دور حاسم لـ"عرب الداخل".. انتخابات الكنيست وصراع "نتنياهو-لابيد"
يشكل المواطنون العرب نحو خمس أعداد الإسرائيليين، ولكن أصواتهم ستحسم إلى حد كبير نتائج الانتخابات التشريعية الخامسة.
والثلاثاء المقبل، يصوت الإسرائيليون للمرة الخامسة في أقل من 4 سنوات، ولكن تصويت المواطنين العرب ستحدد بشكل كبير نتيجة الانتخابات.
ويقول المراقبون إنه إذا ما شارك المواطنون العرب بكثافة في هذه الانتخابات، فإنهم سيكونون قادرين على حصر القوة اليمينية الداعمة لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.
ويربط المراقبون بين تراجع عدد الناخبين العرب وبين قدرة نتنياهو على العودة إلى الحكم في إسرائيل.
وقال محمد خلايله، الباحث في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في جامعة تل أبيب: "في استطلاعنا، قال 70% من المستجيبين إنهم واثقون، أو يفكرون بالتصويت".
وأضاف، في بحث تلقته "العين الإخبارية": "تشير التقديرات الحالية إلى أننا سنشهد معدل إقبال فعليا أقل بكثير، وستجد القراءات المتفائلة أن الرقم أقرب إلى 50%".
وتابع خلايله: "في نهاية اليوم، ستحدد النتيجة من خلال قدرة الأحزاب العربية على تنظيم يوم الانتخابات، وتحفيز جمهورها على الذهاب للتصويت".
وتبذل الأحزاب العربية جهودا كثيفة لإقناع المواطنين العرب بالخروج والمشاركة بالانتخابات.
ولكن انقسام الأحزاب العربية وتنافسها فيما بينها قد يصعب من مهمة إقناع المواطنين بالمشاركة الكثيفة بالانتخابات.
وستشكل المشاركة الكثيفة للمواطنين العرب، في حال حدوثها، مفاجأة قد تصعب من مهمة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو بالعودة إلى الحكم.
وقال النائب أحمد الطيبي، رئيس القائمة العربية للتغيير، في شريط مسجل موجه للمواطنين العرب "ارتفاع كبير في نسبة التصويت لدى المتطرفين والمستوطنين أنصار بن غفير وسموتريتش، وبأيدينا الحل، الخروج للتصويت بقوّة".
وإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش هما زعيما حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف.
وبدوره، قال النائب أيمن عودة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة: "هذه الانتخابات واقفة (معلقة) على الصوت".
وأضاف في رسالة مسجلة للمواطنين: "موضوعيًا ووفق كل الاستطلاعات صوتُكَ، وصوتكِ هو المقرّر وهو الذي يغيّر المعادلة السياسية بالبلاد".
وحدة ثم انقسام
وبعد رفع نسبة الحسم في الانتخابات من 2% إلى 3.25% عام 2015، اضطرت الأحزاب العربية الأربعة، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والقائمة العربية الموحدة، والتجمع الديمقراطي الوطني والقائمة العربية للتغيير، للوحدة في إطار القائمة المشتركة.
وفي انتخابات عام 2015، حققت القائمة المشتركة إنجازًا غير مسبوق، حيث حصلت على 13 مقعدًا من أصل 120 في الكنيست وأصبحت ثالث أكبر فصيل في الكنيست وارتفعت إلى 15 مقعدا في انتخابات عام 2020.
لكن الشراكة السياسية بين الأحزاب الأربعة لم تدم في الحملات الانتخابية في أقل من عامين بين أبريل/نيسان 2019 ومارس/آذار 2021.
فقبيل انتخابات الكنيست في أبريل/نيسان 2019، انفصلت القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس عن القائمة المشتركة، وانخفض تمثيل العرب إلى 10 مقاعد منها 4 للقائمة العربية الموحدة و6 للقائمة المشتركة برئاسة أيمن عودة.
ولاحقا دعمت القائمة العربية الموحدة لأول مرة في تاريخ إسرائيل، حكومة نفتالي بينيت-يائير لابيد، فتفاقمت خصومتها مع مكونات القائمة المشتركة.
وقبيل انتخابات الكنيست المقررة الثلاثاء، انفصل التجمع الوطني الديمقراطي عن القائمة المشتركة وقرر خوض الانتخابات بصورة منفصلة، رغم أن استطلاعات الرأي العام أشارت إلى أنه لن يتمكن من تخطي نسبة الحسم.
وتخوض الأحزاب العربية الانتخابات القادمة مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني ضمن 3 قوائم، وهي القائمة العربية الموحدة المتوقع حصولها على 4 مقاعد وتحالف الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والقائمة العربية للتغيير المتوقع حصوله على 4 مقاعد.
كما يخوض التجمع الوطني الديمقراطي الانتخابات بقائمة، ويأمل في حصوله على مقاعد، ولكن استطلاعات الرأي العام تستبعد نجاحه.
وإذا ما صحت نتائج استطلاعات الرأي العام الحالية، فإن العرب سيمثلون في الكنيست القادم بـ8 مقاعد. لكن هناك آمالا فيما هو أكبر من هذا العدد.
