ما وراء مخاوف الأمريكيين من إلغاء البرتغال "التأشيرة الذهبية"؟
منذ سنوات، تبحث المستثمرة الأمريكية "ليلي هيرون" عن استثمار عقاري في البرتغال سيمكنها من الحصول على تأشيرة ذهبية.
وبالتالي السفر بحرية عبر أوروبا، حيث تمتلك أعمالًا أخرى.
لقد حولت هيرون (58 عاماً) الأموال إلى البرتغال، واتفقت مع شريك محلي ومحام لإنهاء الأوراق الخاصة ببرنامج الإقامة السريع، وقالت في وقت سابق من العام الجاري إنها وجدت العقار المناسب، وعادت إلى الولايات المتحدة استعداداً لإنهاء الصفقة.
وتقول هيرون، التي عاشت في 6 بلدان وتمتلك مصانع نبيذ في كاليفورنيا وجنوب فرنسا في مقابلة مع وكالة بلومبرج: "أحب البرتغال. فالطعام والنبيذ رائعان، والناس رائعون جداً، والتأشيرة الذهبية مفيدة للجميع، حيث أستطيع السفر بحرية في أوروبا والمساهمة أيضاً في تنمية المجتمع البرتغالي". لكن خطة هيرون التي طال انتظارها قد تنهار قريباً.
تداعيات إلغاء البرتغال لتأشيرتها الذهبية للأجانب
فيما أعلن رئيس الوزراء البرتغالي، أنطونيو كوستا هذا الشهر أن التأشيرة الذهبية، التي تمنح الجنسية للأجانب ممن يستثمرون ما لا يقل عن 350 ألف يورو (363 ألف دولار) في العقارات، "لم يعد لها داع". ومنذ ذلك الوقت، وحكومة كوستا تُراجع البرنامج.
وأُطلقت المبادرة قبل عقد ضمن الجهود الحكومية لإصلاح المالية العامة عقب إعلان الاتحاد الأوروبي خطة إنقاذ البرتغال في 2011. ومنذ ذلك الحين، جمعت البلاد 6.6 مليار يورو، معظمها من مستثمرين صينيين، وفقاً لإدارة الهجرة والحدود البرتغالية.
مع تصدر الصينيين قائمة أكبر مستثمري التأشيرة الذهبية في البرتغال خلال السنوات الماضية، يستعد الأميركيون لتخطيهم واحتلال الصدارة للمرة الأولى هذا العام.
وقالت هيرون: "إذا غيروا الأمر سيكون بمثابة صفعة". وأشارت إلى إمكانية استثمارها في مكان آخر في حال ألغت البرتغال البرنامج. وأضافت: "أنا واحدة فقط، لكنني أعرف أشخاصاً آخرين يرغبون في اتخاذ خطوة ويهتمون بالمجتمع البرتغالي، وإبعادهم أمر مخز".
أكبر قفزة لعقارات البرتغال في 12 عامًا
وقد ارتفعت أسعار المساكن في البرتغال خلال الربع الثاني بنسبة 13.2% على أساس سنوي، لتسجل أكبر قفزة سنوية على مدى 12 عاماً على الأقل، وفقاً لمعهد الإحصاء في البلاد، كما احتل الأميركيون في لشبونة المرتبة الثانية بين أكبر مشتري المنازل من الأجانب بعد الفرنسيين خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، حسبما كشفت البيانات التي جمعتها شركة "كونفيدنشيال إيموبيلياريو".
وتدفق الأمريكيون على البرتغال على مدى السنوات الأخيرة مستفيدين من قوة الدولار في شراء منازل، ومن تكلفة المعيشة المنخفضة. كما حصل 162 أميركياً على تأشيرة ذهبية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، مقابل 160 صينياً، وفقاً لإدارة الهجرة البرتغالية.
وقال بيدرو فيسنتي، الرئيس التنفيذي لشركة التطوير العقاري "أوفرسيز" التي تتخذ من لشبونة مقراً لها، والتي تبلغ استثماراتها أكثر من 130 مليون يورو في مشاريع عدة: "وضع كثير من المستثمرين الآن حرج، ومن الواضح أن ذلك سيؤثر على مبيعات العقارات".
ويقول مطورون آخرون إن هواتفهم لم تعد ترن منذ أن فاجأ رئيس الوزراء قطاع العقارات بإمكانية إنهاء البرنامج.
وقال خوسيه كاردوسو بوتيلو، رئيس "فانغارد بروبريتيز"، أحد أكبر المطورين العقاريين في البرتغال: "تلقينا أكثر من 50 اتصالاً للاستفسار بشأن ما يحدث، وإذا كان بالإمكان استخدام البرنامج. ولسوء الحظ، لا ندري بماذا نجيب عملاءنا بسبب المفاجأة وعدم توافر أي معلومات موثوقة".
كان رائد الأعمال الأمريكي، جوان براذرز من بين المتسائلين عما يمكن أن يفعلونه بأموالهم.
وقال براذرز من نيويورك، الذي يفكر في البرتغال كأحد الخيارات الأوروبية الممكنة للاستثمار العقاري: "رسالة تثير الارتباك". كما إن حالة عدم اليقين بشأن البرتغال قد تحول الانتباه إلى أسواق أخرى. وأضاف: "أود بالفعل أن أستوضح عمَّا يحدث لاحتمال أن يجعل ذلك أثينا أكثر جاذبية".
وتقدم إسبانيا واليونان وإيطاليا، من بين باقي الدول الأوروبية، إقامة مماثلة عن طريق برامج الاستثمار.
مصدر محتمل لغسيل الأموال
بينما انتقد بعض السياسيين البرتغاليين برنامج التأشيرة الذهبية لدوره الضعيف في تحسين مستويات المعيشة وتسببه في تضخيم أسعار العقارات. ورغم أن المستثمرين الراغبين في توظيف رأس المال وفتح وظائف جديدة في البرتغال مؤهلون للتقديم للبرنامج، استحوذ مشترو العقارات من الأجانب على 92% من التأشيرات الذهبية منذ بدء البرنامج قبل عقد، وفقاً لإدارة الهجرة البرتغالية.
كما أعرب مسؤولو الاتحاد الأوروبي عن قلقهم من احتمال أن يصبح البرنامج مصدراً محتملاً لغسيل الأموال والفساد.
أشارت هيرون إلى شراء تذكرة للعودة إلى البرتغال نهاية الشهر، على أمل أن تُبقي الحكومة على التأشيرة الذهبية لفترة تكفيها للاستثمار والتسجيل. قالت هيرون، المقيمة في جاكسون هول بولاية وايومنغ الأميركية بينما تقضي أغلب وقتها في السفر حول العالم وصنع وتسويق النبيذ، الذي يحمل اسمها: "هناك منطقة محددة أتطلع للاستثمار فيها في البرتغال".
تُركز خطة هيرون على إحياء منطقة حضرية في لشبونة، حيث أغلب سكانها من البرتغاليين. وقالت: "أريد أن أفعل شيئاً مبتكراً يساعد المجتمع".