بعيداً عن قلق الانتظار والتمني لمن يأتي إلى الرئاسة الأمريكية، هناك دول تعلمت من الدروس الماضية.
إلى حين موعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية فجر يوم غد الأربعاء بتوقيت دولة الإمارات، فإنه من الصعب التنبؤ بمن سيكون الرئيس القادم رغم وجود ترجيحات من المراقبين تقترب إلى حد الجزم لصالح أحد الطرفين المتنافسين، وصعوبة التكهن لأن باب المفاجآت سيظل مفتوحا إلى نهاية هذه الانتخابات التي تتسم بالشفافية والوضوح.
وعلى الرغم من كل ذلك هناك البعض من العرب والخليجيين يعيشون قلقاً في انتظار النتيجة النهائية مع تفضيلهم أن يكون الرئيس القادم هو المرشح الديمقراطي: جو بايدن وهي بالتأكيد ستكون مفاجأة غير جيدة للذين لا يرغبون بوصوله إلى البيت الأبيض، كما أنها مفاجأة رائعة للذين يفضلونه.
وبلا شك أن نظام الحمدين في دولة قطر على رأس هؤلاء الذين يفضلون بايدن ليكون الرئيس الأمريكي الـ"46" خاصة بعدما فضحته "مراسلات هيلاري كلينتون"، بأنه كان عراب استراتيجية باراك أوباما الفوضوية في المنطقة، بل علينا ألا ننسى أن تفضيل "الحمدين" لبايدن تأتي أيضاً لرغبته لكسر المقاطعة المفروضة عليه من قبل دول مكافحة الإرهاب الأربعة، كما ويشترك مع نظام الحمدين في تفضيل فوز المرشح الديمقراطي تنظيم "الإخوان المسلمين" الإرهابي؛ على الأقل من أجل استكمال مشروعهم التخريبي في المنطقة.
ولو انتقلنا إلى القادة العرب فإن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس "أبومازن"، يأتي في مقدمة من يتمنون وصول بايدن اعتقاداً منه أن الديمقراطيين سيكونون أكثر لطفاً وأقل شدة عليه من الرئيس دونالد ترامب في ناحية إجباره على التنازل عن السلطة أو في إدخال إصلاحات جذرية في تركيبة السلطة الفلسطينية.
ولكن بعيداً عن قلق الانتظار والتمني لمن يأتي إلى الرئاسة الأمريكية، هناك دول تعلمت من الدروس الماضية ولم تترك قراراتها الاستراتيجية في يد الآخرين وأقصد هنا: دولة الإمارات التي حسمت الأمر قبل هذه الحسابات، فغير أنها خلقت توازنات في العلاقات الدولية مع الدول الكبرى مثل روسيا والصين، فإنها استعدت للتعامل مع أي رئيس أمريكي قادم سواء كان بايدن أو ترامب بل استبقت قراراتهما في ملفات المنطقة والتي على رأسها قضية السلام في الشرق الأوسط فوقعت معاهدة السلام مع الحليف الاستراتيجي التقليدي لأي رئيس أمريكي قادم سواءً كان جمهوريا أو ديمقراطيا ولم يعد لديها مشكلة مع القادم الجديد.
مفاجآت الانتخابات الرئاسية الأمريكية ليست جديدة على الدول العربية ومسألة القلق من الشخصية التي ستأتي تتكرر مع كل أربع سنوات ولكن تبقى العبرة في القدرة على استخلاص الدروس من تلك التجارب السياسية وربما هذا ما امتازت به القيادة الإماراتية على مدى مراحلها التاريخية وفي هذا الملف تحديداً، كما أن الشجاعة السياسية في اتخاذ قرارات واضحة وصريحة في الوقت المناسب (مع أنها قد تزعج البعض وتعرضك للانتقادات وأحيانا الشتائم) إلا أنها تساعدك على متابعة ما يحدث من التغيرات بهدوء وثقة كما يحدث الآن في دولة الإمارات حيث لن يفرق كثيراً حول نتائج الانتخابات التي ستظهر غداً.
كثيراً ما حدث أن تفاجأت الدول العربية بحدوث تغيرات في سياسات دول كانت تحسبها حليفاً استراتيجياً مع أن المسألة في حقيقة الأمر لا تتعدى أن تكون سوء تقدير من صانع القرار نفسه، لذا يكون دائما من الأفضل عدم الرهان على الأشخاص في التعامل مع سياسات الدول خاصة الغربية التي يتم العمل فيها وفق نظام المؤسسات حتى لو كان هذا الرئيس بمزاجية وقناعات ترامب.
بنسبة كبيرة يعتقد الناس أن الفائز هو دونالد ترامب ومع ذلك يظل سيناريو فوز بايدن واردا لكن الدرس المهم والضروري والذي ينبغي استيعابه هنا كدول عربية جادة في تقرير مصيرها هو: أن نتوقف عن تبني مواقف مشوشة بين رغبتنا في وصول شخص إلى السلطة في أي دولة من العالم وفشل مرشح آخر فمن المهم عدم الانتظار لحين معرفة من سيأتي إلى السلطة إلا بالقدر الذي يجعلك تستعد لإدارة الملفات المشتركة وبالقدر الذي تدرك فيه أن أي قادم لن يفكر إلا في مصلحة بلاده، هكذا الفهم السياسي يقول.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة