في عامه الـ81.. تشيب شخصيات أنتوني هوبكنز فيزداد شبابا
الممثل والمخرج البريطاني أنتوني هوبكنز، نجم فيلم "The Mask of Zorro" يرسخ اسمه كواحد من أعظم ممثلي جيله
عشية الاحتفالات بليلة رأس السنة 2019، أكمل الممثل والمخرج البريطاني السير أنتوني هوبكنز عامه الـ81، وبالنسبة لرجل بعمره ربما يكون في تلك الساعة يلتحف غطاء سميكاً ويجلس ليحرك الجمر في موقده ليقتل ملل الرتابة التي يعيشها، لكن نجم "Legends of the Fall " لا يجد وقتاً إلا لمزيد من العمل، إذ ما زال جدوله اليومي يمتلئ بمواعيد التصوير.
الفن منح هوبكنز عمراً فوق عمره، ويدرك نجم "The Silence of the Lambs" ذلك، لكنه لا يود أن يدخل في متاهة تفسيره.
يقول "هوبكنز" في حوار مع صحيفة "الجارديان" البريطانية "كان يجب أن أكون الآن في بورت تالبوت (مدينة هوبكنز في المملكة المتحدة) إما ميتاً، أو أعمل في مخبز أبي، ولسبب لا يمكن تفسيره، أنا هنا.. لا شيء من ذلك منطقي، ولكنني أنظر إليه وأقول نحن بخير.. يا فتى".
لا يشعر هوبكنز بثقل العمر، فبينما يحتفل بعرض فيلم له يعكف في الوقت ذاته على تصوير آخر أو التحضير له دون ملل أو تعب، وها هو في أقل من عامين ينتقل من إنجلترا، حيث قام بتصوير مشاهد فيلمه "King Lear"، لينهي تصوير دور البطولة في الموسم الثاني من "West world"، وينتقل بعدها إلى روما، حيث يؤدي شخصية البابا بينديكت السادس عشر في فيلم "The Pope"، قبل أن يباشر لاحقاَ التحضير لفيلمه "Now Is Everything".
يفعل هوبكنز ذلك بحيوية الشباب ذاتها منذ دخل التمثيل في سن الـ18، وكان أول ظهور احترافي له في عام 1960، وعلى مدار سنوات تجربته الفنية التي تمتد إلى ما يقارب 6 عقود استطاع نجم "The Mask of Zorro" أن يرسخ اسمه كواحد من أعظم ممثلي جيله، ورغم أعوامه الـ81 ما زال الرجل حتى الآن يمتلك الجاذبية الكافية ليمنح أدوار البطولة، ولعل سنوات عمره الـ81 واحدة من عوامل تلك الجاذبية.
هذا ما يمكن أن نفهمه من طبيعة أدوار البطولة التي يؤديها هوبكنز اليوم، فقد كان عمره 80 عاماً حين قدم شخصية الملك لير في الفيلم التلفزيوني الذي أنتجته استوديوهات أمازون بالاشتراك مع هيئة الإذاعة البريطانية، وهو العمر الذي يقارب عمر شخصية الملك كما تقترحه مسرحية شكسبير، ومن المنتظر أن يشاهد الجمهور هوبكنز هذا العام وهو يؤدي شخصية البابا بينديكت السادس عشر في فيلم "The Pope"، الذي أنتجته "نيتفلكس" عن فترة زمنية تمتد من عمر هذا الأخير الـ78 ولغاية عمره الـ86.
شخصيتا "الملك لير" و"البابا بينديكت السادس عشر" لن تكونا ملتصقتين بالنجم أنتوني هوبكنز لجهة مقاربتهما لعمره فقط وإنما لكونهما تعبيراً عن حالة النضج الفني والإنساني الذي بلغه في هذا العمر، فقد سبق وجسد شخصية الملك لير على خشبة المسرح في عام 1986، ولكنه اليوم وبعد أن اختمرت تجربته الفنية يقبض على ملامح الشخصية الشكلية والنفسية كاملة، ليس بشعره الأبيض ومظاهر تقدم العمر وحسب، وإنما بكل ما في هذه الشخصية من تناقض، الحكمة مقابل قصر نظر، والهيجان والغضب مقابل الاستكانة والضعف، السطوة مقابل الإذلال، وأخيراً الجنون.
أما شخصيته في فيلم "The Pope" الذي يحكي قصة انتخاب البابا بينديكت واستقالته وانتخاب البابا فرنسيس لاحقاً، فتبدو الأقرب لحال السلام الروحي التي يعيشها هوبكنز، الذي يصفه المقربون بأنه ذو إيمان مسيحي قوي.
إذا عرفنا أن هوبكنز يعتمد على تجاربه الذاتية، وما يمر به من أحداث ليجد أدواته التي يستند إليها في التعبير عن شخصيته التمثيلية، سندرك أي تقاطع بينه وبين شخصية البابا، فالفيلم بحسب مجلة "إنترتينمنت ويكلي" يدور حول "العلاقة والرؤى المتعارضة بين اثنين من أقوى القادة في الكنيسة الكاثوليكية، وكلاهما مطالبان بمعالجة ماضيهما، ومطالب العالم الحديث من أجل تحريك الكنيسة إلى الأمام".
وبالنسبة للسير هوبكنز فقد مر بحالة مشابهة لحال أبطال الفيلم، فقد كان مطلوباً منه معالجة حاضره وماضيه معاً، إذ صار مدمناً على الكحول في الفترة التي بدأ اسمه بالتوهج فنياً، في عام 1975، حين وجد نفسه في غرفة فندق عاجزاً عن تذكر كيف وصل إليها، كان عليه أن يقود معركة لإصلاح حياته، ومعالجة ماض من الإدمان دمر سنوات عمره، وفي الغالب ستكون إرادة التغيير والمواجهة التي اكتسبها في معركته ضد الإدمان الأساس الذي يسند إليه كممثل في تجسيد شخصية البابا.
بلا شك سيكون 2019 عام أنتوني هوبكنز بامتياز، وعلى الرغم من أنه سيجد مواجهة صعبة مع نجوم آخرين من كبار هوليوود سيقدمون أفلامهم في العام ذاته، وفي مقدمتهم آل باتشينو، الذي سيجسد في خريف عام 2019 شخصية الملك لير للسينما، لكن هوبكنز لا يزال قادراً على التفوق والحفاظ على أسطورته أيضاً رغم عامه الـ81.
وقبل نحو عام، قال هوبكنز أمام حشد يضم ما يقرب من 500 من طلاب المدارس الثانوية والكليات "إذا كنت تطارد المال فلن تنجح، وإذا كنت تطارد النجاح فلن تنجح أيضاً، عليك فقط أن تطارد ما تريد أن تكونه أنت، وعليك أن تعيشه كما لو أنه حدث بالفعل"، ولعل في ذلك سر هوبكنز بأن يكون ما يريد حتى لو فاته قطار العمر.
حصل أنتوني هوبكنز على جائزة أوسكار لأفضل ممثل في عام 1992 عن أدائه للدكتور هانيبال ليكتر في فيلم The Silence of the Lambs، وتم ترشيحه لـ3 جوائز أخرى، لدوره في Vestiges of the Day (1993) ، Nixon (1995) وAmistad (1997)، وفي عام 2003 وضعت نجمته في ممر المشاهير.
aXA6IDMuMTQ1LjM0LjIzNyA= جزيرة ام اند امز