وقال النائب سامي أبوشحادة، رئيس التجمع الوطني الديمقراطي، في دعايته الانتخابية: "التجمع في تصاعد مستمر وبحاجة لنخوة أهلنا وهممهم العالية لإدخال قائمة من 4 نواب للبرلمان ليصل عدد النواب إلى 12 نائبًا".
وكان التجمع أطلق حملة الأسبوع الأخير، لتشجيع رفع نسبة التصويت في المجتمع العربي، وإدخال 4 نواب عرب عن التجمع ليصل عدد الأعضاء العرب إلى 12 نائبا في الكنيست.
وأعلنت القائمة العربية الموحدة أنها ستبقي على دعمها لحكومة يائير لابيد، ولكن تحالف الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والقائمة العربية للتغيير لم يحسم أمره وإن كان يعارض بشدة نجاح نتنياهو بتشكيل حكومة.
ويقول مراقبون إن دعم القائمة العربية الموحدة وتحالف الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والقائمة العربية للتغيير قد يسهم في تشكيل لابيد للحكومة القادمة، وبالتالي يمنع نتنياهو من العودة إلى الحكم.
دعم نتنياهو!
في المقابل، شن نتنياهو هجوما على الحكومة الإسرائيلية الحالية لأنها تحظى بدعم القائمة العربية الموحدة؛ الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية في إسرائيل.
وخلال حملته الانتخابية الحالية، واصل رئيس الوزراء السابق، هجومه على القائمة العربية الموحدة تارة بوصفها "الإخوان" وتارة أخرى بوصفها "الإرهابيين".
وقال نتنياهو في تغريدة على حسابه في "تويتر": "يقول لابيد إنه لا يرفض تشكيل حكومة من مؤيدي الإرهاب. لقد قرر لابيد بالفعل حكومة مع الإخوان والقائمة المشتركة".
وأضاف: "إما أن تكون حكومة يمين، وإما فلسطين. أولئك الذين يريدون حكومة يمينية لمدة 4 سنوات عليهم فقط التصويت لحزب الليكود".
ولكن نتنياهو تفاوض مع القائمة العربية المشتركة في محاولة لتشكيل حكومة العام الماضي وسط تقديرات بأنه قد يعيد الكرة بعد الانتخابات القادمة في حال لم تحصل كتلته على 61 صوتا.
وفي حين تقول القائمة العربية الموحدة إنها حسمت أمرها بمواصلة دعم حكومة برئاسة لابيد فإن زعيمها منصور عباس لا يغلق الباب أيضا أمام دعم حكومة برئاسة نتنياهو وإن كان يرى ذلك صعبا.
أنماط تصويت العرب
وتاريخيا، شارك مواطنون عرب في انتخابات الكنيست منذ تأسيس إسرائيل في العام 1948.
ويقول الدكتور أريك رودينسكي، من المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في جامعة تل أبيب: "بشكل عام، يمكن تقسيم أنماط تصويت العرب إلى ثلاث فترات زمنية رئيسية".
وأشار في دراسة تلقتها "العين الإخبارية": "استمرت الأولى من عام 1949 إلى عام 1973 (الكنيست الأول إلى الثامن)، وهي الفترة التي اعتاد فيها العرب على وضعهم كأقلية"، مضيفا "خلال هذه الفترة، كان متوسط إقبال الناخبين العرب أعلى من المعدل الوطني (83.8% مقابل 81.4%)".
وأضاف: "الفترة الثانية، من 1977 إلى 1999 (الكنيست التاسع إلى 15)، تميزت بتداعيات احتجاجات يوم الأرض (1976)، والانتفاضة الأولى (1987-1993)، وتعزيز المكون الفلسطيني لهوية العرب الإسرائيليين، ومع ازدياد مستوى الوعي السياسي لدى المواطنين العرب، ازداد الجدل حول فوائد المشاركة في الانتخابات الوطنية".
وأشار إلى أنه: "خلال هذه الفترة، انخفض متوسط إقبال الناخبين في الانتخابات في الوسط العربي إلى 73.4%، وهو أقل من المعدل الوطني البالغ 78.9%".
وتابع: "المرحلة الثالثة، من 2003 إلى 2021 (الكنيست 16 إلى 24)، بدأت في ظل أحداث أكتوبر/تشرين الأول 2000 والانتفاضة الفلسطينية الثانية في الضفة الغربية وقطاع غزة".
ومضى موضحا "في أعقاب المواجهات العنيفة بين المواطنين العرب وفرق الشرطة في أكتوبر/ تشرين الأول 2000، والتي اندلعت في بلدات عربية في الجليل وفي وسط إسرائيل وأدت إلى مقتل 13 شابًا عربيًا، تعمقت العزلة بين المواطنين العرب ومؤسسات الدولة".
وأشار إلى أن "هذه التطورات مجتمعة أدت إلى انخفاض حاد في إقبال الناخبين وظهور مقاطعة انتخابات الكنيست في المجتمع العربي.. كان متوسط إقبال الناخبين في الوسط العربي 57% فقط، مقارنة بالمعدل الوطني البالغ 66%، وهو ما يمثل انخفاضًا حادًا بنحو 20 نقطة مئوية مقارنة بمتوسط المشاركة في القطاع العربي في التسعينيات".
aXA6IDE4LjIxOS4yMDkuMTQ0IA==
جزيرة ام اند امز