إلغاء استعمال اللغة الفرنسية في جميع الوثائق والمحررات الرسمية في بريد الجزائر وتعويضها بوثائق محررة باللغة العربية.
تزامنا مع احتفال الجزائر بالذكرى الـ55 لاستقلالها، أعلن مجلس إدارة بريد الجزائر، أنه قرر إلغاء استعمال اللغة الفرنسية في جميع الوثائق والمحررات الرسمية، وتعويضها بوثائق محررة باللغة العربية، مع وضع الآليات اللازمة لتطبيق القرار على أرض الواقع.
القرار جاء بعد أيام فقط من تعيين، عبدالكريم دحماني، مديرا عاما لبريد الجزائر.
وبحسب بيان وزع على وسائل الإعلام، فقد تقرر تحرير الوثائق الإدارية لبريد الجزائر باللغة العربية سواء ما تعلق منها بالعقود أو القرارات وكل ما يتعلق من وثائق تصدر عن بريد الجزائر؛ حيث جاء فيه "أن استعمال اللغة الوطنية في تحرير الوثائق الرسمية سيكون لتعيض اللغة الفرنسية المستعملة حاليا".
- ترقية أول امرأة إلى رتبة لواء في الجيش الجزائري
- رامز ليس الوحيد.. مطالب بوقف برامج الكاميرا الخفية في الجزائر
كما أشار محضر اجتماع مجلس إدارة بريد الجزائر، إلى "أن القرار تم اتخاذه في اجتماع استثنائي سابق شهر إبريل/نيسان الماضي وتمت إحالته على التطبيق، لكنه لم يعرف التجسيد الفعلي على أرض الواقع ولو لبند واحد منه".
وكانت الحكومة الجزائرية السابقة، أعلنت نهاية العام الماضي عن إصدار معاجم تضم كل المصطلحات التقنية والإدارية لكل قطاع، بهدف تسهيل عملية الترجمة من الفرنسية إلى اللغة العربية في كل وثائق الحالة المدنية والمحررات الإدارية.
غير أن قرار إدارة بريد الجزائر يعتبر الأول من نوعه في الجزائر رغم إعادة إقرار الجزائر تعريب المحررات والوثائق في كل الإدارات منذ العام الماضي، في محاولة لإعادة إحياء قانون تعميم اللغة العربية الذي تم إقراره سنة 1990، غير أن اللغة الفرنسية بقيت مهيمنة على الإدارات الجزائرية.
قرار تأخر 55 عاما
وفي تعليقه على قرار إدارة بريد الجزائر، قال أستاذ اللغة العربية في جامعة الجزائر، الأستاذ إبراهيم حشاشنة، في اتصال مع بوابة "العين" الإخبارية: "رغم أنه متأخر بـ55 سنة إلا أنه يبقى قرارا جريئا ومهما بالنظر إلى أن مؤسسة بريد الجزائر من أكبر المؤسسات التي تتعامل مع أكبر عدد من الجزائريين".
ووصف الأستاذ الجامعي القرار بأنه "بداية إنهاء الاستعمار الثقافي في الإدارة الجزائرية، ونأمل في تعميم هذا القرار على بقية الإدارات الجزائرية، فكيف يعقل أن تكون اللغة العربية هي اللغة الرسمية للجزائر، وتبقى الفرنسية هي المهيمنة على الإدارة الجزائرية".
وأضاف أنه "بعد مرور أكثر من نصف قرن على استقلال الجزائر، لم يبق هنالك سبب مقنع يدفع الجزائر للتسمك بالفرنسية، خاصة أنها لغة تتقهقر سنويا في العالم لحساب الانجليزية والصينية والروسية وحتى اللغة العربية".
سياسة جديدة منفصلة عن فرنسا
أما أستاذ العلوم السياسية، لزهر ماروك، وفي حديث مع بوابة "العين" الإخبارية، فقد قال: "إن تزامن هذا القرار مع ذكرى استقلال الجزائر فيه رسالة واضحة بأن الجزائر جادة فعلا في المضي نحو إلغاء التشبث بالفرنسية، والأمر لا يتعلق فقط بلغة، بل بسياسة جزائرية جديدة منفصلة بالكامل وتدريجيا عن فرنسا التي رغم أنها خرجت من الجزائر منذ 55 سنة إلا أن ثقافتها بقيت في الجزائر".
وأشار الأستاذ الجامعي "إلى القرار يتزامن أيضا مع تراجع استعمال اللغة الفرنسية في العالم وفي الجزائر تحديدا، خاصة أنها كانت من أكبر الدول استعمالا للفرنسية، لكن شباب اليوم كانوا أكثر جرأة واستبقوا القرارات الرسمية بتفضيلهم لغات أخرى خاصة الإنجليزية".
كما أعرب عن أمله "في أن تتخذ بقية المؤسسات والشركات الجزائرية القرار نفسه؛ لأن الأمر يتعلق بدولة مستقلة أولا، وثانيا بدولة لغتها الرسمية العربية، وهذا أبسط قرار يمكن اتخاذه للحفاظ على هوية دافع عنها الجزائريون ودفعوا أرواحهم ثمنا لها خلال فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر".
يذكر أن آخر تقرير للمجلس الأعلى للفرانكفونية قد أشار إلى تقهقر الفرنسية بالجزائر في السنوات الأخيرة، حيث أشار إلى أن نسبة الجزائريين الذين يتحدثون اللغة الفرنسية انخفض إلى أقل من 28%، أي ما يعادل 11 مليون جزائري من أصل 41 مليون نسمة.
وبهذه النسبة تتراجع الجزائر إلى المرتبة الرابعة عالميا ضمن الدول الفرنكوفونية، بعد أن تجاوزت النسبة 60% منذ استقلال الجزائر.
كما أظهر استطلاع للرأي في الجزائر شهر فبراير/شباط الماضي، أن 88.1% يرون أن اللغة الإنجليزية تستحق أن تكون الأولى بعد اللغة العربية، في حين حصلت اللغة الفرنسية على 11.9%.
وهي النسبة التي تزامنت أيضا مع مطالب عدد من نقابات التربية في الجزائر لإعطاء الإنجليزية حقها في التعليم واعتمادها كلغة أولى بعد العربية في التدريس بدلا عن الفرنسية.
aXA6IDMuMTM1LjIwOS4xMDcg جزيرة ام اند امز