الداعم الأكبر.. 32 عاما على اعتراف أمريكا بأوكرانيا
في 25 ديسمبر/كانون الأول عام 1991، اعترفت الولايات المتحدة باستقلال أوكرانيا، ومنذ هذا اليوم أصبحت واشنطن هي الداعم الأكبر لكييف، وانعكس ذلك في حربها الأخيرة مع روسيا.
هذا الحدث الذي كشف عن سلسلة عوامل بينها نهاية الاتحاد السوفياتي، والاعتراف بالدول المستقلة بسبب تفكك الاتحاد، وعلاقات التعاون الوثيق التي تطورت بين الرئيس الأمريكي آنذاك جورج دبليو بوش والرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف.
- «الاختلاس» يضع مسؤولين في روسيا وأوكرانيا بقفص الاتهام.. عزل وإيقاف
- زيلينسكي يلجأ لسلاح «الشحن المعنوي» قبل أول «كريسماس غربي» بأوكرانيا
يوم الاعتراف
وحول هذا اليوم، يقول السفير الأمريكي الأسبق لدى أوكرانيا رومان بوباديوك، في تقرير نشره مركز "ويلسون" الأمريكي، إن "بوش كان في ذلك اليوم يقضي عطلة الكريسماس في كامب ديفيد لكنه عاد إلى البيت الأبيض لإلقاء خطاب إلى الأمة يعلن خلاله الاعتراف بأوكرانيا".
وكانت أوكرانيا قد صوتت بالإجماع في استفتاء في الأول من ديسمبر/كانون الأول لصالح الاستقلال، وبلغت نسبة من وافقوا على تبني طريقهم الخاص كدولة مستقلة حرة 92%.
ورحب البيت الأبيض بهذا المظهر للديمقراطية، وفي الثامن من الشهر نفسه التقت أوكرانيا، وروسيا، وبيلاروسيا واتفقت على تشكيل كومنولث الدول المستقلة.
وفي نفس الوقت تقريبا، زار مبعوث من وزارة الخارجية الأمريكية أوكرانيا لبحث مستقبل العلاقات الثنائية.
وركزت المشاورات على القضايا الديمقراطية، بما في ذلك حقوق الإنسان، والوفاء بالالتزامات الدولية، والسياسات الاقتصاديةـ مثل إقامة سوق حرة والتعامل مع الديون السوفياتية القديمة، وتنفيذ هدف أوكرانيا بأن تصبح دولة غير نووية.
ومن أجل تعزيز الأهمية التي تعلقها الولايات المتحدة على هذه القضايا كجزء من عملية الاعتراف الرسمي، وصل وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جيمس بيكر إلى أوكرانيا في منتصف ديسمبر/كانون الأول في إطار زيارة لدول المنطقة.
وفي ظهر يوم 25 ديسمبر/كانون الأول، أعلن الرئيس السوفياتي استقالته وبالتالي وضع رسميا نهاية للاتحاد السوفياتي، والحرب الباردة، ومسيرته السياسية وهكذا مهد الطريق للخطاب الذي كان سيلقيه الرئيس الأمريكي.
وكان غورباتشوف قد اتصل بالرئيس الأمريكي لإبلاغه باعتزامه الاستقالة وقبل نصف ساعة من إلقاء الرئيس خطابه، وصلت رسالة من غورباتشوف إلى البيت الأبيض من السفارة السوفياتية تتضمن تفاصيل الكثير من النقاط التي تضمنها الحديث بين الرئيسين.
فقد أعرب غورباتشوف في حديثه عن تقديره لما أنجزه هو وبوش بالتعاون معا، وأعرب عن أمله بأن يقوم رؤساء روسيا والدول المستقلة حديثا بتوسيع نطاق هذه العلاقات، كما أكد الحاجة إلى مساعدة عملية التعاون بين هذه الدول.
وأكد للرئيس بوش أنه سيكون هناك انتقال سلس للسلطة فيما يتعلق باستخدام الأسلحة النووية.
وأعرب بوش عن تقديره لتصريحات غورباتشوف بشأن الأسلحة النووية وتعهد بالتعامل مع رؤساء روسيا والدول المستقلة حديثا بصراحة واحترام.
صداقة بوش وغورباتشوف
وأوضح بوباديوك أنه من بين العوامل الكثيرة التي شهدتها فترة تفكك الاتحاد السوفياتي، لا يمكن إغفال العلاقات الشخصية التي تطورت بين بوش وغورباتشوف.
فقد التقى بوش أول مرة غورباتشوف عام 1985 وبحلول عام 1991 كانا قد طورا علاقة عمل وثيقة فيما بينهما.
ومن ثم لا يمكن استبعاد أنه في الأيام الأخيرة التي سبقت تفكيك الاتحاد السوفياتي، كان بوش وغورباتشوف يريدان أن يتعامل كل منهما مع الآخر بالكرامة والصداقة التي حققها التعاون بينهما على مر السنين.
ففي الحديث الهاتفي قال غورباتشوف إنه يقدر كثيرا شراكته وصداقته مع بوش. فيما أعرب بوش في خطابه، بالنيابة عن الشعب الأمريكي عن الامتنان لالتزام غورباتشوف بالسلام العالمي ولرؤيته، وفكره، وشجاعته.
واختتم بوباديوك تقريره عن ذكرياته الخاصة بما حدث في ذلك الوقت بقوله إنه في اليوم التالي التقى بالرئيس الأمريكي وأبلغه أن كثيرا من الأمريكيين من أصل أوكراني اتصلوا به في وقت متأخر من الليل للإعراب عن سرورهم باعتراف الولايات المتحدة بأوكرانيا.
وقال بوباديوك إن بوش كان سعيدا للغاية لسماع ذلك، وبدا أنه استمتع بالطابع التاريخي لاستقلال أوكرانيا والأحداث التاريخية التي أدت إلى ذلك.
دعم مستمر
وقدّمت واشنطن دعما عسكريا لحليفتها كييف بأكثر من 43 مليار دولار منذ أن بدأت روسيا عمليتها العسكرية، في الأراضي الأوكرانية في فبراير/شباط 2022.
ومؤخرا أقر الكونغرس الميزانية الدفاعية للعام 2024 بما يتيح تحرير 300 مليون دولار لصالح كييف، لكن هذا التمويل يقتصر على نحو 0.5% من دعم بـ61 مليار دولار يسعى البيت الأبيض لإقراره في الكونغرس، في حزمة لتسليح أوكرانيا لا تزال قيد المناقشة.