في 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلنت الولايات المتحدة وبعض حلفائها، إنشاء حلف عسكري باسم حارس الازدهار لحماية الملاحة في البحر الأحمر من هجمات جماعة الحوثي في اليمن.
حلف لم تنضم إليه من الدول العربية إلا البحرين، بينما رفضه باقي حلفاء أمريكا في العالم العربي، لسبب رئيسي هو أن هذا التحالف تم تدشينه لحماية إسرائيل، وإعطائها الفرصة لارتكاب مزيد من الجرائم والمذابح والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين المدنيين في غزة.
ذلك السبب أثار مخاوف الدول العربية من أن تبدو أمام شعوبها في صورة الذي يحمي إسرائيل ويساعدها على قتل المدنيين في غزة. هذا المشترك العام بين كل من مصر والسعودية ودولة الإمارات، لكن تظل لكل دولة من هذه الدول أسبابها الخاصة لعدم الانضمام للحلف.
أولا: تتفق مصر مع السعودية على أن يكون أمن البحر الأحمر محصوراً بين دوله، وتتفقان -أيضاً- على عدم السماح بوجود قوات لقوى دولية أو إقليمية في البحر الأحمر. وعلى هذا الأساس تم رفض وجود تركيا في جزيرة سواكن السودانية، وكذلك رفض الوجود الإيراني أو الروسي.
ثانياً: ترفض السعودية أن تنخرط في حلف يهدد خططها في صناعة السلام مع جماعة الحوثي، تلك العملية التي بدأت بعد تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران، لذلك ترى المملكة أن الدخول في حلف حارس الازدهار سوف يفشل خطتها في تحقيق الاستقرار باليمن.
ثالثاً: ترى السعودية أن موقف أمريكا من جماعة الحوثي يتسم بالنفاق الشديد؛ فعند انطلاق عاصفة الحزم عام 2015 وضعت أمريكا ثلاثة شروط على السعودية وهي: منع المملكة من الدخول برياً إلى اليمن، ومنع مهاجمة أو قصف صنعاء، ووجود مراقبين أمريكيين على الحدود السعودية اليمنية، للتأكد من منع الرياض من الهجوم البري. لذلك فإن أمريكا تعتبر حامية لجماعة الحوثي، وكل ما تقوم به في حارس الازدهار هو فقط حماية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وليس مواجهة مخاطر جماعة الحوثي على السعودية والمنطقة.
رابعاً: بالنسبة لمصر فهي ترفض الاستعانة بقوات أجنبية لمهاجمة دولة عربية، فتاريخ دخول القوات الأجنبية في الصراعات العربية دائماً تكون نتائجه كارثية على العالم العربي. لذلك فإن مصر ترفض رفضاً قاطعاً الاستعانة بقوى أجنبية خصوصاً أمريكية أو أوروبية ضد دول عربية، وهذا الأمر ينطبق على السودان وليبيا.
خامساً: تؤمن مصر بأن هذا التحالف هو مجرد غطاء انتهازي للحضور الغربي سواء الأمريكي أو الأوروبي للهيمنة على البحر الأحمر لمواجهة روسيا والصين، ولذلك هو نوع جديد من الاستعمار الغربي الذي ترفضه مصر من حيث المبدأ.
والخلاصة: إن هذا التحالف لن يحقق أي أهداف، ولن يستطيع الاستمرار، ولن يكون له مستقبل، لأن الدول الرئيسية على البحر الأحمر وهي مصر والسعودية لن تشارك فيه، لذلك سيظل فاقداً للشرعية، ولن يحقق الأهداف الخفية للولايات المتحدة التي لا علاقة لها بالملاحة؛ وإنما هي أهداف استعمارية قديمة جديدة في إطار الصراع بين دول حلف الناتو من جانب وبين روسيا والصين من جانب آخر.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة