منطقة بلا سلاح.. مخطط حوثي لتفخيخ "اتفاق الحديدة"
ضمن مراوغاتهم المستمرة للتنصل من "اتفاق ستوكهولم"، تضغط مليشيا الحوثي على الأمم المتحدة لإنشاء منطقة بلا سلاح تفصل خطوط النار بمحافظة الحديدة (غرب اليمن) بهدف إبقاء سيطرتهم على الموانئ الحيوية.
وقدمت مليشيا الحوثي مقترحا جديدا للأمم المتحدة يتضمن إقامة منطقة بلا سلاح لتفخيخ "اتفاق الحديدة" كإعلان صريح بنسف الاتفاق الذي لم تطبق حتى الآن أهم بنوده المتمثلة بوقف إطلاق النار.
وكان اتفاق ستوكهولم الموقع في 18 ديسمبر/كانون الأول 2018 يقضي بانسحاب مليشيا الحوثي من الموانئ الثلاثة وهي ميناء الحديدة والصليف ورأس عيسى ثم انسحاب من المدينة إلى أطرافها بمشاركة الحكومة اليمنية إلا أنه وعقب عديد اجتماعات للجنة تنسيق إعادة الانتشار التي تمخضت عن الاتفاق، لم يحرز أي تقدم يذكر على الأرض.
وكشفت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، الأحد، أن رئيس ممثلي مليشيا الحوثي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار، علي حمود الموشكي، اقترح إنشاء منطقة بلا سلاح لدى مناقشة البعثة الأممية إمكانية الوصول إلى المواقع المتقدمة في خطوط التماس بمدينة الحديدة لحماية المدنيين من مجازر حوثية شبه يومية.
كما أشارت البعثة، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إلى أن المنطقة المحظورة، أو المعزولة، كانت أبرز مطلب للحوثيين عقب اجتماعات عدة عقدتها مع قيادات المليشيات في صنعاء.
وأوضحت أنها بحثت في اجتماع أحادي مساعي الوصول إلى المواقع الحوثية العسكرية المشتعلة الأخيرة في الحديدة وذلك لتقييم الوضع وخروقات المليشيات.
وتستهدف الخطوة الأممية تمكين تنفيذ أفضل للاتفاق خصوصا لقرار وقف إطلاق النار لصالح السكان المحليين ولتقليل تأثير القتال على المدنيين وذلك عقب مجازر دموية ارتكبها الانقلابيون كان أحدثها في الأيام الأولى من الشهر الجاري وأدت للعديد من القتلى والجرحى.
ونقل البيان عن رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار (RCC) الجنرال الهندي المتقاعد، أبهيجيت جوها، والذي شارك في الاجتماع الأحادي مع ممثلي المليشيات قوله إن "حماية المدنيين ذات أهمية قصوى ويتعين أن تأخذ جميع الخطوات المتخذة لتنفيذ اتفاق الحديدة ذلك كمفهوم إرشادي".
وطالب كبير المراقبين الدوليين بضرورة منح بعثته الأممية "حق الوصول إلى المواقع التي وقعت فيها خسائر مدنية أو أضرار في البنية التحتية المدنية"، في إشارة واضحة إلى أن المليشيات تقيد حركة الفريق الأممي المكلف بمراقبة وقف إطلاق النار في المدينة الساحلية.
وأضاف: "إذا تسنى لنا الوصول الأفضل إلى المواقع العسكرية، فسنكون قادرين على دعم تنفيذ وقف إطلاق النار بشكل أفضل والذي سيؤدي بدوره إلى الحد من العنف والتأثير على المدنيين".
وعندما تطرق الاجتماع إلى ضرورة تواجد مراقبين للأمم المتحدة، كشف البيان أن إجابة رئيس ممثلي مليشيا الحوثي على الطلب الأممي تمثلت بـ"اقتراح إنشاء منطقة منزوعة السلاح" للوصول للمواقع العسكرية المتقدمة.
وأوضح البيان أن ذلك أحد الموضوعات التي جرت مناقشتها في الاجتماع بين رئيس البعثة ورئيس ممثلي المليشيات الحوثية في لجنة تنسيق إعادة الانتشار.
ولم يتسن لـ"العين الإخبارية" معرفة موقف ممثلي الحكومة اليمنية في لجنة اتفاق الحديدة من المقترح الحوثي، غير أن توقيته يحمل في طياته تأجيل لعملية السلام وحربا منسية بلا نهاية وكذا لخروج المليشيات من ورطة هجوم مطار عدن الذي لاقى تنديدا دوليا وإقليميا وأمميا غير مسبوق.
كما يستهدف المقترح الحوثي تجاوز أزمة المخاوف الكبيرة من إدراج قيادات المليشيات في قوائم الإرهاب الدولي خصوصا عقب فرض وزارة الخزانة الأمريكية الشهر الماضي عقوبات ضد 5 من الأذرع الأمنية للانقلاب إثر جرائمهم الوحشية لحقوق الإنسان، وفقا لخبراء.
مخطط حوثي
ويرى خبراء يمنيون في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن مليشيات الحوثي تستهدف من مقترحها المزعوم إبقاء سيطرتهم على موانئ الحديدة أطول مدة ممكنة لضمان أنشطة تهريب المخدرات والأسلحة والوقود الإيراني، بالإضافة إلى مخطط تقسيم تسعى المليشيات لإقامته بالفعل للاحتفاظ بسيطرتها الكاملة شمالاً.
واعتبر الخبراء إشارة بعثة الأمم المتحدة للمنطقة "بلا سلاح" كمقترح على لسان القيادي الحوثي في بيانها يعد بمثابة رغبة أممية ضمنية تأتي بعد 3 أعوام من تعثرها، لاسيما وأن الاجتماع كان أحادياً بعيداً عن مشاركة ممثلي الحكومة اليمنية.
بالتزامن، شنت قيادات الحوثي هجوماً حاداً على المبعوث الدولي مارتن جريفيث عقب زيارته الأخيرة إلى عدن للاطلاع على أضرار هجوم المليشيات الصاروخي على مطار عدن لدى وصول الحكومة الجديدة الأسبوع الماضي وشككوا في جدوى مساعي السلام الأممية في نبرة تصعيد للانقلابيين للضغط على الأمم المتحدة لتمرير مطالبهم.
واتهمت مليشيا الحوثي الأمم المتحدة بممارسة الابتزاز بالملفات الإنسانية واستبعدت التوصل إلى أي اتفاق سلام في إشارة لمدى المغالطات المفضوحة التي تسوقها قيادات الانقلاب في الإعلام كداعية سلام فيما تراوغ على الأرض وتزرع آلاف الألغام والعراقيل، لا سيما استغلالها لاتفاق الحديدة لإعادة تموضعها القتالي.