متابعة تفاصيل الشأن السوري أمر صعب، فكيف إذا فكر المرء بتتبع جديد الأحداث هناك سياسيا وميدانيا لفك طلاسم الجولات والحوارات، على قلّتها.
وهنا نقف عند الدور العربي في إنهاء الأزمة السورية، فمقعد سوريا بالجامعة العربية ينتظر عودتها، وذلك لقطع الطريق أمام التدخلات الخارجية.
فالتواصل العربي مع سوريا حدث ويحدث بأشكال عدة، إما باتصال قيادات عربية مع الرئيس السوري بشار الأسد بشكل مباشر، أو بتواصل سياسي اقتصادي مثلما حدث من إمداد لبنان بالغاز المصري عبر سوريا، بموافقة واشنطن، التي لا تزال تفرض عقوبات على الحكومة السورية ضمن بنود ما يعرف بـ"قانون قيصر"، باستثناء بعض الحالات، التي تأتي بتفاهمات مع الجانب الروسي.
ما يحتاج إليه السوريون فعلياً على المستوى السياسي، هو عودة سوريا إلى الحضن العربي، ومنهجية الحل السياسي العادل والشامل ربما يحرص عليها العرب قبل غيرهم، كون سوريا دولة مؤسسة لجامعة الدول العربية، وحضورها الإقليمي تراجع كثيراً بعد وصول المحتلين إليها -تركيا وإيران- خلال السنوات الماضية، استغلالا لأوضاعها الداخلية غير المستقرة.
فالدور التركي كما الإيراني في سوريا، يمثل عقبة رئيسية في إيجاد سلام دائم، فأنقرة وطهران تنسقان معا على المستوى الاستخباراتي والأمني بما يخص جديد الأحداث في سوريا، ومصالحهما الآنية والمستقبلية لا تخدم السوريين ولا تتلاقى مع مطالبهم داخل بلدهم.
والمليشيات المسلحة، التي تتبع تركيا أو إيران، أصبحت حجر عثرة في طريق التوصل لأي تسوية، وأحداث الشمال السوري، الخاضع لسلطة تركيا، لا تختلف كثيراً عما يجري جنوب وشرق سوريا، الخاضع لسيطرة إيرانية.
أما دول الخليج العربي، والتي لها مقاربة خاصة بشأن سوريا، تولي الملف اهتماماً شديداً، عبر التركيز على ضرورة تفعيل عمل المرجعيات الدولية مثل مفاوضات جنيف وبيان فيينا الشهير.
واللقاء الذي جرى خلال الأيام القليلة الماضية بين الرئيسين المشتركين للجنة الدستورية السورية في جنيف، برعاية وحضور المبعوث الأممي جير بيدرسون، أمر يبشر بعودة المسار السياسي، ولو بوتيرة بطيئة للغاية.
أما النهج العام لإخوان سوريا فيتلاقى كماً وكيفاً مع أطماع العبث التركي والاحتلال الإيراني لسوريا.
من ناحية أخرى، لا يبدو أن روسيا على توافق تام مع الرؤية التركية الإيرانية في سوريا، وذلك انعكس سلباً على ما يسمى مسار "آستانا" العسكري والسياسي، بعد تعطل عجلات العمل الخاصة به، وانفراط عقد المشاركين فيه بسبب أجندات متضاربة وجداول أعمال غير موجودة أصلاً.
وفي ظل وجود إدارة الرئيس بايدن، لا تشكل سوريا أولوية لدى صانع القرار الأمريكي، وربما أُجّلت ملامح الحل النهائي لها إلى ما بعد وصول الغرب لتوافق جديد مع طهران بشأن مفاوضات النووي في فيينا، والمتوقفة حاليا.
وسط كل هذا، يبقى الإنسان في سوريا هو الخاسر الأكبر، إذ يدفع أطفال سوريا دون غيرهم ثمن الحرب، بعد حرمانهم من التعليم وأبسط أنواع العيش الكريم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة