام يسمح لمن يملك النفوذ الرقمي والإعلامي أن يُشيد خطابًا انتخابيًا بلا بنية حزبية.
وأظهر استطلاع نُشر على حساب ماسك أظهر تأييد 65% من المشاركين لتأسيس الحزب، لكن هذا الدعم، في غياب رؤية وأهداف واضحة، يبدو أقرب إلى تعبير شعبي عن الغضب من الطبقة السياسية منه إلى انتماء حقيقي لحزب جديد. تمامًا كما يحدث في تفاعل الجمهور مع منتج جديد قبل أن يُجربه.
اسم كبير.. سمعة متراجعة
ورغم أن ماسك لا يزال واحدًا من أكثر الأسماء تأثيرًا في وادي السيليكون، فإن شعبيته في المجال العام الأمريكي لا تبدو في أفضل أحوالها. فقد أظهر استطلاع حديث أن 60% من الأمريكيين لديهم نظرة سلبية تجاهه، مقابل 32% فقط يرونه بشكل إيجابي.
وهذا ما يجعل الحزب عرضة منذ اللحظة الأولى لأن يتحول إلى استفتاء شخصي على ماسك نفسه، بدلًا من أن يكون أداة تغيير سياسي فعلي.
أزمة الأحزاب الثالثة
ويقول أستاذ العلوم السياسية برنارد تاماس إن «الأحزاب الثالثة في أمريكا لا تفشل بسبب المال فقط، بل بسبب غياب البنية والكوادر والإرث السياسي».
ويرى أن ما يخطط له ماسك يبدو طموحًا لكنه مفتقر لأدوات النجاح، ناصحًا: «الأحزاب التي حاولت أن تحاكي الحزبين فشلت.. أما التي أربكت النظام فقد تركت بصمة».
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTQ5IA==
جزيرة ام اند امز