العيد في الخرطوم.. صلوات ودعوات بوقف الحرب وسط "هدنة مخترقة"
تحت أزيز الرصاص ودوي المدافع، أدى الآلاف في العاصمة الخرطوم، صلاة عيد الفطر داخل المساجد، مع خرق الهدنة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وتجددت الاشتباكات العنيفة بين الأطراف المتصارعة"، فجر الجمعة، أول أيام عيد الفطر، في عدة مناطق بالعاصمة الخرطوم.
وقال إمام مسجد التقوى بمدينة بحري، علي الهادي، لمراسل "العين الإخبارية": "الأوضاع معقدة للغاية ولكن كان لزاما علينا تأدية صلاة عيد الفطر داخل المسجد".
وأوضح الهادي: "نتمنى أن تستجيب قيادة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للهدنة الإنسانية أملا في إصلاح الأوضاع المتردية وفتح مسارات آمنة للمواطنين العالقين".
وأضاف أن "الأولوية لوقف الحرب وعودة الحياة إلى طبيعتها، خاصة وأن الظروف الاقتصادية متردية للغاية".
وأبلغ شهود عيان "العين الإخبارية"، بأن قصفا عنيفا شهدته عدة مناطق بالعاصمة الخرطوم، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع على الأرض.
وذكر الشهود أن مناطق عدة بمدينتي بحري (شمال) وأم درمان (غرب) شهدت اشتباكات بين الطرفين.
هدنة إنسانية لم تكتمل
وقالت قوات "الدعم السريع"، في بيان فجر الجمعة: "بناء على تفاهمات دولية وإقليمية ومحلية وافقنا على هدنة إنسانية لمدة 72 ساعة تبدأ اعتبارا من الساعة السادسة من صباح اليوم".
وذكرت أن "الهدنة تأتي تزامنا مع عيد الفطر المبارك ولفتح ممرات إنسانية لإجلاء المواطنين وإتاحة الفرصة لهم لمعايدة ذويهم".
وفي بيان منفصل، ذكرت قوات "الدعم السريع" أنه "في هذه اللحظة التي يستعد فيها المواطنون لاستقبال أول يوم من أيام عيد الفطر المبارك، تستفيق أحياء العاصمة الخرطوم على وقع قنابل الطائرات والمدافع الثقيلة في هجوم كاسح استهدف بشكل مباشر الأحياء السكنية".
وأضاف البيان: "نحن نشجب بأشد العبارات هذا السلوك البربري من قيادة القوات المسلحة".
اشتباكات متبادلة
من جانبها، قالت "لجنة أطباء السودان المركزية" في بيان فجر الجمعة: "تعرضت مناطق متعددة بالخرطوم ليلة عيد الفطر ولا تزال للقصف والاشتباكات المتبادلة بين الجيش وقوات الدعم السريع مخلفة دمارا طال المباني والمنشآت والممتلكات العامة.
وناشد البيان، المواطنين بضرورة أخذ الحيطة والحذر والبقاء في منازلهم، والقوات المشتبكة بالتحلي بالمسؤولية والتوقف فورا عن الاقتتال لحماية أرواح الأبرياء.
خراب ودمار
وفي خطاب بمناسبة عيد الفطر، قال قائد الجيش السوداني: "تمر علي بلادنا هذا العام مناسبة عيد الفطر المبارك وبلادنا أصابها جرح بالغ الخطورة، حيث سقط القتلى والجرحى وتشردت الأسر ودمرت المنشآت والمنازل، فالخراب والدمار وأصوات الرصاص ما تركت مجالا لفرح يستحقه أهلنا في كل ربوع البلاد الحبيبة، فإننا لجد حزينين لهذا المآل لكن يبقى الأمل الدائم في أننا مع شعبنا العظيم سنتجاوز هذه المحنة ونخرج منها أكثر وحدة وقوة وتماسكا، ويزداد هتافنا قوة ، جيش واحد شعب واحد وقواتكم المسلحة تتقدم في حسم المتمردين".
وأضاف: "إننا على ثقة في تجاوز هذه المحنة بالحكمة والقوة، وبما يحافظ علي أمن ووحدة البلاد ويمكننا من الانتقال الآمن للحكم المدني".
خيارات سلمية
من جهتها، ذكرت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري في بيان: "تقدمت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري بمقترح تفصيلي حول وقف عدائيات إنساني خلال فترة عيد الفطر المبارك لقيادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وتواصلت معهما طوال اليوم وقد وجدت المبادرة ترحيبا مبدئيا من الطرفين، وسنواصل العمل على بقية التفاصيل أملا في إحكامها بالشكل الأمثل".
وأضافت: "إننا نرحب بالموقف الإيجابي لقيادة القوات المسلحة السودانية والدعم السريع وسنواصل الجهود أملا في إسكات صوت البنادق وترجيح الخيارات السلمية التي تبعد عن بلادنا شبح الانهيار، وتمنح فرصة لوطننا العظيم أن يسترد عافيته ويحافظ على وحدته وسيادته وأمنه وحريته".
تردي الخدمات
وفي ظل استمرار إطلاق الرصاص والانقطاع الجزئي للتيار الكهربائي والمياه، فإن الأوضاع على الأرض أصبحت معقدة للغاية.
وسبق أن طلبت شركة توزيع الكهرباء من السكان في العاصمة الخرطوم ترشيد استهلاك الكهرباء، جراء تعطل الخوادم المسؤولة عمليات شراء الكهرباء عبر الإنترنت.
وشهدت العاصمة الخرطوم أيضا طوابير طويلة للمواطنين أمام المخابز ومحطات الوقود المغلقة منذ اندلاع المعارك.
وقال بلة عبد الله صاحب مخبز: "من الصعوبة بمكان تشغيل المخابز بطاقتها الكلية في ظل انقطاع الكهرباء والمياه".
وأوضح عبد الله في حديثه لـ"العين الإخبارية": "الدقيق على وشك الانتهاء، جراء انقطاع خطوط الإمداد".
بدوره، يقول المواطن خلف الله الجاك: "الوضع معقد للغاية، والأفران في طريقها إلى الإغلاق بسبب نقص الدقيق".
وأوضح الجاك في حديثه لــ"العين الإخبارية": "نسأل الله اللطف، ولكن الوضع الاقتصادي مترد جدا، ولا يمكننا العيش إذا استمرت الحرب بين الجيش والدعم السريع".
ضغوط اقتصادية
وتزداد الحاجة في البلاد إلى الوقف الفوري للحرب، بسبب ضغوط اقتصادية على المواطن، لا سيما بعد قيام الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك – السابقة- بتطبيق إجراءات الاقتصادية، من بينها رفع الدعم عن الوقود والكهرباء وتحرير سعر الصرف.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، طبق السودان سياسة رفع الدعم عن المحروقات التي ساهمت في ارتفاع أسعار السلع بصورة كبيرة.
أعقب ذلك، قرار بتوحيد سعر صرف العملة المحلية (الجنيه) أمام الدولار والنقد الأجنبي في فبراير/ شباط 2021، في محاولة للقضاء على الاختلالات الاقتصادية والنقدية.
وعلى الرغم من امتلاك البلاد موارد اقتصادية، إلا أن الفشل في استغلالها عبر الحكومات المتعاقبة جعل نسب الفقر تتفشى وسط السكان، الذين يعانون من أزمات اقتصادية مستمرة.
وتتضارب الإحصائيات الحكومية والدولية حول نسبة الفقر في السودان، فبينما تقول تقارير الأمم المتحدة إن 46.5 بالمئة من سكان السودان يعيشون دون خط الفقر، و 52.4 بالمئة منهم في فقر متعدد، تقول دراسة حكومية أجريت عام 2017 إن الفقر تراجع إلى 36.1 بالمئة.
ولا تزال نسب التضخم في البلاد عند مستويات ضمن الأعلى على مستوى العالم، بسبب مشاكل مركبة، مرتبطة بتراجع سعر الجنيه السوداني إلى متوسط 570 جنيها من 375 جنيها عند تعويم العملة في مارس/آذار 2021.
كما تشهد البلاد تذبذب وفرة النقد الأجنبي، ما يرفع كلفة الاستيراد وتحميل المستهلك النهائي فروقات أسعار الصرف، عدا عن ارتفاع الأسعار عالميا خاصة الوقود والغذاء.
ومنذ 15 أبريل/نيسان، يشهد السودان اشتباكات بين الجيش و"قوات الدعم السريع" في الخرطوم ومدن أخرى، وتبادل الطرفان اتهامات ببدء كل منهما هجوما على مقار تابعة للآخر بالإضافة إلى ادعاءات بالسيطرة على مواقع تخص كلا منهما.
aXA6IDE4LjExOS4xNjcuMTg5IA== جزيرة ام اند امز