الأزهر الشريف.. الجامع والجامعة ومنارة الوسطية في الإسلام
تحل اليوم الذكرى الـ53 بعد الألف لافتتاح الأزهر الشريف، الجامع والجامعة، ومنارة الوسطية والاعتدال في مصر والعالم الإسلامي.
وافتتح الجامع الأزهر في رمضان 361 هجريًا الموافق 22 يونيو/حزيران 971 مـ، وهو أهم مساجد مصر وأشهرها على الإطلاق.
والمفارقة أن الجامع الأزهر، الصرح السني العريق، أنشئ لنشر المذهب الشيعي على يد جوهر الصقلي قائد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله.
ورغم ذلك، أصبح الأزهر منارة الإسلام الوسطي، ويدرس الدين لجميع طلاب العالم الإسلامي على المذهب السني المعتدل، وأقيمت فيه أول صلاة جمعة بتاريخ 7 رمضان 361 هجريًا.
الجامع الأزهر
الجامع الأزهر هو رابع أقدم مساجد مصر، بعد جامع عمرو بن العاص 641/ 21 هجريًا، وجامع العسكر 750/ 133 هجريًا، وجامع أحمد بن طولون 879/ 265 هجريًا.
وبحسب بوابة الأزهر الشريف، اختلف المؤرخون في أصل تسمية الجامع الأزهر، والرواية الراجحة هي أن الفاطميين سموه بذلك "تكريمًا وتيمنًا بالسيدة فاطمة الزهراء، ابنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم".
وعلى مر العصور، كان الجامع الأزهر شاهدًا على أحداث التاريخ في مصر، فيما يعد العصر المملوكي من أزهى وأفضل عصوره، فتبارى حكام المماليك في عنايته والاهتمام بطلابه وشيوخه وعمارته وصيانته.
وعندما خضعت مصر للدولة العثمانية، أبدى سلاطين آل عثمان احتراما كبيرا للجامع الأزهر، رغم وقوف أهله في صف المماليك في حربهم ضد العثمانيين، غير أنهم لم يهتموا كثيرًا برعاية المسجد وبعمارته.
ولأول مرة، بدأ الجامع الأزهر في تدريس علوم الفلسفة والمنطق لطلابه خلال فترة العثمانيين، وأصبح قبلة المصريين لتلقي العلوم والتفقه في أمور الدين، كما أصبح مركزًا لأكبر تجمع لعلماء مصر في تلك الفترة.
مقاومة الفرنسيين
في أواخر القرن الثامن عشر، شهد الجامع الأزهر على الحملة الفرنسية على مصر، وكان مركزًا لمقاومة الفرنسيين، وفي رحابه خرجت ثورة القاهرة الأولى ضد الحملة في 21 أكتوبر/تشرين الأول 1798.
وردًا على ثورة القاهرة الأولى، دنس جنود الحملة الفرنسية الجامع الأزهر واستهدفوه بالمدافع، وألقوا المصاحف على الأرض، وسلبوا ما وجدوا من أموال الطلبة وأسروا عددًا من المشايخ وأعدموا بعضهم.
ولم يرفع الأزهر الراية أمام الهجمة الفرنسية على المسجد ومشايخه، وظل على موقفه من المقاومة، واشترك في ثورة القاهرة الثانية في 20 مارس/ آذار 1800، وكان من زعمائها من مشايخ الأزهر عمر مكرم.
وأمام استهداف الحملة للمسجد، اتفق رأي شيخ الأزهر عبدالله الشرقاوي وكبار العلماء على إيقاف الدراسة وتعطيل الصلاة فيه، فأغلقت أبوابه قرابة عام، وأعيد فتحه أمام المصلين والطلاب منتصف عام 1801.
وخضع الجامع الأزهر للعديد من عمليات التجديد والتطوير، وفى مارس/آذار 2018 قام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان بافتتاح أعمال ترميم الجامع الأزهر.