اكتشافات أثرية جديدة في "مليحة" الإمارات
عمليات التنقيب تسفر عن العثور على مجموعة من الفخاريات ذات الأنواع الفاخرة المستوردة من بلاد ما بين النهرين وفخاريات أخرى من الهند.
أجرت هيئة الآثار بالشارقة بالتعاون مع فريق مشترك من المتاحف الملكية للفنون والتاريخ في بروكسل - بلجيكا تحريات أثرية في منطقة المقابر بمليحة.
واكتُشف سابقاً "قبر عامود" مفتش حاكم عمان في أواخر القرن الـ3 قبل الميلاد، وتم خلال تلك العمليات التنقيب عن حوالي 400 متر مربع.
وقال الدكتور صباح عبود جاسم، مدير عام هيئة الشارقة للآثار إنه تم تنقيب 10 مدافن بشكل كامل، وعلى الرغم من أن جميع هذه المقابر قد نُهبت في العصور القديمة لكنها لا تزال تحتوي على معلومات مهمة حول التاريخ المبكر للموقع.
كما عُثر على مجموعة من الفخاريات ذات الأنواع الفاخرة المستوردة من بلاد ما بين النهرين وفخاريات أخرى من الهند في المقابر إلى جانب الفخار المنتج محليًا.
وأوضح أنه تم العثور على أجزاء من الأواني البرونزية المزخرفة والمناخل وجرار أمفورا النبيذ من رودس في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وكذلك تمثال برونزي هندي فريد كمثال يظهر بجلاء الروابط التجارية القوية لمليحة.
وأضاف أن الفريق وجد بقايا مقبرتين رئيسيتين كانتا ذات يوم تضمان مباني جنائزية ضخمة في الأعلى، وهناك مساحة كبيرة حول هذه المقابر مرصوفة بالكامل بالطوب اللبن وهي ميزة لم يتم توثيقها من قبل.
كما تم كشف عدد من الثقوب التي تمثل قواعد لتثبيت جذوع لتحمل فوقها السعف "براستي" كانت فيما مضى تنتصب بالقرب من هذه المقابر، مما يشير إلى أن هذا الجزء من المقبرة كان قيد الاستخدام المكثف.
وأشار إلى العثور على العديد من الحُفر الكبيرة التي استخرجت منها الأتربة الجيرية، عالية الجودة calcaric لإنتاج الطابوق الطيني المستخدم في تشييد المباني الجنائزية بالقرب منها.
ومن المخطط إجراء مزيد من البحوث لمعرفة مساحة منطقة المقبرة المرصوفة وتنقيب المقابر الضخمة في مركزها، علماً أن قرب هذه القبور من قبر عامود يشير إلى أنها قد تكشف معلومات عن التاريخ المبكر للموقع.
على جانب آخر، تشتهر المنطقة الوسطى في الشارقة بسجل أثري كثيف يعكس جاذبية المنطقة في عصور ما قبل التاريخ، فقد دلّت نتائج عمليات التنقيب الأثري التي تمت خلال السنوات المنصرمة على أن المنطقة كانت قد شهدت نشاطاً بشرياً متميزاً بسبب الظروف المناخية المواتية والموارد الاقتصادية المتوفرة ومصادر المياه.
وقال جاسم إن هذه التنقيبات تقدم الآن دليلًا إضافيًّا على وجود مجموعات جامعي القوت "الصيادين" في المنطقة منذ أكثر من 10 آلاف عام.
ونوّه بالعثور على أدوات حجرية في 3 طبقات، مما يشير إلى ثلاث مراحل استيطانية متميزة وبناءً على المكتشفات الأثرية وعينات من الرواسب المحفورة ستقوم البعثة في الأشهر المقبلة بتطوير التسلسل الزمني الدقيق لفترات الاستيطان وإجراء تحليل مفصل للأدوات الحجرية التي كانت قيد الاستعمال خلال كل منها.
وأضاف أن نتائج هذا العمل ستسهم في فهمنا للحياة اليومية وأساليب العيش للمجاميع البشرية التي سكنت المنطقة واستجابتها للظروف المناخية المتغيرة والبيئات خلال عصور ما قبل التاريخ.
يشار إلى أن الأنشطة البشرية قد استمرت في ربوع هذه المنطقة منذ العصور الحجرية القديمة، وفي خلال العصرين البرونزي والحديدي والفترة الهلنستية وتمثلت في وجود مستوطنات كبيرة ومدافن بشرية عديدة ضمت الكثير من المكتشفات الأثرية وما انطوت عليه من معلومات هامة.