دماء على طريق "الحكم المدني".. السودان يتقلب على جمر الأزمة
ما بين شارع منتفض تسيل دماؤه على طريق الحكم المدني، وسلطة تُمسك ببرهانها في الدفاع عن نفسها، يتقلب المشهد في السودان على جمر الأزمة.
مشهدٌ كُتبت فصوله بالأمس عند مداخل الجسور النيلية المغلقة والمنطقة المحيطة بالقصر الرئاسي وسط الخرطوم، في مظاهرات 30 يونيو/حزيران، التي خرجت بالأمس، في ذكرى انقلاب الرئيس السوداني السابق عمر البشير بمساندة الإخوان على الحكومة المنتخبة ديمقراطيا عام 1989، وما زالت تصدح في الأرجاء.
مظاهرات سرعان ما أشعلت فتيل المواجهة بين المتظاهرين وقوات الأمن، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى، اختلفت رواية سقوطهم.
روايتان تكتبان الحدث
شهود عيان تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، قالوا إن محتجي 30 يونيو/حزيران في مدينة أمدرمان تمكنوا من كسر الطوق الأمني وعبروا جسر "الحديد" القديم ودخلوا الخرطوم في الضفة الأخرى من النهر، ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص، بحسب لحنة أطباء السودان.
فيما حاول المحتجون بمدينة بحري عبور جسر الملك نمر على النيل الأزرق والذي يمر على مقربة من القصر الرئاسي، وتمكنوا من إزاحة أحد السواتر، لكن قوات الأمن تصدت بقوة، ما أسفر عن سقوط قتيل تاسع بحسب ما تحدث به شهود عيان لـ"العين الإخبارية".
وشهدت منطقة شروني التي تبعد عن القصر الرئاسي بضعة أمتار جنوبا مواجهات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين، حيث استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع بكثافة وخراطيم المياه لتفريق المحتجين، وفق الشهود.
أما الشرطة السودانية، فلها في الأحداث التي وقعت قولها، مشيرة إلى أن مواكب المحتجين "تحركت أمس واصطدمت بالحواجز الأمنية في شروني وكوبري أبوعنجة وكوبري الملك نمر والمنشية، مخالفة بتحد علني قرارات لجنة تنسيق شؤون الأمن بولاية الخرطوم".
وأضافت أن المواكب "اعتدت على القوات في المواقع الفاصلة للمواقع السيادية والاستراتيجية بتشكيلات ومارشات عسكرية ولبس واق ومولوتوف حارق وحجارة وحديد مُصنع لإتلاف إطارات السيارات".
وهنا -تتابع الشرطة- "تعاملت القوات بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، بعد أن قام تنظيمان يدعيان "ملوك الاشتباك" و"غاضبون بلا حدود" بالاعتداء على القوات وإتلاف عربات الدفع المائي على مرأى ومشهد من الجميع بطريقة انتحارية بتسلق العربات، وإشعال النيران في الأشجار بالحدائق وإطارات السيارات شرق كوبري النيل الأبيض جوار الفنادق والمسجد".
ولفتت الشرطة إلى أنه تم القبض على عدد من المتهمين وفتح بلاغات "تحت المواد 77/69/182/139 من القانون الجنائي".
ووفق بيان الشرطة، فقد أصيب 96 من عناصرها، و129 من القوات المسلحة بعضهم إصابات خطيرة، مشيرا إلى "معلومات بوفاة 6 أشخاص لم ترد أي بلاغات لأقسام الشرطة بالخرطوم بشأنها".
وفي هذا الصدد، أكدت قوات الشرطة حرصها على القيام بواجبها في حماية الجميع، مشيدة باستجابة النائب العام ووزير العدل بتكليف مستشارين ووكلاء نيابة على مستوى عال كمراقبين ومرافقتهم للقوات خلال الأحداث.
في هذه الأثناء، أصدرت قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين السودانيين وعدد من الكيانات المدنية والنقابية بيانات نددت فيها بما سمته "العنف المفرط" الذي تعاملت به قوات الأمن مع المتظاهرين السلميين.
وامتدت مظاهرات الأمس التي شهدتها مدينة بحري ومنطقة جنوب الخرطوم إلى اليوم الجمعة، وذلك للتنديد بـ"العنف" الذي تعرض له المتظاهرون.
وتأتي احتجاجات الأمس واليوم إثر دعوات أطلقتها لجان المقاومة وقوى سياسية للخروج في مظاهرات سلمية في ذكرى الانقلاب العسكري الذي صعدت بموجبه جماعة الإخوان الإرهابية للحكم في 30 يونيو/حزيران 1989، وذلك للمطالبة بالحكم المدني الديمقراطي.
كما تتواصل المظاهرات، امتدادا لحراك احتجاجي يشهده السودان منذ قرارات قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وقضت بحل الحكومة، وفرض حالة الطوارئ في البلاد، وتجميد بعض بنود الوثيقة الدستورية، وسط اعتراض قوى سياسية على هذه الخطوات.
وخرجت مظاهرات مماثلة، الخميس، في بورتسودان ومدني وعطبرة والجنينة والقضارف ومدن سودانية أخرى وجميعها كانت تنادي بالحكم المدني الديمقراطي.
والأربعاء الماضي، قال رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان إن القوات المسلحة تتطلع إلى اليوم الذي ترى فيه حكومة وطنية منتخبة تتسلم منها عبء إدارة البلاد.
وشدد على أن "الطريق الوحيد لذلك إما بالتوافق الوطني الشامل وإما بالذهاب إلى الانتخابات، وليس بالدعوات إلى التظاهر والتخريب".
aXA6IDMuMTQ1LjM3LjIxOSA= جزيرة ام اند امز