"مجتمع مجنون" و"جمرة خبيثة" في إيميلات كبير خبراء واشنطن
"مجتمعنا مجنون تماما".. هكذا كتب مدير المعهد الأمريكي للأمراض المعدية أنتوني فاوتشي، ضمن أحد ردوده الواردة في رسائل بريده الإلكتروني.
ردٌ كشف واقع الحال مع بداية تفشي وباء كورونا في الولايات المتحدة.
وحلّ فاوتشي ضيفًا معتادًا عبر شاشات التلفزيون الأمريكية بينما اجتاح الفيروس البلاد، وبحث الملايين عن الأجوبة لديه حول كيفية هزيمته.
وطبقًا لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، كان فاوتشي يتلقى عشرات الأسئلة بعيدًا عن الشاشات أيضًا، ويجيب عن رسائل البريد الإلكتروني من أعضاء الفريق، وهم: زملاء سابقون، أصدقاء قدامى، ومراسلون، ومنتجون، ومشاهير، وحتى في بعض الأحيان الغرباء في أمس الحاجة للنصح أو يريدون ترك رسالة "شكر".
ونشر موقع "بازفيد" أكثر من 3200 صفحة من رسائل البريد الإلكتروني من رسائل فاوتشي بعد الحصول على مراسلات تمتد من الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران عام 2020، كما نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقتطفات من أكثر من 860 صفحة من الرسائل خلال مارس/آذار وأبريل/نيسان عام 2020.
كما حصلت شبكة "سي إن إن" على عدد من رسائل البريد الإلكتروني من فبراير/شباط، لكن تم تنقيح الكثير منها إلى حد كبير.
وفي حين يفضل الكثير من الموظفين الحكوميين الفيدراليين الهاتف على رسائل البريد الإلكتروني، تقدم هذه المراسلات لمحات نادرة عن الجدول المحموم الخاص بفاوتشي، وسلوكه المهذب والمباشر خلال الوقت الذي ظهر فيه كمصدر نادر للصدق بفريق العمل على "كوفيد-19" في إدارة دونالد ترامب.
وفي رسالة بتاريخ 7 أبريل/نيسان 2020، تبادلها مع مستقبل غير محدد، أعاد الخبير إرسال رابط لمقال إخباري، معلقًا: "هذا سيفقدك صوابك. مجتمعنا جن تمامًا".
فيما كتب فاوتشي في رسالة بريد إلكتروني تعود لتاريخ 2 فبراير/شباط ونشرها "بازفيد": "هذا هو البيت الأبيض بكامل طاقته وأنا في منتصف الأمر. تذكرنا بأيام ما بعد الجمرة الخبيثة".
وبعد يومين، كتب يقول ردًا على أحد الصحفيين: "أنا متعب حقًا. لا نوم كافيا هذه الأيام. أنا صامد".
وعمل فاوتشي مع ست إدارات لرؤساء أمريكيين، بينهم الرئيس آنذاك دونالد ترامب قبل أن يصبح الوجه العام للاستجابة الفيدرالية للوباء.
ولم يمض وقت طويل حتى واصلت الأسئلة التدفق على البريد الإلكتروني الخاص به من محطات الأخبار من شتى أنحاء العالم والبرامج الإذاعية، ليطلبوا منع بضع دقائق من وقته لإجراء مقابلة.
وعندما تواصل معه هوارد باوشنر، رئيس تحرير مجلة "جاما" في 5 فبراير/شباط، كتب له ملاحظة: "أنت على قيد الحياة، أشعر بالقلق قليلًا حيال ضغط العمل لديك."
ورد فاوتشي: "أنا متماسك"، بحسب رسائل البريد الإلكتروني التي حصل عليها "بازفيد"، مضيفًا: "تشبه فترة تدريبي والسنة الأولى للتخصص عندما كنت أعمل كل ليلة وكل عطلة نهاية أسبوع، لكنني لم أغادر المستشفى في الواقع لأن المرضى كانوا متعبين للغاية."
وخلال مقابلة مع "سي إن إن" في يونيو/حزيران، وصف فاوتشي العمل بـ"المجهد."
وعندما أرسل أحد الأطباء رسالة بريد إلكتروني إليه نهاية فبراير/شباط يشتبه في إصابة مريض بفيروس كورونا، نصحه فاوتشي بخصوص الخطوات الواجب اتخاذها، بحسب الرسائل التي نشرها "بازفيد"، مؤكدًا عليه: "لا تتردد في الاتصال بي أو إرسال رسالة بريد إلكتروني."
وبالنسبة لأولئك الذين تواصلوا معه خوفًا من القادم، كان فاوتشي صادقا، بشأن ما يعلمه ولا يعلمه الخبراء.
وكتب فاوتشي في بريد يرجع تاريخه لـ3 مارس/أذار: "المسألة المهمة حقًا هي ماهية معدل الوفيات في الواقع. آمل في معدلات أقل بشكل كبير، لكن هذا قد يكون مجرد أمنيات. وأيا ما كان الأمر، فإن الأدوات المهمة الموجودة لدينا هي تدابير الصحة العامة، لا سيما التباعد الاجتماعي، الذي يجب أن نبدأ تطبيقه الآن."
وفي أغسطس/آب، قال فاوتشي لـ"سي إن إن"، إنه يتعين عليه الحصول على حماية أمنية بعدما تلقت عائلته تهديدات بالقتل والمضايقات.
وعندما تواصل معه مسؤول صحة صيني بسبب قلقه، رد فاوتشي: "كل شيء على ما يراد بالرغم من بعض المجانين في هذا العالم"، بحسب رسالة بريد من شهر أبريل/نيسان حصل عليها "بازفيد" و"واشنطن بوست".