عادت الروح إلى القضية الفلسطينية من جديد، و هذا ما يمكن أن يُشكر عليه ترامب وبنس وبقية أفراد هذه الإدارة الأمريكية
عنوان صادم.. أليس كذلك؟ لكنني فعلاً أرحب بالسفارة الأمريكية في القدس! و أضيف.. أرحب بالسفارة الأمريكية في القدس إلى جانب بقية سفارات دول العالم أيضاً !
كيف لي أن لا أرحب بذلك؟!.. فطبيعي أن تكون هناك سفارة أمريكية في القدس.. وأن تختار مقراً لها أينما شاءت في المدينة المقدسة.
لكن .. في القدس عاصمة فلسطين الأبدية.. وأرجو أن لا أكون أطلت حتى أفسّر عنوان المقال.
سبق وأن كتبت عن أن الروح عادت إلى القضية الفلسطينية من جديد، و هذا ما يمكن أن يُشكر عليه ترامب وبنس وبقية أفراد هذه الإدارة الأمريكية، فلو لم يلقوا هذا الحجر في بحيرة القضية التي كانت راكدة لسنوات طويلة لنسي كثيرون أن هناك قضية عادلة اسمها فلسطين.
القدس عاصمة فلسطين الأبدية.. هذا ما سيسمعه ترامب وبنس وأعوانهما حتى يصلا إلى اللحظة التي يؤذن لهما أو لغيرهما بالحصول على شرف تعيين سفير لدى دولة فلسطين في عاصمتها القدس، وهذا ما خلص إليه مؤتمر الأزهر الذي أقيم في القاهرة، وحضره ووافق على مخرجاته ممثلون عن 86 دولة من دول العالم من رجال السياسة والدين .. ولعلها خطوة عبقرية وإن تأخرت إلا أن لها من الأثر ما لا يستطيع أحد تجاهله.
مؤتمر نصرة القدس الذي أقامه الأزهر، بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، ملأ فراغاً كبيراً في جدار القضية الفلسطينية ليس فقط عندنا أصحاب القضية؛ بل لدى كثيرين حول العالم، فحين أوشك ذلك الجدار على الانهيار بفعل معاول الهدم الصهيونية التي لم تتوقف يوماً عن عملية الهدم تمكن حكماء الأمة من الاهتداء إلى جمع الأحرار والشرفاء في مكان واحد؛ لإرسال رسالة مفادها أننا لن نتنازل عن قضيتنا وعن قدسنا مهما كان الثمن، وأن العالم يدعمنا في قضيتنا العادلة.
مؤتمر نصرة القدس الذي أقامه الأزهر بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين ملأ فراغاً كبيراً في جدار القضية الفلسطينية ليس فقط عندنا أصحاب القضية، بل لدى كثيرين حول العالم.
عاد الزخم الذي كنا نفتقده إلى وسائل الإعلام، وأروقة السياسية، وتفكير الشباب والصغار جيل المستقبل الواعد الذي سيستمر في الدفاع عن هذه القضية إلى الأبد إن وجدوا إرثاً من القيم والمبادئ النبيلة.
الصورة النمطية التي رسمها المؤتمر بدأت في التدحرج ككرة ثلج انطلاقاً من هذا المؤتمر، وكم أتمنى أن يحوله القائمون عليه ليكون دورياً ومتنقلاً بين مدن وعواصم العالم الكبرى، لا سيما التي تحتضن منظمات دولية، ولتعقد النسخة المقبلة منه في مقر الأمم المتحدة؛ وبحضور الأمين العام أنطونيو غوتيريش، وليكن تمويل المؤتمر مشتركاً عبر بعثات من يرغب من الدول الشقيقة والصديقة.
وأظن أن توجيه الدعوة إلى شخصيات أمريكية مؤثّرة والحرص على إشراكها في المؤتمر سيكون له وقع قوي الصدى في الداخل الأمريكي؛ الذي يحتاج لمعرفة ما الذي يقوم به ساكن البيت الأبيض وإدارته بسياسة بلادهم الخارجية، وبالأخص تجاه القضية الفلسطينية.
وأظن أن البحث في أرشيف الشخصيات المؤثرة أمريكياً لن يكون صعباً ولن يكون مكلفاً كذلك. فالمشاهير يتنازلون عن أجورهم أو معظمها حين تكون القضايا عادلة، ولعل من الضروري أيضاً أن يُدعى إلى النسخة القادمة من المؤتمر نجوم الإعلام والفن والسوشيال ميديا في الولايات المتحدة، ولتعقد جلسات نقاش يشتركون في إدارة بعض منها أو كلها ليطرحوا أسئلة الشارع الأمريكي والمواطن الأمريكي الذي تغيب عنه كثير من الحقائق، وأثبت رفضه للظلم في مناسبات عديدة .
بمجرد المحاولة لعقد هذا المؤتمر ستكون هناك الكثير من الضغوط لمنع انعقاده، لكنني واثق من أنها لن تنجح في ذلك طالما أن القضية عادلة.. سيقول كثيرون ما الذي سيحدثه ذلك من فرق، الإجابة أن التاثير سيكون أسرع مما يتخيله كثيرون حين تتناقل وسائل الإعلام تصريحات نجوم المجتمع الأمريكي عبر الشاشات التي لن تجرؤ على تجاهل ذلك، وإن فعلت فوسائل التواصل الاجتماعي كفيلة بإيصال ما سيُقال دون تدخل من أحد.. الأمر يستحق التفكير.
مَنْ يحتاج إلى أن يعرف حقيقة ما يدور في منطقتنا جراء سياسات ترامب وأعوانه وبعض من سبقوهم؛ هم المواطنون الأمريكيون - لا سيما كثير من مشاهيرهم - الذين لا يعرفون أن من اختاروهم لم يحسنوا تمثيلهم أمام العالم، ثم إن من يتصدرون مشهد تمثيل الإسلام بصورة غير رسمية في تلك البلاد حتى اليوم لا يقومون بالدور المطلوب كما يجب، بل ويتنصلون منه (والدليل تفوق المنظمات الصهيونية في التأثير على صناعة الرأي والقرار هناك)، وذلك التنصل من القيام بما هو مطلوب يعود لأسباب عديدة أهمها أن من يتبنى تلك الأدوار يتلقى أوامره من منظمات مرتبطة بجماعات (إخوانية) فضّل ترامب مؤخراً عدم تصنيفها إرهابية أو أجَّل ذلك على أقل تقدير، على الرغم من أن توصيات عديدة بذلك من كبراء تلك البلاد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة