عمرو دياب.. "هضبة غناء" تتحدى الزلازل
يراهن عمرو دياب، الملقب بـ"الهضبة"، على أمرين، الأول، ذكائه الشديد في قراءة شفرة الجمهور، الثاني، إخلاصه لمشروعه الغنائي المختلف.
وليس عجيبا أو غريبا، أن يتربع "الهضبة" على قمة جبل الغناء في العالم العربي وأفريقيا على مدار 35 عاما، فهو لا يهدأ، ودائم الإنتاج والعطاء، وعندما نتأمل ألبوماته الغنائية نكتشف أنه طور في الموسيقي، وصنع من الأغنية القصيرة حدوتة مثيرة.
بداية الحلم
في مدينة بورسعيد الباسلة، ولد عمرو عبدالباسط عبدالعزيز دياب، في 11 أكتوبر/تشرين الأول 1961، ورث حلاوة الصوت وعشق الغناء من والده، الذي كان يعمل في شركة قناة السويس، ولكنه يجيد الغناء ويتذوق الطرب.
في سن الطفولة، ظهرت موهبة "الهضبة" وفرح والده بهذا الأمر، لذا شجعه على المضي في هذا الطريق، واهتم بتدريبه على الغناء.
وفي عام 1967، استضافت إذاعة بورسعيد الطفل الصغير عمرو دياب، وفي هذا اللقاء، غنى النشيد الوطني المصري "بلادي.. بلادي"، ونال إعجاب الجمهور، وأهداه المحافظ وقتها جيتارا، ومن هنا تشكل الحلم في وجدانه وعقله.
مضت الأيام واقتحم "دياب" مرحلة الشباب، والتحق بالمعهد العالي للموسيقى العربية بالعاصمة المصرية القاهرة عام 1982، ولم ينتظر حتى ينتهى من الدراسة، إذ طرح ألبومه الغنائي الأول أثناء الدراسة، والذي حمل اسم "يا طريق" وغلب على هذه التجربة تسرع البدايات، لذا لم يحقق الألبوم أي نجاح.
لم يتملك اليأس من عمرو دياب، وقرر إعادة التجربة عام 1985، وطرح ألبوما بعنوان "غني من قلبك"، وفي العام التالي طرح "هلا هلا"، ثم ألبوم "خالصين".
لم تحقق هذه الأعمال الطفرة في مشوار الهضبة، لكنها ساهمت بشكل قوي في انتشاره بشكل كبير.
التوهج
في عام 1988، توهج نجم عمرو دياب، إذ طرح ألبوما بعنوان "ميال"، حقق نجاحا كبيرا جدا لافتا للنظر، وتزامن ذلك مع انتشار فكرة تصوير الكليبات الغنائية، واستثمر الهضبة الفكرة وصور أغنية "ميال"، فعرفه الجمهور في مصر والعالم العربي.
توالت بعد ذلك ألبومات الهضبة، وتألق في مرحلة التسعينيات بـ6 ألبومات، وكانت متنوعة في الكلمات وشكل الموسيقي وهي" راجعين، حبيبي، ويلوموني، ذكريات، يا عمرنا، أيامنا".
ورغم نجاح كل هذه الأعمال، لكن يعد ألبوم "نور العين" إنتاج 1996 بمثابة نقطة تحول كبيرة في مسيرة الهضبة الفنية، وبفضل هذا العمل انتقل من خانة الفنان العربي إلى خانة العالمية، بعد أن حققت أغنية "نور العين" نجاحا كبيرا على مستوى العالم، ورددها الجمهور في أمريكا والهند وباكستان والبرازيل، وحصد الهضبة عن هذا العمل العديد من الجوائز من مهرجانات دولية، كما حصل على جائزة الموسيقى العالمية عام 1998.
العالمية
في الفترة من 1999 وحتى عام 2003، تغيرت اختيارات عمرو دياب، وبدأ يقدم أعمالا مختلفة عن فترة البدايات، كما قدم أكثر من ديو غنائي مع نجوم عالميين كان ابرزهم المطرب الجزائري الشاب خالد.
ومن أشهر ألبومات هذه المرحلة "عودوني، قمرين، تملي معاك، علم قلبي"، وأصبح المطرب الأعلى أجرا والأكثر مبيعا في العالم العربي من المحيط للخليج.
وحصد الهضبة العديد من الجوائز عن هذه الأعمال الرائعة، منها جائزة ميوزيك أوورد 7 مرات، 3 جوائز من المهرجان العربي السنوي، كما حصل عدة مرات على جوائز الموسيقى العالمية كأعلى مبيعات في الشرق الأوسط أعوام 1998، 2002، 2007، 2014.
التعاون مع روتانا
انفصل عمرو دياب عن المنتج محسن جابر وشركة "عالم الفن" وتعاقد مع شركة "روتانا" عام 2003، وصاحب هذا الانفصال ضجة كبيرة، الأمر الذي دفع محسن جابر لاتهام عمرو بالتمرد عليه رغم مساندته له في البداية.
وتعاون الهضبة مع "روتانا" لمدة 11 عاما، قدم خلالها مجموعة من أروع ألبوماته، منها: "كمل كلامك، ليلي نهاري، وياه"، وحقق الأخير مبيعات بلغت 3 ملايين نسخة.
لم تستمر سنوات الود والعسل بين "روتانا" و"الهضبة"، ووقع الانفصال بعد الألبوم رقم 8 لشعوره بتقصير الشركة في الدعاية والترويج لألبوم "كمل كلامك"، لذا حدث الطلاق وقرر تأسيس شركة إنتاج خاصة به أطلق عليها اسم "ناي".
مرحلة جديدة
من خلال شركة إنتاجه الخاصة، طرح الهضبة عدة ألبومات مختلفة حققت نجاحا كبيرا، أبرزها ألبوم "أحلى وأحلى" عام 2016، "معدي الناس" 2017، "كل حياتي" 2018، "أنا غير" 2019، "سهران" 2020.
كما طرح العديد من الأغنيات المنفردة مثل "قال فاكرينك، بحب عيونك إنت، عرفت قيمتك لما بعدت، القاهرة، الفرحة الليلة"، وبسبب نجاح أعماله تم ترجمة أغانيه إلى عدة لغات مثل الإنجليزية والإسبانية والفرنسية والروسية والهندية.
السينما في مشوار الهضبة
شأن كل نجوم الغناء، خاض عمرو دياب تجربة التمثيل، وكانت البداية عام 1988، عندما جسد دور ابن الفنان صلاح السعدني في مسلسل "ينابيع النهر"، بعدها شارك في سهرة درامية للمخرجة علوية زكي تحت اسم "مش معقول.. الثانوية العامة"، وقدم خلالها دور طالب في الثانوية العامة، وقدم أغنية عن البلهارسيا، بعد ذلك شارك في مسلسل "آسف لا يوجد حل آخر".
انتقل بعد ذلك الهضبة إلى شاشة السينما وقدم 4 أفلام هي،"السجينتان" أمام إلهام شاهين وسماح أنور، وجسد في الفيلم دور طبال، وشارك بشخصيته الحقيقة في فيلم "العفاريت" أمام مديحة كامل.
فيما بعد قد فيلم "آيس كريم في جليم" مع سيمون وأشرف عبدالباقي، كما وقف بجانب يسرا وعمر الشريف في فيلم" ضحك ولعب وجد وحب".
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2017، أعلن عمرو دياب التعاقد على مشروع فيلم جديد يعيده للتمثيل، من تأليف تامر حبيب، وإخراج طارق العريان، وإنتاج تامر مرسي، وتشاركه البطولة دينا الشربيني، وكان من المقرر طرح العمل في دور العرض في صيف 2018، ولكن المشروع لم يخرج للنور حتى الآن.
الاستمرار
يحسب للنجم الكبير عمرو دياب، قدرته على التجديد، والحفاظ على نجوميته، فقد ظهرت خلال نجوميته أشكالا غنائية كثيرة، منها "أغاني المهرجانات" لكنه لم يتأثر، ولايزال يغرد منفردا، وكأنه هضبة شامخة ضد الزلازل، يقف عندها الزمن.