بورتلاند.. "بيروت الصغيرة" ماضٍ يحييه ترامب
المدينة صاحبة تاريخ في النضال السياسي والعمالي ومقاومة الفاشية، وفي نفس الوقت لا يخلو ماضيها من تمييز عنصري
المظاهرات التي تشهدها بورتلاند الأمريكية منذ مقتل جورج فلويد، ليست مشهدا جديدا تعيشه المدينة الواقعة في شمال غرب الولايات المتحدة، والتي تحولت لرمز معارضة الرئيس دونالد ترامب.
فالمدينة صاحبة تاريخ في النضال السياسي والعمالي ومقاومة الفاشية، وفي نفس الوقت لا يخلو ماضيها من تمييز عنصري.
ومنذ 25 مايو/أيار الماضي، لم تهدأ رياح الغضب في بورتلاند، أكبر مدن ولاية أوريغون، احتجاجا على مقتل المواطن الأمريكي من أصول أفريقية جورج فلويد، مختنقا، على يد شرطي أبيض في منيابوليس.
هوية نضالية
وللوقوف على هوية المدينة الغاضبة، يشرح أستاذ العلوم السياسية في جامعة أوريغون جون لاونديس، بأن تاريخها مرتبط بالنضال السياسي اليساري.
ويشير لاونديس لـ"اليسار المتطرف المناهض للسلطة والحاضر في ثقافة التظاهر في بورتلاند منذ نحو ثلاثين عاما".
في ذلك الوقت، حازت بورتلاند على لقب "بيروت الصغيرة" التي كانت تشهد حربا أهلية كانت تكلفتها البشرية والاقتصادية والاجتماعية عالية.
في تلك الحقبة، كانت المدينة الأمريكية الاحتجاجية تستقبل الرئيس الجمهوري جورج بوش الأب حينها، بالإطارات المشتعلة والحواجز والشعارات والهتافات المنددة.
ووفق لاونديس، شهدت شوارع بورتلاند في الآونة الأخيرة "الكثير من الأنشطة المعادية للفاشية"، ضد تنظيمات مسلحة تتبنى فكر تفوق العرق الأبيض، مثل "براود بويز" و"باتريوت براير" ومجموعات من اليمين المتطرف.
ومنذ ترشح ترامب للرئاسة عام 2016، نظمت تلك المجموعات اليمينية مسيرات و"هجمات عنيفة" ضد سكان بورتلاند، بحسب الباحث الأمريكي.
هجمات ولدت "ردة فعل لدى شبكة ناشطين مناهضين للفاشية توسع نطاقها خلال السنوات الماضية" في المدينة.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، شهدت بورتلاند ثلاثة أيام من أعمال شغب، أشعلتها مظاهرة مناهضة لانتخاب ترامب سرعان ما تحولت إلى اشتباكات مع الشرطة.
"عنصرية"
في المقابل، يرى ستيفن بيدا المتخصص بتاريخ شمال غرب الولايات المتحدة، بأن بورتلاند ورغم صورتها اليسارية حاليا، ليست سوى نتاج مؤسسات عنصرية بشكل عميق.
وأوضح بيدا أنه حين التطرق للنضال السياسي في بورتلاند "يجب الحديث أيضا عن تاريخها من "الاستبعاد والعنصرية"، لا زال راسخا على الجدران، حيث 6% فقط من سكانها هم من السود.
والعلاقة المتوترة تقليديا بين السكان والشرطة في هذه المدينة، تفسر واقع الصدامات المتكررة منذ أسبوعين بين بعض المتظاهرين وعناصر الشرطة الفيدراليين الذين أمر ترامب بنشرهم.