الحوار والحديث الدائر اليوم، في كل أنحاء العالم العربي على مختلف المنافذ الإعلامية.
متعلق بمهمة أول رحلة عربية استكشافية من نوعها إلى مدار كوكب المريخ بقيادة مسبار الأمل الإماراتي الذي أطلق في يوليو من العام الماضي، إذاً فهو الموضوع الأهم، وهي اللحظة التي تُشعر الإنسان العربي بالنشوة والفخر في تحقيق انعطافة تاريخية في مسيرته الحضارية.
وستكون دولة الإمارات بتحقيق هذا الإنجاز هي الدولة الخامسة التي تصل إلى المريخ بعد كل من: الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي السابق، والاتحاد الأوروبي، والهند، في حين ستكون الصين هي الدولة السادسة التي يتوقع أن تصل يوم غد الأربعاء، ما يعني أن المسألة ظاهرة معنوية على المستوى الدولي، وخطوة محفزة للشعوب العربية، وعليه فهي تستحق الانتباه والمتابعة من الذين يشتغلون في صناعة المستقبل، لأنه حدث كبير ومفيد للتأمل في نفسية هذا الإنسان الذي عاش تاريخه دون إنجازات تنموية.
اعتدنا، كمواطنين عرب، أن نتحدث عن إنجازات الآخرين ونقص حكاياتهم في غزو الفضاء والاستكشافات العلمية التي أحدثوها، ولكننا اليوم نجبر الرأي العام العالمي على التوقف أمام إنجاز عربي إنساني سيسجله التاريخ.
فمن اليوم لم يعد وصول العرب إلى المريخ حلماً، كما كان قبل أعوام قصيرة، ولكن تحول فعلاً في دولة الإمارات إلى واقع نعيشه ونتحدث عنه بكل اعتزاز. فالأمر فيه فخر عربي كبير، كونها أول مهمة عربية، وهي صممت بهدف أن تكون حافزاً ومصدر إلهام للشباب العربي في منطقة عُرف عنها أنها مصدر للأزمات والصراعات بكل أنواعها، ولكن إرادة الإنسان الإماراتي باتت تغير الكثير من المفاهيم النمطية حول هذه المنطقة.
ولو نظرنا إلى الحدث من الناحية الاستراتيجية فهو ترجمة حقيقية لقيادة تمتلك رؤية وبوصلتها الخاصة نحو الهدف الذي تسعى إليه، كما أنه ترجمة لإرادة شعب سجله التنموي لا يعرف المستحيل، فهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تنجح فيها دولة عربية في غزو الفضاء، وهو ما يفتح الأفق لدور عربي فاعل في العالم لتقرير ملفات قضايا المستقبل الإنساني.
مثل هذه الإنجازات لا تتحقق بالأمنيات وأحلام اليقظة أو بالشعارات، وإنما بالتخطيط والتفكير بالاستثمار في الإنسان باعتباره الثروة الحقيقية لنهضة الأمم، وهذه المسألة كانت ضمن أولويات القيادة الإماراتية في كل مرحلة تنموية إلى أن جاءت مرحلة التمكين وهي مرحلة قطف الثمار بعد أن اكتملت مراحل التأسيس والبناء، فتحول أبناء الإمارات إلى طاقة من المهارات والأفكار الإبداعية لخدمة الإنسانية وتحقيق النهضة العربية.
حديث الإنجازات ليس حدثاً جديداً على دولة الإمارات وشبعها، فهي على مدى تاريخها ومنذ تأسيس اتحادها الذي تحتفل، خلال هذا العام، باليوبيل الذهبي له، تتقن إدارة النجاح بشكل متميز، وتمتلك الأدوات والوسائل التي تمكنها من تحقيق تلك الإنجازات، وهو ما يشير إلى أنه قبل أن تفاجئ دولة الإمارات الآخرين بأي إنجاز فإنها اعتادت أن تجعل من الخطوات المستحيلة أمراً عادياً لها، وهذا ما يجعل الثقة اليوم بأن نجاح المهمة أمر ضمن دائرة التحقيق والحدوث، وإذا تواجد هنا قلق وشك فهو لا يتعدى قلق الباحث عن النجاح وهو أمر مشروع وإلا سيفقد ذلك الحس الذي يعيشه الباحث أثناء رحلة الاستكشاف عن المجهول.
مثلما كان نجاح إطلاق المسبار في يوليو الماضي إحدى المفاجآت التي لم تكن ضمن دائرة المتشككين والمترددين، فإن الأمر سيتكرر اليوم بإذن الله وسيحقق العرب حلمهم، فالثقة موجودة بين كل العرب في نجاح قيادة دولة الإمارات وتكرارها في إبهار العالم. وسيكون المشهد العربي اليوم بأكمله.. رائعاً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة