المحكمة العليا بإسرائيل.. هل يشعل عميت أزمة دستورية؟
بدت إسرائيل في طريقها إلى أزمة دستورية بعد انتخاب رئيس للمحكمة العليا أعلنت الحكومة أنها لا تعترف به.
والمحكمة العليا هي أعلى هيئة قضائية في إسرائيل وقراراتها ملزمة للحكومة والكنيست.
وفي غياب محكمة دستورية فإن عدم اعتراف الحكومة وأحزابها في الكنيست بقرارات المحكمة العليا يعني اندلاع أزمة دستورية.
فبعد تأجيل من قبل وزير العدل (من حزب الليكود) ياريف ليفين للتعيين لأكثر من عام في محاولة لمنع تعيينه، انتخبت لجنة تعيين القضاة، القاضي إسحاق عميت رئيسًا للمحكمة العليا الإسرائيلية.
وبات عميت هو الرئيس الرابع عشر للمحكمة، ومن المتوقع أن يشغل المنصب حتى أكتوبر/تشرين الأول 2028.
وكانت المحكمة العليا قضت بإلزام ليفين بعقد جلسة للجنة اختيار القضاة من اجل انتخاب رئيس للمحكمة العليا بعد شغور المنصب لنحو سنة و4 أشهر بعد انتهاء ولاية الرئيسة السابقة للمحكمة استير حيروت.
وتضم لجنة اختيار القضاة تسعة ممثلين وهم: وزير العدل ياريف ليفين، وزيرة الاستيطان أوريت ستروك (كممثلين عن الحكومة)، عضو الكنيست إسحاق كروزر (عضو كنيست من الحكومة) وعضو الكنيست كارين الحرار (عضو كنيست من المعارضة)، ثلاثة قضاة في المحكمة العليا، وممثلان عن نقابة المحامين الإسرائيلية.
وقرر ليفين وممثلو الحكومة في لجنة اختيار القضاة، مقاطعة الجلسة، لكن اللجنة قررت، حتى بغياب وزير العدل في خطوة غير مسبوقة، اختيار رئيس للمحكمة العليا وهو عميت.
وقالت القناة الإخبارية 12 الإسرائيلية: "قاطع رئيس اللجنة، الوزير ياريف ليفين، والممثلان الآخران للائتلاف (ستروك وكروزر) مناقشة اللجنة بطريقة غير مسبوقة، وهذه هي المرة الأولى في تاريخ البلاد التي ينتخب فيها رئيس للمحكمة العليا دون مشاركة رئيس اللجنة (وزير العدل) الذي عارض التعيين".
يذكر أن أغلبية خمسة كافية لانتخاب رئيس للمحكمة العليا. لكن ليفين، وهو مهندس قوانين الحد من سلطات المحاكم التي أشعلت الانقسامات الواسعة في إسرائيل في النصف الأول من عام 2023، أعلن في تصريح غير مسبوق بأنه لا يعترف برئيس المحكمة العليا.
وقال ليفين: "أنا لا أعترف بإسحاق عميت رئيساً للمحكمة العليا، والإجراءات التي تم من خلالها انتخابه معيبة بشكل أساسي وغير قانونية".
وعلى إثر ذلك كتب الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد على منصة "إكس": "تعيش إسرائيل أزمة دستورية شاملة: أعلن وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين (الذي قاطع التصويت لأنه لم يحصل على الأغلبية) أنه لن يعترف برئيس المحكمة العليا الجديد ولن يعمل معه".
وأضاف: "من المرجح أن تعيد الأزمة الدستورية إسرائيل إلى الاضطرابات الداخلية التي بدأت بسبب الإصلاح القضائي الذي أجراه نتنياهو، وكان ذلك أحد الأسباب الرئيسية لفشل السابع من أكتوبر/تشرين الأول".
وتابع أن الأزمة: "يمكن أن تختطف أجندة الرئيس ترامب في المنطقة تمامًا وتشتت الانتباه عن الجهود المبذولة لإنهاء حرب غزة والتوصل إلى اتفاقات سلام".
وأردف: "قد يجد المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، الذي من المتوقع أن يلتقي نتنياهو يوم الأربعاء، نفسه يعيش نفس التجربة التي عاشها غاريد كوشنر (المساعد السابق للرئيس الأمريكي ترامب) عندما فقد عامًا من عمله بسبب الأزمة السياسية الداخلية في إسرائيل" بسبب الانتخابات الإسرائيلية المتتالية في حينه.
غير قانوني؟
من جهته قال زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني ووزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير على منصة "إكس": "إن انتخاب القاضي عميت رئيسًا للمحكمة العليا يعد هجومًا على الديمقراطية والثقة العامة. لا يمكن لشخص تحوم حوله سحابة من المخالفات أن يتولى أعلى منصب في النظام القضائي".
وأضاف: "هذا استهتار بالقانون ومواطني البلد. لقد حان الوقت لإصلاح حقيقي للنظام القضائي، والذي سوف يشمل استبدال النائب العام وإلغاء احتكار تعيين القضاة. من سيحكم على القضاة؟"
بدوره، قال زعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش على منصة "إكس": "تم تعيين القاضي عميت رئيسًا للمحكمة العليا بشكل غير قانوني. لقد تم التعيين من خلال عملية غير سليمة ودكتاتورية أدت إلى إفراغ ما تبقى من ثقة الجمهور في مؤسسة المحكمة العليا".
وأضاف: "ولكي يكون القضاة الإسرائيليون قضاة للجميع، فإنني أدعو القاضي المساعد إلى التراجع عن قراره، ومغادرة منصبه، والسماح بعملية انتخابية قانونية وديمقراطية".
بدوره، استنكر عميت الاتهامات الموجهة إليه، قائلاً: "لا أنوي الاستسلام لحملة التشهير المنظمة التي شنت ضدي في الأسابيع الأخيرة، والتي كان هدفها الوحيد إحباط تعييني رئيسًا للمحكمة العليا وتقويض الثقة العامة في السلطة القضائية".
المعارضة: انتصار للديمقراطية
كما قال زعيم المعارضة الإسرائيلي يائير لابيد على منصة "إكس": "إن انتخاب إسحاق عميت رئيسًا للمحكمة العليا هو انتصار للديمقراطية والإدارة السليمة. لقد أدى التأخير غير المبرر إلى إلحاق ضرر جسيم بسيادة القانون في إسرائيل".
وأضاف: "أدعو ياريف ليفين إلى التوقف عن ألعابه التدميرية والعمل مع القاضي لتعزيز واستعادة النظام القانوني. علينا أن نركز على معالجة المجتمع الإسرائيلي، وليس على النزاعات غير الضرورية".
ورحب رئيس نقابة المحامين الإسرائيلية، المحامي عميت بيخر، بانتخاب عميت لمنصب رئيس المحكمة العليا: "لقد نجحنا في وقف حملة التدمير التي شنها ليفين في النظام القضائي. نقابة المحامين التي أرأسها وقفت كحصن ضد عدوان ليفين ودفعت الثمن، لكننا أنقذنا الديمقراطية وسيادة القانون في إسرائيل من عدوى سياسية كانت ستؤدي إلى موت القانون والعدالة".
بدوره، قال الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتسوغ في بيان: "أهنئ القاضي إسحاق عميت على انتخابه لمنصب رئيس المحكمة العليا. لقد ساهم القاضي عميت على مدى عقود من الزمن وفي حالات مختلفة بشكل كبير في النظام القانوني الإسرائيلي، وأنا على ثقة من أن مهاراته العديدة وخبرته الغنية ستلعب دورًا مهمًا في قيادة المحكمة العليا والقضاء بمسؤولية وتقدير وتفانٍ".
وأضاف: "إن النظام القضائي بشكل عام والمحكمة العليا بشكل خاص يشكلان جزءًا أساسيًا من نسيجنا الديمقراطي وحماية حقوق الإنسان والحقوق المدنية. علينا أن نحافظ عليهم بكل يقظة".
وتابع هرتسوغ: "أعتقد أننا يجب أن نتحرك الآن إلى الأمام ونترك خلفنا المناقشة التي دارت في الأسابيع الأخيرة حول عملية اختيار رئيس المحكمة العليا. علينا أن نتطلع إلى الأمام، ونخفف من لهيب الخلاف، ونسعى إلى الوصول إلى التفاهمات قدر الإمكان".
aXA6IDMuMTI4LjIwNS4xODcg
جزيرة ام اند امز