المهاجر أفضل من المواطن.. عقدة أمريكية رسختها براءات الاختراع
نظرة سريعة على المجتمع الأمريكي، تكشف أن أبرز المخترعين والرواد في العديد من المجالات هم من المهاجرين إلى الولايات المتحدة.
القائمة طويلة ومتنوعة، وتضم العديد من الأسماء، على سبيل المثال للحصر، نجد من أبرز المهاجرين الذين ساهموا بشكل كبير ومؤثر في تطور المجتمع الأمريكي، سيرغي برين، الشريك المؤسس لشركة غوغل، وساتيا ناديلا رئيس شركة مايكروسوفت، وهيدي لامار، ممثلة هوليوود التي كانت مخترعة رائدة في مجال شبكات Wi-Fi والبلوتوث.
القائمة تضم أيضا، الملياردير إيلون ماسك، رئيس مجلس إدارة شركة السيارات الكهربائية تسلا، وشين شيونغ وو، التي ساعدت واشنطن في صنع أول قنبلة ذرية، وألكسندر غراهام بيل مخترع الهاتف، وجيمس نايسميث مخترع كرة السلة، ونيكولا تسلا، أحد أهم العقول وراء إنشاء الكهرباء والراديو.
العديد من الدراسات على مر السنين أشارت إلى أن المهاجرين مهمون للتقدم التكنولوجي والاقتصادي للولايات المتحدة، واليوم، ما يقرب من ربع العاملين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات هم من المهاجرين.
ولكن في حين أن هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى أن المهاجرين يلعبون دورا مهما في الابتكار الأمريكي، فإن مجموعة من الاقتصاديين أرادوا إيجاد تقدير أكثر دقة لمقدار مساهمة المهاجرين.
في ورقة عمل جديدة، يربط الاقتصاديون سجلات براءات الاختراع بأكثر من 230 مليون رقم من أرقام الضمان الاجتماعي، من خلال مجموعة البيانات هذه، يمكنهم معرفة من هم مهاجرون من بين حاملي براءات الاختراع، وفقا لـ"NPR".
وجد الاقتصاديون أنه بين عامي 1990 و2016 ، كان 16% من جميع المخترعين الأمريكيين مهاجرين، أنتج المخترعون المهاجرون ما يقرب من ربع جميع براءات الاختراع خلال هذه الفترة.
كشفت الدراسة أيضا، أن "المهاجر أكثر إنتاجية بشكل كبير من المخترع العادي المولود في الولايات المتحدة.
توصلت الدراسة أيضا إلى أدلة تشير إلى أن المخترعين المهاجرين يساعدون المخترعين المولودين في الولايات المتحدة على أن يصبحوا أكثر إنتاجية، بشكل عام، تقدر الدراسة، أن المهاجرين مسؤولون عن حوالي 36% من الابتكار في أمريكا.
لماذا يميل المخترعون المهاجرون إلى أن يكونوا منتجين ومبتكرين؟
هناك تفسيرات مختلفة، قد يكون المبدعون المهاجرون متحمسين للقدوم إلى الولايات المتحدة لأن هناك شيئا مميزا في شخصيتهم أو ذكائهم أو دوافعهم، أو ربما لأنهم يعيشون ويعملون ويفكرون بشكل مختلف عندما يأتون إلى أمريكا.
تجد الدراسة أن هؤلاء المهاجرين يميلون إلى الانتقال إلى المناطق الأكثر إنتاجية في البلاد، ويميلون إلى أن يكون لديهم عدد أكبر من المتعاونين عندما يعملون في أمريكا.
وتشير الدراسة أيضا إلى أن هؤلاء المخترعين المهاجرين، يسهلون استيراد المعرفة الأجنبية إلى الولايات المتحدة، حيث يعتمد المخترعون المهاجرون بشكل أكبر على التقنيات الأجنبية ويتعاونون أكثر مع المخترعين الأجانب.
يوجد في أمريكا العديد من المهاجرين العاملين في قطاعات الابتكار بتأشيرات H1-B، والتي تسمح لحوالي 85 ألف شخص بالقدوم إلى الولايات المتحدة كل عام، وخلق مسار محتمل لهم ليصبحوا مقيمين دائمين قانونيين.
تربط هذه التأشيرات المهاجرين بوظيفة معينة، ولكن، "إذا فقدوا هذه الوظيفة، تبدأ ساعة العد التنازلي لديهم، 60 يومًا للعثور على وظيفة جديدة أو يجب عليهم مغادرة البلاد".
مع الاضطرابات المالية التي تعصف بقطاع التكنولوجيا، قامت الشركات بتسريح الآلاف من العمال، وهناك الآن الآلاف من حاملي تأشيرات H1-B العاطلين عن العمل يحاولون العثور على وظائف جديدة حتى يتمكنوا من البقاء في البلاد.
وتواجه الولايات المتحدة مشكلة في الوقت الحالي، فبدلا من زيادة الفرص أمام للعمال الأجانب المهرة، فإن السياسات المرهقة لواشنطن تدفعهم بعيدا بشكل متزايد، حيث أصبحت الدول المؤيدة للهجرة مثل كندا وأستراليا أكثر جاذبية للمواهب العالمية.
مع اتخاذ الولايات المتحدة منعطفا متزايدا تجاه ما يعرف بالمواطن "الأمريكي الأصل" في السنوات الأخيرة، أصبح من الشائع سماع خطاب مناهض للمهاجرين، وعن توليهم وظائف، وارتكاب جرائم، وغيرها.
لكن الدراسة الجديدة بمثابة تذكير قوي بأن المهاجرين لهم قيمة هائلة للاقتصاد الأمريكي، ليس فقط كقوى عاملة رخيصة، ولكن كمجموعة من المبتكرين الذين يساعدون في بناء أعمال جديدة، وخلق فرص عمل، وجعل الشركات أكثر إنتاجية، وإنتاج أفكار تثري الحياة وتحسن مستوى المعيشة.
aXA6IDMuMTQyLjQwLjE5NSA= جزيرة ام اند امز