السؤال الأكثر أهمية ما الفرق بين فوز دونالد ترامب أو جو بايدن وما تأثير فوز أحدهم على علاقة أمريكا بالدول الأخرى؟
تتجه أنظار العالم إلى البيت الأبيض كعادة كل 4 سنوات مترقبة من سيفوز في الانتخابات الأمريكية خاصة للحكومات فالموضوع يشكل مفترق طرق في رسم السياسات الاستراتيجية القادمة ومراجعتها ولكن ما يجعل الانتخابات هذه المرة مختلفة هو اهتمام شعوب العالم بشكل استثنائي بها بسبب ما عاشته من عدم استقرار وظروفاً إنسانية على مدى السنوات الماضية ما شكل لهم خوف من مستقبل استقرارهم ووعيهم لتأثير القرار الأمريكي فيه.
لذلك نرى السؤال الأكثر أهمية ما الفرق ما الفرق بين فوز دونالد ترامب أو جو بايدن وما تأثير فوز أحدهم على علاقة أمريكا بالدول الأخرى؟
هنا يجب أن نفرق بين الدول ومعيار تعاملها مع الدول الأخرى:
هناك دول ضعيفة استراتيجياً ترى بقاءها كدولة مستقلة هو التحدي الأكبر لها إما بسبب مقدرات حقيقية تعي ضعفها أو أنها لم تخلق علاقة بين مصالحها الوطنية وإمكانياتها التي تملكها والإجراءات الواجب اتخاذّها لتحقيق هذه المصالح ما سيترتب عليه عجز في تحقيق هذه الدول أمنها الوطني وفي الأغلب الضعف سببه نظام حكم يخاف من مصيرة.
وهناك دول تعي لقيمة إمكانياتها ومواردها لترسم بها استراتيجية تعاملها مع العالم الخارجي، وكيف تسيّر أمورها في الداخل لضمان تحقيق أهدافها ومصالحها في الخارج، تعمل على توظيف جميع أدوات القوة المتاحة لها واستخدامها بعناية في الاقتصاد والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجيا، ونشر قوتها الناعمة من خلال ثقافتها وأدبها ورياضتها لتحقيق أهدافها في السياسة الخارجية، وهذه الطريقة التي تحاول من خلالها الدول تأمين موقعها في خارطة المجتمع الدولي.
لم يعد مفهوم قوة العلاقة يقتصر على إدارة العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الدول، بل اتسع ليشمل مجالات واعتبارات عدة خاصة في ظل تغيير بيئة النظام العالمي ولعل أهم الاعتبارات هي التعامل وفق استراتيجية تعكس منهج الدول الثابت وفق استراتيجية مرنة تستطيع التعامل بها مع تحديات الواقع الجيوسياسي والابتعاد عن وضع مصير العلاقة في يد نظام الحكم وترسيخ العلاقة بين مؤسسات الدول حتى تكون علاقة أعمق لا تتغير بتغير الأشخاص.
الإمارات تعي تماماً لكل ذلك منذ استقلالها لذلك تحرص دائماً بالتعامل وفق استراتيجية بناء علاقة مع الدول كدول بكيان مستمر وليس كأفراد خاصة بالتزامها بميثاق الأمم المتحدة واحترامها المواثيق الدولية وإقامة علاقاتها مع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والعمل على الوقوف إلى جانب قضايا الحق والعدل والإسهام الفعال في دعم الاستقرار والسلم الدوليين وهذا أكسبها احترام المجتمع الدولي ولكنها قادرة ومرنه جداً في التعامل مع تحديات المنطقة وتعي مدى ضرورة اتخاذ القرار الذي يتناسب وواقعية المرحلة واثبت ذلك في العديد من المتغيرات والتحديات على مستوى المنطقة.
لا شك أن وجود نظام حاكم متعاون سيسهل عملية التعامل مع المتغيرات والتحديات ولكن من مؤشرات قوة الاستراتيجية هو الاستعداد لأي تغيير في دخول نظام حكم جديد إلى الغرفة البيضاوية في البيت الأبيض ورسم سيناريو التعامل الذي تتناسب مع المرحلة بالاعتماد على عمق العلاقة بين الدولتين و الإمارات دائماً ما أكدت أن علاقاتها مع أمريكا علاقة تاريخية واستراتيجية وهي مع من يختاره الشعب الأمريكي، سواء أكان جمهوريا أم ديمقراطياً وكلا الحزبين أصبح يعي تماماً لدور الإمارات وتأثيرها على استقرار المنطقة وجهودها في محاربة الإرهاب على مستوى العالم وستسمر في التعامل مع تحديات المنطقة بما يتناسب ونهجها الثابت.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة