السودان يئن تحت وطأة الاشتباكات.. بأي حالٍ عدت يا عيد؟
على أزيز طلقات الرصاص ودوي القصف والاشتباكات، يستقبل السودانيون عيد الفطر المبارك، بقلق وخوف وترقب بدلا من الفرحة المعتادة.
فقد أعلن مجمع الفقه الإسلامي بالسودان ثبوت رؤية هلال شهر شوال 1444 هـ، ليكون الجمعة هو أول أيام عيد الفطر المبارك.
ويأتي العيد في ظل اشتباكات يشهدها السودان منذ يوم السبت الماضي، بين قوات الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه الفريق محمد حمدان دقلو "حميدتي"، والتي أدت لسقوط عشرات القتلى ومئات المصابين من الجانبين والمدنيين واتسع نطاقها ليشمل عدة مدن سودانية.
وتجددت الاشتباكات العنيفة فجر الجمعة بين الجانبين في عدة مناطق بالعاصمة الخرطوم ومدن أخرى، حيث سمع دوي قصف عنيف في محيط مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية بالخرطوم.
واتهمت قوات الدعم السريع السودانية طائرات ومدافع ثقيلة تابعة للقيادة العامة للجيش بقصف الأحياء السكنية بالعاصمة الخرطوم.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية فجر الجمعة إنه "تعرضت قبل قليل وما زالت تتعرض مناطق متعددة من الخرطوم للقصف والاشتباكات المتبادلة بين قوات الجيش والدعم السريع وخلفت دمارا طال المباني والمنشأت والممتلكات العامة".
وأجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اتصالين هاتفيين منفصلين مع قائد القوات المسلحة السودانية وقائد قوات الدعم السريع، حيث أدان القتال في السوادن وسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى من المدنيين ودعا إلى وقف إطلاق النار، بحسب الخارجية الأمريكية.
جهود إماراتية
وتزامنت مع عيد الفطر دعوات وجهود للتهدئة قادتها دولة الإمارات، حيث تلقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة اتصالا هاتفيا من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لبحث تطورات الأوضاع بالسودان.
وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية أن الاتصال تطرق إلى "الجهود الحثيثة التي يبذلها البلدان لتهدئة الأوضاع في جمهورية السودان الشقيق ووقف التصعيد والعودة إلى الحوار واستعادة المسار السياسي، وذلك في ضوء دعم دولة الإمارات ومصر الشعب السوداني الشقيق في جهوده لتحقيق تطلعاته نحو تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية في بلده".
وكانت دولة الإمارات، قد أعلنت الخميس، نجاح الوساطة التي قامت بها بالتنسيق والتعاون مع مصر لتأمين سلامة الجنود المصريين الموجودين لدى قوات الدعم السريع، وتسليمهم إلى سفارة القاهرة بالخرطوم.
وأعرب البلدان الشقيقان عن تقديرهما للصليب الأحمر الدولي لما بذله من جهود في دعم عملية تأمين سلامة الجنود المصريين.
وذكرت وزارتا الخارجية في كل من الإمارات ومصر أن هذه الخطوة تأتي في إطار موقف الدولتين الداعم للتهدئة عبر التواصل المستمر مع الأطراف السودانية لضمان ضبط النفس ووقف التصعيد والعودة للمسار السياسي.
وأكدت الوزارتان التزام البلدان بمواصلة جهودهما الرامية إلى وقف الاقتتال وحماية المدنيين والمنشآت المدنية، وشددتا على أهمية تكثيف الجهود الهادفة للعودة للإطار السياسي والحوار لحل جميع الخلافات والمضي قدماً في المرحلة الانتقالية وصولا إلى الاستقرار السياسي والأمني المنشود في السودان.
دعوات دولية
كما دعا الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش، الخميس، طرفي القتال في السودان إلى الالتزام بهدنة لمدة 3 أيام على الأقلّ، بمناسبة عيد الفطر.
وقال غوتيريش للصحفيين عقب اجتماع افتراضي عقده مع مسؤولين من الاتّحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمات إقليمية أخ: "أدعو إلى وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام على الأقل، لمناسبة الاحتفال بعيد الفطر، من أجل السماح للمدنيين المحاصرين في مناطق القتال بالفرار والحصول على المساعدة الطبية والغذاء والإمدادات الأساسية الأخرى".
كما دعت الولايات المتحدة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى وقف إطلاق النار حتى نهاية عطلة عيد الفطر.
وذكر الجيش السوداني أن الفريق أول عبد الفتاح البرهان تلقى اتصالات هاتفية من عدد من الرؤساء ووزراء الخارجية، لبحث تطورات الأوضاع في السودان.
وتلقى البرهان اتصالات هاتفية من كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير الخارجية القطري ومدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل.
تطورات ميدانية
ورغم الهدنة الهشة التي دخلها الجانبان قبل يومين، إلا أن الاشتباكات تتجدد بين وقت آخر، وسط اتهامات متبادلة من كل طرف للآخر بالمسؤولية عن خرقها.
والخميس، أعلن مكتب الناطق باسم القوات المسلحة السودانية قرارا للبرهان بتبعية ضباط وضباط صف وجنود قوات حرس الحدود وقوات الترتيبات الأمنية للقوات البرية، ليلغي بذلك قرارا سابقا بضمها لقوات الدعم السريع.
وأعرب البرهان عن رفضه "أيّ حديث في السياسة" مع حميدتي، مؤكدا أنه "لا خيار إلا الحسم العسكري، إذا لم تَعُد قوات الدعم السريع إلى مواقعها التي كانت ترابط فيها في ديسمبر/كانون الثاني الماضي".
وقالت القوات المسلحة السودانية، في تغريدة على حساب "القوات المسلحة السودانية - الإعلام العسكري" على تويتر إنه "لا تفاوض مع المتمردين إلا على التسليم الكامل أو التحطيم الشامل"، مضيفة أنه "لا وجود لأي قوات مسلحة خارج منظومة الجيش بعد اليوم".
وبحسب المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بشرق المتوسط أحمد المنظري، الخميس، فإن الاشتباكات الجارية في السودان أسفرت حتى الآن عن مقتل نحو 330 شخصا وإصابة 3200 آخرين.